الجمعة 17 مايو 2024

الأزهرى يعرف أكثر!

19-4-2017 | 12:52

بقلم –  حمدى رزق

العلّامة أسامة الأزهرى، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، يضع النقاط فوق الحروف، الفجوة الرقمية واسعة بين جهود المؤسسات الدينية الرسمية، وتوحش الجماعات التكفيرية واحتلالها لمنصات التواصل الاجتماعى بـ٦٠ ألف صفحة باللغة العربية و٣٠ ألفًا باللغات الأخرى.

 

الجماعات الإرهابية تعمد إلى توسع الفارق، وعلى مدار الساعة هناك عشرات الصفحات مضافة جديدة مطرزة بالآيات القرآنية والأحاديث الشريفة، والله ورسوله صلى الله عليه وسلم منها براء.

الأمر الذى يشير إليه الأزهرى جد خطير، ويستلزم حشدًا وتجميعًا لجهود المؤسسات الدينية تحت راية الأزهر الشريف، «ولا تفرقوا» هذا هو السبيل، مواجهة الاحتلال الإلكترونى الإرهابى المتطرف بتحرك مؤسسى واع ونافذ.

ثابت أن الجماعات الإرهابية احتلت الفضاء الإلكترونى بعد أن سلبت الأرض من تحت أقدامنا، وخطفت شبابنا من بين أحضاننا، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم «عليكم بالجماعة فإن الذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية» صدق المصطفى فيما رواه أبو داود وحسنه الألباني.

التحدى الذى يشخصه الدكتور أسامة الأزهرى يستلزم التئام الصف الوسطى المعتدل، وتشكيل جبهة تضم المؤسسات والمنابر الدينية المصرية جميعا، واحتشادها صفًا، لأن فى تفرقها ضعفا تستبيحه هذه الجماعات التى تنفق على شيوع أفكارها التكفيرية الإرهابية إنفاق من لا يخشى الفقر، الإخوان نموذج ومثال فى الإنفاق على نشر أفكارها التكفيرية التى جسدها سيد قطب فى كتابه الشهير « معالم فى الطريق».

المواجهة الإلكترونية تبدو صعبة ولكنها ليست مستحيلة، وإذا كانت هذه الجماعات سبقت باحتلال الفضاء الإلكترونى لأسباب ووسائل استخباراتية وفرتها دول عتيدة فى الإرهاب الدولى، غرستها دول بعينها وتعهدتها بالرعاية، تمويلا وتنظيما وتسليحا، ومكنتها من بسط سطوتها الفكرية على منصات التواصل الاجتماعى التى تملك ناصيتها هذه الأجهزة السفلية.

اللحاق بهذه الجماعات إلكترونيًا وفضائيًا يستلزم تجميع الجهود والمنابر الإلكترونية المتناثرة فى أرجاء المؤسسات الدينية جميعا فى منصة مصرية أزهرية مزودة بالفكر والفقه يقوم عليها فقهاء ثقاة، ووراءهم كتيبة من الخبراء المتواصلين اجتماعيًا، وهم طائفة من المحترفين الوطنيين الذين قطعوا فى الفضاء الإلكترونى شوطًا معتبرًا «الجيش الإلكترونى المصرى» نموذج ومثال.

المعركة الإلكترونية المفروضة فرضًا على الدولة المصرية وفى القلب منها الأزهر ومؤسساته، ليست أبدًا نزهة خلوية، وتجهيز الصف الأزهرى الإلكترونى لهذه الحملة يتطلب إنفاقًا، وقبل الإنفاق توفر إرادة سياسية وهى متوفرة فى رئيس نذر نفسه لمحاربة الإرهاب، ولا يهادن ولا تلين عريكته فى معركة المصير.

فقط الإرادة أزهرية، ويقينا لا تنقص الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب الذى نذر نفسه مقاتلًا فى مواجهة موجة الفكر التكفيرى الذى يضرب بقسوة شواطئ العالم الإسلامى، والأزهر ثرى بفقهه وعلمائه ومفكريه، ولابد من استصحاب أصحاب الآراء العابرة للحدود من خلاصة العقول المدنية، فى تضافر للجهد المصرى الوافر على ضفاف النيل، ليس وقت الخلاف بين الأزهر ومفكرى الدولة المدنية، هؤلاء ليسوا عدوا لكم، الإرهاب هو عدوكم وعدونا كافة.

العلّامة الأزهرى من موقعه فى رئاسة الجمهورية يعرف كثيرا، ويتطلع لمنصات إلكترونية أزهرية مليونية، ونثمن رؤاه ونشد على يديه فى هذا الطرح، والإرادة السياسية متوافرة، وتحدث بها الرئيس مرات فى حضرة الإمام الأكبر، ولكن قبل أن تكون المنصات مليونية حاشدة مهم وضرورة ولازم أن تتوفر دارسة حقلية وواعية لخارطة هذا الفكر الإرهابى وانتشاره وتوحشه والوقوف على مصادره الفقهية والفكرية، ودرس نقاط التفوق الإلكترونى فى المعسكر الإرهابى العاتى، فيتأهب الصف لملاقاتها فى ساحات الفكر، هى معركة فكرية بامتياز.

لكل نقاط ضعفه، وعليه وجب تبين نقاط الضعف فى جيش الاحتلال الإرهابى، واستغلالها للنفاذ منها لهدم البناية الفكرية التى يتحرك فى غلافها مليشياته الإلكترونية، وهذا يتطلب بعد تجميع الصف، الاتفاق على الخطوط الرئيسية الجامعة التى تجمع الصف وتوفى الجمع وتمحق الخلاف، وليعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه وعليه.

حجر الأساس قائم، لدينا منابر إلكترونية معتبرة موزعة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء، مراصد مستحدثة وأثبتت نجاعة، وبلغات حية، والإقبال عليها ملموس وتتحدث به المراصد، حتمًا ولابد من دمجها فى منبر أزهرى واحد، هذا يوفر حاليًا الكثير من الحشد المطلوب إثباته فى هذه المواجهة.

وعلى قاعدة هذا المثلث المتين، يمكن حشد الصف الإلكترونى الأزهرى مسلحًا بالفقه الوسطى المعتدل، تمهيدًا للوصل بين هذه المنصة الأزهرية ومثيلاتها من المنابر الشقيقة داخل وخارج مصر، لتشكيل جبهة إسلامية وسطية عريضة ينطلق منها صف الاعتدال فى مواجهة جيش الاحتلال، كما وصفه العلّامة الأزهرى.

بقى أن أسجل أن شخص أسامة الأزهرى لا يروق الكثيرين من حول الإمام الأكبر، ولكن الخطر أكبر من الجميع، اسمعوه جيدا فهو يعرف أكثر !!.