الإثنين 25 نوفمبر 2024

عشوائية المصدرين ترفع أسعار سلع الغلابة لجنى الدولارات: «مافيا التصدير» تتحدى الحكومة!

  • 19-4-2017 | 15:18

طباعة

تقرير: بسمة أبو العزم

«مصائب قوم عند قوم فوائد»، تلك العبارة تلخص لسان حال مافيا التصدير، بعد تعويم الجنيه، واشتعال الأسعار إلى درجة جنونية أثارت غضب المواطنين البسطاء.

وفى الوقت الذى يعانى فيه ملايين المصريين من وطأة العجر والفقر عن امتلاك حاجتهم الأساسية، عادت الفائدة من ذلك كله على المصدرين بمضاعفة أرباحهم، وزادت معدلات التصدير بقوة، ليصل إجمالى الصادرات غير النفطية إلى نحو ٢٠ مليار دولار بنهاية عام ٢٠١٦.

ومع زيادة صادرات السلع الغذائية، اشتعلت الأسعار المحلية مجددا, ففى ظل غياب المعلومات عن احتياجات السوق المحلي، ومدى تحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع، زادت فوضى التصدير، ليدفع المواطن الفقير الثمن.

وكشفت أزمة الأسماك الأخيرة عن الوجه القبيح للتصدير الجائر، وتنبهت مؤخرا الحكومة لخطورة تصدير السكر الذى تعانى البلاد من نقص فى إنتاجه، مما دفعها إلى استيراد نحو مليون طن سنويا، وفرضت الحكومة منذ أيام رسم صادر قدره ٣ آلاف جنيه للطن، منذ أول ابريل الجاري.

يقول ممدوح زكي، رئيس شعبة المصدرين والمستوردين بغرفة الجيزة التجارية، إن هناك فوضى فى مجال التصدير والاستيراد، ولاتوجد خطة مرسومة من الدولة, فلكى نصدر منتجات غذائية وزراعية يجب تحقيق اكتفاء ذاتى منها أولا، وتوفير احتياجات الدولة ثم نتجه لتصدير الفائض, فما يحدث حرمان للمواطن من إنتاج مصر لزيادة التصدير، وللأسف يرتفع السعر على المواطن داخليا من أجل توفير العملة الصعبة، لكن نظرا للعشوائية التى تدار بها عملية التصدير، تحدث أزمة فى السلع محليا، فتضطر الحكومة لاستيراد أنواع أردأ من نفس السلع، كما حدث فى أزمة الأرز مسبقا، وللأسف يتكرر الأمر مع الأسماك، والتى اشتعلت أسعارها فى الأسواق، وارتفعت بمعدل ١٠٠ ٪ بسبب التصدير، والاستفادة من تحرير سعر الصرف، وللأسف نضطر للاستيراد لمواجهة نقص المعروض.

ويكمل زكى بقوله «بالرغم من امتلاكنا فائضا فى بعض الحاصلات الزراعية، ومثلا البطاطس، إلا أنه لغياب المعلومات يلجأ تجار الجملة والتجزئة لرفع سعرها بحجة التصدير، والذى أصبح شماعة لرفع أسعار الحاصلات الزراعية فى ظل غياب دور المرشد الزراعي، فلا تعرف وزارة الزراعة حجم إنتاجنا من أى سلعة والفائض منها».

فى السياق ذاته، أكد الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية، أنه لا يوجد تخطيط فى مجال التصدير, مشيرا إلى أن رجال الأعمال والمصدرين فى كثير من الأحيان كانوا أقوى من الحكومة، فقبل ٢٥ يناير كان هناك ٣ رجال أعمال بالبرلمان، أما حاليا فهناك ٩٧ رجل أعمال، وبالطبع لهم ضغوط، فأكثر من مرة تعلن الحكومة توقفها عن تصدير الأرز، وبعد ضغوط من المصدرين تفتح الحكومة باب التصدير، وبعد تعرض السوق لحالة نقص وشح حادة وغلاء، تضطر لإيقاف التصدير ثم تعاود تغيير موقفها مره أخرى، وهكذا، وهذا الأمر يتكرر فى العديد من السلع، فللأسف هناك عشوائية فى القرار، وانسياق وراء المصدرين بحجة توفير عملة صعبة.

