الخميس 16 مايو 2024

دراما العنف السادى !

17-4-2017 | 09:59

بقلم : مى محمود

قصة تعذيب الطفل آسر على يد زوجة أبيه المستشار والتى تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعى وأصابت المصريين بالصدمة والذهول تذكرنى بمشهد تعذيب خوخة فى مسلسل " الستات قادرة " حيث تبارى أفراد الأسرة فى اختراع وسائل تعذيب مروعة لإجبارها على الاعتراف بسرقة النقود، فسارع الزوج بحرقها بملعقة ساخنة واستجمعت الزوجة قوتها وراحت تصفعها على وجهها بتلذذ سادى يحتاج لتحليل خبراء الطب النفسى لسمات هذه الشخصية المريضة التى أصبحت شبه ظاهرة فى المجتمع المصرى.

أيضا فيديو البلطجى الذى أخرج ساطوراً من ملابسه وراح يسدده بعشوائية فى أجساد المواطنين الأبرياء فقتل رجلاً وامرأة فى مشهد يشبه تماما مشاهد البلطجة التى مارسها محمد رمضان فى مسلسله الأخير «الأسطورة» والقضية جد خطيرة تضع بعض المنتجين فى قفص الاتهام وتحمل الرقابة على المصنفات الفنية مسئولية أجازة عرض هذه المشاهد فى مجتمع يفتقد الكثير من القيم الدينية والأخلاقية فى ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية متردية وتخلى رجال الدين والثقافة والاعلام والتعليم عن القيام بواجباتهم المقدسة للارتقاء بوجدان هؤلاء المراهقين الذين يتهافتون على تقليد محمد رمضان باعتباره بطلاً شعبيا بينما يرتدى عباءة بلطجى يحرض على الخروج على القانون!

لم يكتف محمد رمضان بترويج مشاهد البلطجة فى مسلسل «الأسطورة» بل راح يروج لفيلمه «جواب اعتقال» على أحد مواقع التواصل بعرض صور ومقاطع فيديو لحظية من الفيلم قبل الحصول على تصريح بالعرض ،لكن الفيلم خرج من السباق بعد رفض الرقابة أجازة عرضه إلا بعد التعديل!

وربما تسليط الضوء على «محمد رمضان» ليس من فراغ فقد انتشرت البلطجة وتلطخت الشوارع بالدماء بسبب ما لعبه من أدوار عنف ألبسها ثوب البطولة والرجولة والفتونة القبيحة حيث برع فى تجسيد شخصية البلطجى وتخطى جميع الخطوط الحمراء فى هذا الفيلم الذى يعد تهديداً للأمن القومى ودعوة للتطرف والإرهاب تعصف بالسلام الاحتماعى.

محمد رمضان الذى أصبح طرفاً رئيسياً فى المعادلة السينمائية وتمثل أفلامه الأعلى إيراداً فى شباك التذاكر صدم جمهوره بفيلمه الأخير " آخر ديك فى مصر " الذى تراجع بشكل ملحوظ ليأتى فى المقدمة فيلم " القرد بيتكلم " الذى حقق أعلى الايرادات بما يثبت تماماً أن محمد رمضان لايستطيع أن يثبت وجوده إلا فى أفلام السبكى، والدليل تراجع ايرادات الفيلم عندما تعاون مع المنتج كامل أبو على وغيّر جلده من الأكشن إلى الكوميديا دون أى مقدمات كما أن طرح البرومو والإعلان الخاص بالفيلم جاء مخيباً لآمال الجمهور فأظهره بشكل ساخر وساذج ومفتعل وثقيل الظل فما زال فى أعماقه متعلقاً نفسياً وعاطفياً بشخصية الشاب البلطجى!

وربما الهدف من طرح هذه القضية توجيه رسالة إلى منتجى الدراما السينمائية والتليفزيونية بأن لدينا جمهوراً يحتاج إلى أعمال فنية تهدهد مشاعره المتألمة من كثرة الحوادث والجرائم الإرهابية والجنائية التى تلاحقه فى اليقظة والمنام، فقد اختفت الرومانسية من المسلسلات والأفلام السينمائية وتربعت دراما العنف ملكة على عرش الفن المصرى ،بينما الجمهور يريد ما يعيد للأذهان ذكريات زمن الفن الجميل ، فمازلنا نبكى لمشاهدة فيلمى " نهر الحب " و"يوم من عمرى " وغيرهما من أفلام الحب الرومانسى والتعاطف الإنسانى النبيل ، فرسالة الفن ليست فقط تجسيد الواقع المتردى بكل سلبياته وسخافاته من عنف ودم وعشوائيات وخلاعة وانحلال ومخدرات ، إنما تغيير هذا الواقع بأعمال فنية هادفة تهذب الوجدان وتسمو بالمشاعر والأحاسيس وترتقى بالسلوك والمعتقدات والذوق العام .