شهد عام 1961 الجراحة الثالثة التي
تعرض لها الفنان عبد الحليم حافظ، حيث قضى في لندن 34 يوما، تماثل في آخرها للشفاء
حسب ما جاء في عدد الكواكب بتاريخ 20 يونيه 1961، على لسان صديقه المقرب الفنان
منير مراد، والذي سافر معه ولم يتركه لحظة واحدة، إلا ساعات النوم فقط، وحرص منير
أن يسعد حليم ويهون عليه أيامه بكل وسائل المرح التي يملكها.
روى منير مراد أنه غادر القاهرة مع
حليم والمخرج عز الدين ذو الفقار في 18 مايو 1961، وما كان الغرض من ذلك السفر إلى
لندن إلا للاستشارة فقط والاطمئنان على صحة حليم بعد النزيف الحاد الذي تعرض له في
القاهرة قبلها بأسابيع قليلة، وأكد منير أن الرحلة كان مقررا لها ثلاثة أسابيع فقط،
يجري كل منهم الكشف على نفسه خلال الثلاثة أيام الأولى في لندن، ثم يقضون باقي
الأجازة للترويح عنهم في أوروبا.
ذهب حليم إلى مستشفى كلينك في لندن في
اليوم الرابع لإجراء كشف بالمنظار، وهو من أشق الفحوص التي استمرت ثلاث ساعات
بعدها طمأن الأطباء حليم أنه بخير، وأسعدت النتيجة حليم لكنه بعد يومين شعر بمغص
شديد وتم فحصه سريعا بالمنظار مرة أخرى، وأخبره الأطباء بأن ذلك مغص عرضي، إلا أن
الآلام كانت شديدة واستمر حليم تحت الفحوصات والكشف بالمنظار لمدة 18 يوما كاملة،
وأصبح حليم عصبيا بسبب حالته، وأكد منير أن الجميع كانوا يصلون ويتوجهون إلى الله
بالدعاء كي يخفف عنه الآلام.
عاد عز الدين ذو الفقار إلى مصر وسافر
مكانه الموسيقار كمال الطويل إلى لندن ليكون مع حليم ومنير مراد، وفي اليوم الثامن
عشر بعد فحص استمر 12 ساعة وجد الأطباء حصوة غير مستقرة بين القناة الموجودة بين
المرارة والكبد .. كان حليم قد أصبح في حالة إعياء شديدة وكثير الهلوسة بسبب تأثير
المخدر وأيضا لأنه لم يتناول الطعام طوال تلك المدة، وكان يعيش على الماء والعصائر
فقط.
انتقل حليم من مستشفى سان جيمس التي
كانت تجرى بها الفحوصات إلى مستشفى كلينك بعد أن تقرر إجراء الجراحة له لإزالة
الحصوة المسببة لآلامه، والتي تستلزم إزالة المرارة نفسها على يد لطبيب
"تانر" الذي انتظر حضور الدكتور إبراهيم سويدان، وتم إجراء الجراحة التي
حضرها أكثر من خمسة أطباء عرب يعيشون في لندن منهم الدكتور حنا السيد الجراح
العالمي في مستشفى همر سميث والدكتور أنور ربيع.
بعد ثلاثة أيام من إجراء الجراحة
تماثل حليم للشفاء، وكان تانر أثناء العملية قد اطمأن على حجم الكبد وعدم تضخمه، ما دعا حليم إلى الذهاب إلى الدكتورة "شيلا سيرلوكوس" أكبر أخصائية
عالمية في أمراض الكبد لكي يطمئن أكثر على كبده، وبعد كشف استمر أربع ساعات طمأنته
الطبيبة على سلامة كبده رغم الجراحات التي تعرض لها.. وأكد منير مراد أن من أسباب
سعادة حليم وتماثله السريع للشفاء كان ذلك الوابل من المكالمات الدولية والخطابات
والتلغرافات من مصر والوطن العربي، سواء من الشخصيات الهامة ونجوم الفن أو من
الجماهير العربية والمصرية.
غادر حليم ومنير مراد بعد ذلك إلى
باريس، وعند الطبيب "لييز" أراد حليم الاطمئنان على نفسه بإعادة الكشف
بعد العملية الجراحية، فطمأنه الطبيب وحذره من الإجهاد وألا يزيد ساعات العمل عن
ست ساعات ولا تقل ساعات النوم عن تسع، مع منع السهر تماما ، ثم غادروا إلى سويسرا
ليعيش هناك حليم فترة من النقاهة، عاد بعدها الجميع إلى القاهرة في الساعة الثانية
فجر السبت 17 يونيه 1961 حيث كان في استقباله الأهل ولفيف من نجوم الفن .