ويؤكد دكتور رشاد أن التعويم جاء فى مصلحة المصدرين، فحقق لهم مكاسب مضاعفة، وبالتالى يسعون لزيادة الصادرات من كافة المنتجات الغذائية والزراعية، خاصة أن الدولة مرحبة بهذا الاتجاه، فلكى يثبت محافظ البنك المركزى نجاح سياساته يشيد بزيادة الصادرات، وبالتالى تلاقت مصالح الحكومة مع جشع المصدرين، وللأسف يدفع المواطن الغلبان الثمن من غلاء أسعار السلع المحلية، حتى المستوردة الرديئة تضاعف سعرها بعد التعويم، ففى عهد الرئيس الراحل عبد الناصر، كان هناك إنتاج من أجل التصدير، أما حاليا فلا توجد مصانع محددة للتصدير، بل يتم الجور على حق المواطن فى المنتج المحلى لتصديره.

وفيما يخص سياسات التصدير، أكد مصطفى النجاري، عضو المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، أن الفلاح هو الطرف المستفيد من منظومة التصدير، خاصة بعد التعويم الذى أصبح مشجعا للإنتاج والتصنيع المحلى, فالخريطة الزراعية يعاد تشكيلها بعد التعويم، لأن الفلاح ذكي، فحينما يشعر بارتفاع سعر سلعة يهتم بزراعتها، وبالتالى ينخفض سعرها فى الموسم التالى.

وأضاف النجارى أن الصادرات المصرية بدأت تشهد طفرة مؤخرا، بدليل زيادة حجم الصادرات غير البترولية خلال شهر يناير الماضى بمعدل ٣٠ ٪، مع انخفاض الواردات بنحو ١٧٪، وهذا ما تريده الدولة، أما عن الفئات غير القادرة على مواجهة الغلاء، فهناك وزارات معنية بمساعدتهم وحمايتهم عبر الدعم السلعى والنقدي.

واستطرد بأنه لا يمكن السيطرة على الأسعار بدون دراسة حلقات الإنتاج والتداول، فبالفعل السلع تخرج من الفلاح بسعر منخفض، وللأسف تصل للمستهلك بزيادة مضاعفة.

وأضاف النجارى أن إنتاج مصر من الخضر والفاكهة يصل إلى ١٦٠ مليون طن سنويا، نصدر منها ٣,٥ مليون طن فقط وهى تمثل نحو ٢ ٪ من الإنتاج ونسعى لزيادة الرقم إلى ٥ ملايين طن، فارتفاع الأسعار غير مرتبط نهائيا بالتصدير، فخلال السنوات الماضية صدَّرنا ملايين الأطنان ولم تشتعل الأسعار مثلما حدث مؤخرا, لكن الغلاء كان من نصيب السلع المستوردة بسبب الدولار, أيضا بعض السلع المحلية ارتفعت بسبب عدم استيراد بدائل غذائية لها، كانت متوافرة قبل التعويم بدليل غلاء الجبن والألبان لأنها تعتمد بقوة على اللبن المجفف، وهناك نقص فى استيراده وغلاء فى سعره.

التقط بحيرى أحمد بحيري، نائب رئيس شعبة المصدرين بغرفة الإسكندرية التجارية، طرف الحديث قائلا: «إن معدلات تصديرنا من السلع الغذائية والحاصلات الزراعية من أقل الدول فى العالم, كما أننا نمتلك إنتاجاً وفيرا من الحاصلات الزراعية، فهناك فائض من البطاطس والبصل يكفى، أيضا احتياجات مصانع التجفيف، ونصدر كميات كبيرة، لكن جشع الموردين والفلاحين يدفعهم لرفع الأسعار كلما يشعرون بزيادة جديدة فى الدولار, فنحن كمصدرين أصبحنا مضطرين للشراء بأسعار مرتفعة، ونضطر لتخفيض أسعارنا فى الخارج لشراسة المنافسة مع الدول المجاورة، والتى توفر حكوماتها دعما لمصدريها.

 

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة