أكدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في افتتاحية عددها اليوم الأربعاء أن إيجاد لقاح لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) يتطلب في حقيقة الأمر جهدا عالميا كثيفا.
واستهلت الصحيفة افتتاحيتها في هذا الشأن (والمنشورة على موقعها الالكتروني) بالقول إن الآمال في جميع أنحاء العالم تتعلق بضرورة إيجاد لقاح للتغلب على فيروس كورونا بما يسمح للحياة بأن تعود إلى طبيعتها مجددا.
ومن جانبه، أظهر الاتحاد الأوروبي قيادة جديرة بالثناء في استضافة اجتماع دولي هذا الأسبوع لجمع الأموال لتسريع جهود إيجاد علاج واحتواء هذا الفيروس الشرس غير أن الحكومات والمانحين وشركات الأدوية الدولية ستحتاج إلى بذل المزيد من الجهد في الأشهر المقبلة لضمان حصول السكان، سواء كانوا أغنياء أو فقراء، على فرص عادلة من العلاج.
وأضافت الصحيفة:" أن المبالغ التي تم جمعها حتى الآن لأحدث المبادرات عبر الحدود - والتي بلغت حوالي 8 مليارات دولار - هي في حقيقة الأمر أقل من ثلث ما تشير إليه التقديرات المتحفظة بأنها ستكون ضرورية فقط لتزويد العالم باللقاحات. لذلك، فإن إعطاء الأولوية لهذا التمويل - وهو يعد التزاما متواضعا مقارنة بالتداعيات الاقتصادية التي تسبب فيها هذا الوباء- أمر حيوي. كما تحتاج البلدان إلى تقاسم العبء، والإصرار على التضامن العالمي وضمان وجود آلية عادلة لإدارة وتوزيع الأدوية اللازمة. ولكن للأسف، لم تشارك دول مثل الولايات المتحدة والهند وروسيا في مبادرة جمع التبرعات في هذا الأسبوع".
وأكدت الصحيفة أنه "في حين تم إحراز بعض التقدم في العلاجات والتشخيصات، فإن اللقاحات لا تزال في مرحلة مبكرة وغير مؤكدة. لذلك، يجب التعامل بحذر مع الآمال في أن يتمكن العالم من وضع حد لهذا الوباء بسرعة. فليس هناك ما يضمن ظهور منتجات آمنة وفعالة للتلقيح الشامل قبل أواخر العام المقبل".
وعلى المدى القصير، أبرزت "فاينانشيال تايمز" ضرورة وأهمية زيادة الاستثمار في أبحاث اللقاحات لمعرفة أي من أكثر من 80 علاجا محتملا تم تحديدها بالفعل ويمكن استخدامه في نهاية المطاف. ويمكن للتمويل العام الذي تدعمه الشركات والعمل الخيري تسريع وتيرة هذا التقدم.
وتابعت الصحيفة:" إن القرارات الصعبة ربما تكون مطلوبة بعد ذلك لتحديد اللقاح أو العلاج الذي يتحتم السعي إليه. كما يجب أن تستند خيارات التمويل إلى أفضل الأدلة العلمية العالمية، بغض النظر عن مكان وجودها".
ومع ذلك، حذرت الصحيفة البريطانية من وجود مؤشرات لما أسمته بـ"جهود استخراج اللقاحات على المستوى الوطني"، وقالت:" إن دولا، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، الدعم للباحثين وشركات الأدوية داخل حدودها الخاصة، مصحوبا أحيانًا بمتطلبات لتوفير وصول اللقاح لمواطنيها فقط. وبصرف النظر عن الأسئلة الأخلاقية التي يطرحها مثل هذا النهج، فقد يؤدي أيضًا إلى نتائج عكسية".
وأضافت "فاينانشيال تايمز" أن هذا النهج ربما يفرض على الدولة المشاركة في سلسلة توريد اللقاح المنتج في مكان آخر قيودًا متبادلة. ويمكن أن يكون اللقاح "الوطني" لبلد ما أقل فعالية من البدائل في مناطق جغرافية أخرى. كما أن الفشل في تضمين الدول الأكثر فقراً في وقت مبكر من عمليات التحصين يهدد بانتقال العدوى إلى البلدان الأكثر ثراءً".
وأخيرا، قالت الصحيفة البريطانية "يجب أن يلتزم منتجو اللقاح بتعهداتهم بالبيع بأسعار معقولة، وأن يوافقوا على الترخيص للمصنعين الآخرين حتى يمكن زيادة الإنتاج بسرعة وبتكلفة زهيدة. فليس هذا هو الوقت المناسب لتحديد أولويات المحصلة النهائية. كما ستحتاج شركات الأدوية إلى التزامات مالية واضحة ومقدمة من الحكومات والنظم الصحية لضمان الاستثمارات في توسيع القدرة الإنتاجية لديها".