الأحد 30 يونيو 2024

«توك شو» الخراب

19-4-2017 | 13:45

بقلم –  عبد اللطيف حامد

للأسف تصدت بعض برامج “التوك شو” بعد جريمة كنيستى طنطا والإسكندرية لقضية تجديد الخطاب الدينى، وحاول مقدموها أو ضيوفها تحقيق بطولات على حساب الأزهر تارة، ومغازلة الكنيسة الأرثوذكسية تارة أخرى، بحجة محاربة التطرف، والتصدى للأفكار المنحرفة..

وتحول الأمر إلى مزاد يتحدث فيه كل من هب ودب، وتكررت نفس الوجوه، وحتى نفس المداخلات الهاتفية لشخصيات معروفة بعدائها الشديد للأزهر الشريف، وحافظين مش فاهمين، وزادوا عن الحد فانقلب الأمر إلى الضد، تخيلوا كانوا يتجادلون فى العقائد، وثوابت الديانتين الإسلام والمسيحية على الهواء بغلو وتطرف يفوق غلظة أصحاب الأفكار المتشددة رغم أن القاعدة تقول” لا حوار فى العقائد”، الحوار بين الأديان يكون فى الأمور المشتركة لا نقاط الخلاف كما تفعلون، فليس هكذا تورد الأبل.

الوطن كله فى وقت شدة، وإخواننا فى الوطن فى محنة عظيمة، والإرهاب يضرب فى القلب ليفجر براكين الغضب والحزن، لا نريد مناظرات على الشاشات، لا نريد مزايدات من أى طرف، لا تنكأوا جراح كتب التراث على العامة فى الديانتين فتخرجوا لنا متطرفين فى الجانبين أخطر من الإرهابيين، فالإرهاب الفكرى أشد ضراوة من الإرهاب المادى الذى تتبناه الجماعات والتنظيمات التكفيرية، لا تفتحوا علينا بابا من أبواب جهنم يأكل الأخضر واليابس لا قدر الله، كله إلا العقائد، لا تعطوا المتشددين فى الطرفين الخنجر الذى يغرسونه فى صدر الوطن، لا نريد تنظيرا، نحتاج الدرهم عمل خيرا من قنطار كلام”.

لابد من كشف الأخطاء فى الجانبين بعيدا عن الميكروفونات والشاشات والصفحات، فى جلسات عمل، وحوارات جادة تغلب مصلحة الوطن على ما سواها، وليكن فى بيت العائلة المصرية، وما يسوده من تسامح، وتقدير للموقف، فتجديد الخطاب الدينى ضرورة فى الجهتين، والمتشددون على الناحيتين، وحتى فى القطاع الخاص من يكتفون بتعيين أبناء دينه فقط فى شركاته ومؤسساته أو قصر المخالفين فى الديانة على مهنة النظافة كمثال.

والله أقول ذلك حبا فى الوطن بمسلميه ومسيحييه، بمساجده وكنائسه، التنوع والاختلاف سنة الله فى خلقه، وبدافع لفت الانتباه لخطورة المعالجة الخاطئة من دعاة التنوير والتحديث الذين تحركهم المصالح والأهواء الشخصية، فعلى مدى الأسبوعين الماضيين تعرضت لانتقادات كأحد المنتمين لمهنة الإعلام من مصريين بسطاء اعتراضا على حملة التشويه التى تطال رجال الأزهر الشريف فى الفضائيات وعلى صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية مؤخرا، الهمز واللمز ضد عمائم الأزهر مما سيزيد الطين بلة، ويؤدى لآثار عكسية أخطر.

ومنعا للتأويلات والتفسيرات المغرضة، أقول بالصوت العالى كل رجال الدين فى الطرفين على الرأس والعين معا، لكن العامة يقولون نحن لا نشاهد فرد العضلات على الشاشات والصفحات إلا على المشايخ فقط، وكأنهم تورطوا فى جريمة الإرهاب، تعلو عليهم الأصوات، وتحمر لهم الأعين، وتكال إليهم الاتهامات “عمال على بطال”، فى الوقت الذى لا يجرؤ أى مذيع أو ضيف فى برنامج أو كاتب فى صحيفة أو بوابة إلكترونية على توجيه أى كلام عن تجديد الخطاب فى المسيحية، وإذا تم تلميحا لا تصريحا، كما حدث مؤخرا فى أحد البرامج يتكهرب الجو، ويصاب الضيف الثانى بحالة من الهيجان، ويكرر التحذير تلو التحذير من الاقتراب من هذا الأمر سواء من قريب أو بعيد، وبدون ذكر أسماء, الغريب أن ذلك يحدث أمام ملايين المشاهدين رغم أن الضيف الأول مسئول فى مركز بحثى مهم، وشخصية توافقية فى العديد من المواقف، والأزمات، مع كامل التقدير لفوران المشاعر والغضب بعد هذا الحادث الإرهابى الخسيس، الذى أدمى قلوب كل المصريين.

هذا غيض من فيض ما سمعته من تحفظات، واعتراضات على التناول الإعلامى لتبعات تفجير كنيستى طنطا والإسكندرية من ناس يمثلون ملح الأرض، يدركون أن الإرهاب لا يقيم وزنًا لدماء الضحايا مسلمين ومسيحيين على السواء، ولا يشغله إلا التدمير، والتخريب انتقاما من الجميع ردا على إسقاط دولة حليفهم، وممولهم، وراعى مخططاتهم، تنظيم الإخوان، يطرقون كل الأبواب لإفساد مسيرة البلاد بعد ٣٠ يونيه، من الاعتصامات المسلحة إلى المظاهرات الحاشدة وصولا لقطع الطرق، والتفجيرات، مع تحركات فى مختلف الدول لتضييق الخناق على المصريين خارجيًا سياسيا واقتصاديا، لكن بائت مؤامراتهم بالفشل.

على بعض المثقفين والمتمدينين أن ينتبهوا لخطورة تحميل الأزهر وحده مسئولية الحرب على الإرهاب والتطرف، هذه قضية مجتمع بكل مؤسساته، وأجهزته، وطوائفه، لا تتطرفوا فى آرائكم وأحكامكم فتشعلون فتيل خلاف طائفى لا يبقى ولا يذر، والمهووسين على الطرفين ليسوا بقليل ومنهم من لم يدخل منهم مسجد أو كنيسة فى حياته، وديانته لا تتعدى كلمة مكتوبة فى بطاقة الرقم القومى.. والله أعلم.

 

    الاكثر قراءة