الخميس 27 يونيو 2024

الصناعات المحلية طوق النجاة لمواجهة التداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا.. خبراء: نحتاج إلى استراتيجية لإحلال المنتج المحلي محل الواردات.. وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة لتلبية احتياجات السوق

تحقيقات16-4-2020 | 17:23

أكد خبراء اقتصاديون وبرلمانيون أن الدولة المصرية اتخذت قرارات لدعم الصناعة والإنتاج المحلي خلال الفترة المقبلة ضمن إجراءات مواجهة تداعيات أزمة فيروس كورونا، موضحين أن هذه الأزمة ستلقي بظلالها على معدلات الاستيراد والتصدير العالمية بسبب تقليص الإنتاج مما يتطلب وضع استراتيجي لإحلال المنتج المحلي محل الواردات وتعزيز الصناعات المهمة.


وفي أحدث توقعاته، رصد تقرير لصندوق النقد الدولي أن مصر الدولة الوحيدة بالمنطقة المتوقع نمو اقتصادها عام 2020 بالرغم من أزمة كورونا، متوقعاً أيضاً احتلالها المركز السادس عالمياً ضمن 18 دولة فقط ستشهد نمواً اقتصادياً عام 2020، مشيداً في الوقت نفسه بالإجراءات التي تتخذها الدولة لاحتواء الآثار الاقتصادية لتلك الأزمة.


حيث أشار الصندوق إلى أن الاقتصاد المصري ينمو بالرغم من أن هناك احتمالات كبيرة أن يشهد الاقتصاد العالمي هذا العام أسوأ ركود له منذ الكساد الكبير 1930، متجاوزاً ما شهده خلال الأزمة المالية العالمية 2008.

 

معدلات نمو إيجابية

وفي هذا السياق، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن أزمة فيروس كورونا بالتأكيد سيكون لها خسائر على مستوى العالم ومن بينه مصر في قطاعات بعينها مثل السياحة والطيران والأخرى المرتبطة بالمطاعم والفنادق، نتيجة لتوقف النشاط، لكن هناك فرصا في التداعيات الراهنة مثل تحقيق مستويات أكبر من الاكتفاء الذاتي وزيادة طرح المنتج المصري في السوق بشكل أكبر والاستفادة من موارد الدولة واستغلالها الاستغلال الأمثل.

 

وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن التحدي الآن هو تحقيق التوازن بين استمرار الإنتاج وحماية أمن وسلامة المواطنين، مضيفا إن الدولة المصرية اتخذت مجموعة من القرارات الاقتصادية الهامة التي تضمن حوافز للمستثمر وللقطاع الخاص، ومع التسهيلات التي تقوم بها الدولة تمنح فرصة للقطاع الخاص والاستثمار بشرط الحفاظ على سلامة العاملين.

 

وأكد أن وضع الاقتصاد المصري أفضل من اقتصادات أخرى، حيث خرجت مؤشرات من المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي تتوقع تحقيق مصر معدلات نمو إيجابية هذا العام، لافتا إلى أنها ستكون أقل من المتوقع نتيجة تداعيات الأزمة، لكنها ستظل الأفضل مقارنة بدول المنطقة.

 

وأضاف إن الدولة تؤمن السلع الأساسية في السوق المصري وتوفر الخدمات، كما أخذت الدولة قرارا منذ أيام وخفضت أسعار البنزين، مشيرا إلى أن الدولة بدأت التحرك منذ بداية الأزمة في فكرة تعزيز الصناعات المحلية حيث شملت قراراتها تخفيض أسعار الغاز الطبيعي وأسعار الكهرباء للجهد العالي والفائق وتخفيض أسعار الفائدة 3% وتأجيل أقساط القروض وكذلك دعم المصدرين بنحو 3 مليار جنيها، وزيادة أسعار توريد القمح.

 

وأشار إلى أن الدولة تقدم تسهيلات كبيرة لاهتمامها بقطاعات الزراعة والصناعة وكذلك التشييد والبناء وكذلك القطاع العقاري، حيث تستهدف الدولة استكمال مشروعاتها سواء الخاصة بالإسكان الاجتماعي أو النقل والطرق، مضيفا أن هذه الحوافز مرتبطة برسالة هامة بعث بها الرئيس السيسي بضرورة الحفاظ على سلامة العاملين والالتزام بالإجراءات الاحترازية.

 

قرارات لدعم الصناعة والإنتاج المحلي

ومن جانبه، قال سمير البطيخي، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، إن مصر بدأت في دعم الصناعة المحلية خلال السنوات الماضية وخاصة بعد أزمة فيروس كورونا حيث اتخذت الدولة مجموعة من الإجراءات مثل خفض سعر الطاقة للصناعات كثيفة الاستهلاك، كما قام البنك المركزي بعدة مبادرات لتسوية مديونيات أصحاب المصانع المتعثرة الجادين لإعادة العمل مرة أخرى.

