الأحد 5 مايو 2024

عذراء الشاشة «المناضلة»

17-4-2017 | 09:57

بقلم : عاطف بشاي

كانت ومازالت «عذراء الشاشة» والمناضلة والمراهقة الفنانة الكبيرة والقديرة "ماجدة" والتي تنتمي لجيل الرعيل الأول من رواد السينما المصرية مبدعة مثيرة للجدل متفردة في معاركها الفنية والسياسية .. ومواقفها الوطنية وحياتها الخاصة وظروف نشأتها وطبيعة الصراعات التي خاضتها محتفظة بشخصية آسرة قوية الإرادة .. صعبة المراس .. عنيدة في انتزاع حقوقها .. وتحقيق طموحاتها .. تشعرك دائماً أنها بمفردها تمثل مؤسسة كبيرة تقود كتيبة من المبدعين في صناعة معقدة .. تنوعت أدوارها بداخلها ما بين تمثيل أو إنتاج أو توزيع أو إخراج .. حيث كانت أصغر منتجة في العالم عمراً حينما بدأت الإنتاج السينمائي منذ أن بلغ عمرها العشرين عاماً بفيلم "أين عمري" وتنبأت لها المنتجة الكبيرة "آسيا" بأن تصبح امتداداً لها..

تعتبر السطور السابقة هي المدخل الذي اعتمد عليه الكاتب الشاب "السيد الحراني" في كتابه المهم «مذكرات ماجدة الصباحي» .. فهو يعترف بمفاجأته أن حياتها لم تكن كتلك الحياة المعروفة مسبقاً لدى الجمهور التي تتكون في خيالهم من خلال ما تنشره الصحف وتعرضه البرامج التليفزيونية ضمن فقراتها عن معيشة بعض الفنانات والمنتمين للوسط الفني التي تسوق لنا دائماً بأنها تتمتع باللهو والمرح .. بل كانت رحلة حياتها صارمة إلى أبعد مدى وكما يقول "الحراني" كما أنها كانت ولاتزال تحمل في مضمونها الجدية لما كانت تعتقده من أفكار تتواكب في أحيان .. وتتعارض في أحيان أخرى كثيرة مع الحركة السياسية التي صاحبتها في تلك المرحلة ، حياة لم تحمل في طياتها إلا تجربة زواج واحدة فقط وتجارب إنتاج متعددة وتجارب تمثيل أدوار متنوعة فقد كان لها رأي سياسي تبنته في الكثير من أفلامها .. وهي أنها تنحاز دائماً إلى جانب العدالة الإجتماعية وحصول البسطاء على حقوقهم الشرعية .. ومن أجل ذلك كانت توجه لها دائماً الاتهامات بأنها شيوعية .. ولكنها كانت تؤكد دائماً على أن ما تنادي به هو مبدأ أصيل في الدين الإسلامي .. ولكن عندما سألتها في إحدى الجلسات التي جمعتني بها أثناء إعداد الكتاب عن حقها وحظها في التكريم عبرت بأسى عن مدى الظلم الذي كانت تتعرض له وكانت كلماتها تقطر ألماً وحزناً وهي تشكو حالها بعد أن تنكرت لها الدولة وظلمتها .. ولم تكرمها بالشكل اللائق بها وتشكو أيضاً من تجاهل الكثيرين لإنجازاتها .. وكانت تظن أن الثورة المصرية الأخيرة جاءت لتصحيح المفاهيم وتعطي كل ذي حق حقه .. ولكن زاد حزنها لما قام به بعض المنتمين لصفوف ثورة الخامس والعشرين من يناير بإدراجها ضمن أسماء المدرجين على القوائم السوداء على الرغم أن ذلك لم ينتقص من تاريخها الفني والوطني الذي يعلمه الجميع في مصر والمنطقة العربية والعالم أجمع إلا أنها أكدت أنها أول من نادت بالثورة على الظلم والاستبداد من خلال عملها الخالد "جميلة" الذي أخرجه "يوسف شاهين"

والحقيقة أن الكتاب الذي بذل فيه الكاتب الطموح جهداً خارقاً في الإلمام بكافة الجوانب التي تمثل حياتها الفنية والشخصية بالغة الثراء والقيمة.. بالإضافة إلى أنه يعتبر وثيقة ثمينة تعكس عصراً هاماً في مسيرة وطن وفن وحياة .. فهو يكشف عن عشرات من المواقف والأحداث والمفارقات الشيقة ذات الدلالات العميقة التي عاصرت بعضها من خلال علاقتي بها التي امتدت لسنوات طويلة تعاونت فيها معها في عملين هما الفيلم التليفزيوني "ونسيت أني امرأة" قصة "إحسان عبد القدوس" وإخراج "عاطف سالم" ومسلسل "شخلول" قصة "يوسف جوهر" وإخراج "حسن إبراهيم" ..

كما أن الكتاب يعكس قصة كفاح فريدة .. وعامرة تستحق إلقاء الضوء عليها ومناقشتها في عدة مقالات قادمة.