 

وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هذه الإجراءات ستعمل على دعم الصناعة خلال الفترة المقبلة، حيث أكدت أزمة فيروس كورونا أهمية توفير المنتج المحلي لأنها أكدت أن الاستيراد قد يتوقف في أي لحظة بما قد يسبب معاناة، مؤكدا أن المصانع بدأت في توفير بدائل للمنتجات المستوردة للمرور من هذه الأزمات والخروج منها بفائدة.

 

وأكد أن الصناعة ستعود بخطى سريعة، بعد هذه الأزمة ولا سيما صناعة الدواء والأجهزة الطبية، مضيفا إن هناك بعض المبادرات من المصانع ومن بينها مصانع الإنتاج الحربي لإنتاج الجهزة المستخدمة في القطاع الصحي.

 

وأشار إلى أن صندوق النقد في توقعات له أكد أن الاقتصاد المصري سيواصل تحقيق معدلات نمو مرتفعة مقارنة بدول المنطقة بعد أزمة فيروس كورونا، في شهادة ثقة جديدة، مؤكدا أن برنامج الإصلاح الاقتصادي المالي والنقدي والبيئة التشريعية القوية منذ 2014 ساهمت في أن تكون مصر الدولة الوحيدة في المنطقة التي ستحقق معدلات نمو جيدة.

 

وأضاف إن برنامج الإصلاح الاقتصادي ساهم في صمود مصر أمام هذه الأزمة التي أضرت بأقوى الاقتصاديات العالمية.

 

 

تشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة

وقال اللواء حسن السيد، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، إن أزمة فيروس كورونا ستلقي بظلالها على اقتصاديات كل دول العالم، ولكن الإجراءات الاستباقية التي اتخذتها الدولة منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي وتحمل الشعب المصري إجراءاته الصعبة حققت معدل نمو في عام 2019-2020 يبلغ 5.8%.


وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن أزمة كورونا أثرت على معدلات التصدير والاستيراد والإنتاج والعمالة، مضيفا إن الرئيس عبد الفتاح السيسي أخذ مجموعة من القرارات لتحفيز المنتجين والصناع لمواصلة عملية الإنتاج والخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر والضرر.

 

وأكد أن مصر بعد تخطيها أزمة فيروس كورونا ورغم أن معدل النمو سيتراجع عما كان متوقعا، لكن الاقتصاد المصري سيواصل تفوقه لأنه يقف على أرض صلبة مدعوما بإجراءات الدولة القوية في ترسيخ الاستثمار والنمو الاقتصادي، موضحا أن مصر كانت تعتمد على الاستيراد لكن بعد أزمة كورونا آن الأوان لتعميق الصناعة المحلية.

 

وأضاف إن الشركات الوطنية ساهمت في توفير المستلزمات الطبية الحالية كملابس الوقاية والمطهرات وغيرها، مؤكدا أن الدولة المصرية ستأخذ منحى بعد كورونا في تشيجع الصناعات الصغيرة والمتوسطة لزيادة الاعتماد على أنفسنا في المنتجات التي توقف فيها الاستيراد لتحقيق معدلات أفضل وتلبية احتياجات السوق.

 

 

استراتيجية لإحلال المنتج المحلي محل الواردات

فيما قال الدكتور إيهاب الدسوقي، الخبير الاقتصادي، إن أزمة فيروس كورونا سيكون لها تداعيات في استيراد بعد الصناعات الأساسية المهمة للاقتصاديات بسبب تقليص الإنتاج مما يدعو الدول لتقليل صادراتها، موضحا أنه لا بد من التركيز خلال الفترة القادمة في تعزيز الصناعات الأكثر أهمية للاقتصاد المصرية بدلا من استيرادها من الخارج.


وأوضح الدسوقي، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أنه يجب مراعاة المزايا النسبية لكي لا نتعرض في المستقبل لأزمة نقص السلع الصناعية بسبب تأثر الاستيراد، مضيفا إنه على وزارة الصناعة أن تضع استراتيجية لإحلال المنتج المحلي محل الواردات وتساعد المصانع بالمعلومات وبالدراسات اللازمة في هذا الصدد.


وأكد أنه من المهم مشاركة القطاع الخاص في هذا الأمر بأن يعمل على إنتاج السلع التي نستطيع إنتاجها بدلا من الاستيراد، موضحا أنه وزارة المالية أن تتخذ بعض الخطوات كتخفيض أو تأجيل الضرائب على هذه المصانع، وتحديد إجراءات تحفيزية لتشجيعهم في ظل الظروف الصعبة وانخفاض الطلب.


وأشار إلى أنه من الصعب التنبؤ حاليا بمعدلات النمو سواء في مصر أو في العالم لأنه غير معروف حتى الآن المدة الزمنية لاستمرار الأزمة الحالية، موضحا أنه كلما طالت فترة وباء كورونا كلما أدى ذلك إلى انخفاض معدل النمو الاقتصادي وظهور أزمات ومشاكل أكثر.