تحقيق: بسمة أبو العزم
مازالت حلقات مسلسل الغلاء تعرض دون نزول تتر النهاية، بما يعنى مزيدا من «الطحن» للبسطاء، فوفقا للتقارير الشهرية الصادرة عن الغرف التجارية، فإن هناك تأكيدات بأن سهم الأسعار مستمر فى الصعود خلال شهر رمضان، رغم حالة الركود.
وشهد الربع الأول من العام الجارى ارتفاعات قياسية فى الأسعار، وبلغة الأرقام، ووفقا للتقارير الصادرة عن غرفة القاهرة التجارية، نجد ارتفاعا كبيرا فى أسعار السلع بعد التعويم، فبمقارنة أسعار يناير ٢٠١٧، ونفس الشهر من العام الماضي، يتبين زيادة أسعار الحبوب والبقول بنحو ٧٨٫٨ ٪ والزيوت والمسلى ٦٣٫٥ ٪ تليها البقالة ٥٠٫٨٪.. أما الجبن والألبان والبيض فبلغت ٣٤٪.
وزادت اللحوم الحمراء بنحو ٤٠,٩ ٪, أما الدواجن فزادت بنحو ٣٧,٢٪, وكان النصيب الأكبر من الزيادة للأسماك التى تحركت بنسبة ٤٤ ٪.
وشهدت أسعار الخضر والفاكهة ارتفاعا ملحوظا، فزادت الخضر الطازجة بنحو ٥٦,٩ ٪, والفاكهة الطازجة ٤٠,٨٪، أما الخضار المجمد ٩٪، وامتد الغلاء إلى مواد البناء، فارتفع حديد التسليح بمعدل ١١٢,٥٪، أما الأسمنت فزاد بنسبة ٢٩,٦٪.
وبالرغم من الطفرات السابقة فى الأسعار، والتى تسبب فيها قرار التعويم بشكل أساسي، إلا أن الغلاء أصبح أسلوب حياة، فبنظرة تحليلية للأسعار على مدار الشهور الثلاثة الماضية نكتشف حالة من المغالاة فى ظل ثبات الأجور.
وشهدت أسعار البقوليات والحبوب زيادة فى شهر يناير الماضى بنحو ٥,٩ ٪, تلتها زيادة بنحو ٦,٣ ٪ فى فبراير, لتليها أكبر زيادة فى شهر مارس بنحو ٢٣,٥٤ ٪, أما الزيوت والمسلى فكانت أكبر زيادة لها فى شهر يناير بنحو ١٩,٥ ٪, تليها ١٠,٨ ٪ فى فبراير، وتليها ٨. ٪ بمارس, وارتفع معدل البقالة إلى ١٠,٥ ٪ فى يناير، ثم ارتفعت مرة أخرى فى فبراير بنحو ١٢,٤٪، ثم ٦,٨ ٪ بمارس, كما ارتفعت الجبن والألبان والبيض بنحو ٧٪ فى يناير، تلتها زيادة أكبر فى فبراير بنحو ١٧,٣ ٪، أما فى مارس فكانت محدودة بنحو ٢,٨ ٪.
وشهدت الخضار والفاكهة قفزات كبيرة، بدأت بزيادة أسعار الخضر الطازجة فى شهر يناير بنحو ٣١,٤٪, تلتها زيادة أخرى بنحو ١٢ ٪ فى فبراير، ثم ١٠,٢٦ ٪ بمارس، أما الفاكهة الطازجة بدأت بنحو ٧,٩ ٪ فى يناير، لترتفع بقوة خلال فبراير بزيادة ١٥,١ ٪، ثم ٣,٥٧ ٪ فى مارس, وأخيرا الخضار المجمد، وزاد بنحو ٢,٥٪ بيناير، وتلتها زيادة تاريخية بفبراير، حيث ارتفع السعر ٤٠,٦ ٪.
بالطبع لم يرحم الغلاء اللحوم، فارتفعت اللحم الحمراء بنحو ٤,٦ ٪ فى يناير، ثم ٩,٤ ٪ فى فبراير، وأخيرا ٢,٨ ٪ بمارس, أما الدواجن فارتفعت بنحو ٥,٧٪ فى يناير، ثم قفزت بنحو ١٥,٦ ٪ فى فبراير، وأخيرا الأسماك التى ارتفعت بقوة فى يناير الماضى بنحو ١٢,٣٪، وتلتها ٠,٢ ٪ فى فبراير، ثم ٢,٨ ٪ بمارس.
يقول ياسر الشاذلي، مدير عام الشئون الاقتصادية بالغرفة التجارية بالشرقية، إن الأسعار فى زيادة مستمرة، فنحن ندرس حركة الأسعار ونضعها فى تقرير أسبوعى تحت مسمى ترمومتر السوق، ونرصد أسعار السلع الغذائية والصناعية ومواد البناء من خلال الأسواق العمومية, وللأسف الارتفاعات متتالية والفواصل الزمنية بينها محدودة, فآخر دراسة تحليلية لنا بشأن حركة الأسعار على مدى ١١ عاما تبين وجود زيادات فلكية فى الأسعار.
ووفقا للدراسة المقارنة بين أسعار السلع فى يناير ٢٠٠٦ ويناير ٢٠١٧، تبين ارتفاع سعر السكر بمعدل ٤٣٣,٣ ٪, والزيت ٢٧٠,٣ ٪، أما الأرز فارتفع بنسبة ٢٦٣,٦٪, يليه اللبن الجاموسى ٢٤٠ ٪.
وعن الخضراوات والفاكهة، شهد البصل أعلى زيادة، فارتفع بمعدل ٩٧٧ ٪، تليه الفاصوليا بنحو ٣٨٠ ٪، ثم البطاطس بـ ٣٦٦,٦ ٪، وأخيرا الطماطم بمعدل ٢٠٧,٩ ٪, كما ارتفع الموز بنحو ١٨٠ ٪.
أما اللحوم، فارتفع الكندوز بنحو ٢٩٢٪، والدواجن البيضاء بمعدل ٢٦٦٪, حتى كرتونة البيض بمعدل ٣٨٣٪ , والسمك البلطى ١٦١٪.
واستكمل الشاذلى حديثه قائلا إن تراجع الجنيه المستمر فى ارتفاعات الأسعار، خصوصا بعد قرار تعويم الجنيه، أدى إلى زيادات كبيرة مع نهاية عام ٢٠١٦، كما لم تسلم أسعار السلع المحلية من نفس التأثير، لأن أغلبها يعتمد على مدخلات مستوردة، علاوة على التضخم بشكل عام والذى يجر سلعة بعد الأخرى, أيضا ارتفاع الأسعار بسبب زيادة الجمارك على بعض السلع، والقرار الوزارى الخاص بتسجيل المصانع المصدرة، والذى تسبب فى نقص المعروض بالأسواق خاصة من الأجهزة الكهربائية والأدوات المنزلية.
ولم ينف الشاذلى استغلال بعض التجار ومغالاتهم فى هامش الربح لتعويض انخفاض المبيعات وحالة الركود, لكن زيادة التصدير كان لها تأثير سلبى على الأسعار، خاصة البصل والذى يتراوح سعره بين ٧ إلى ١٠ جنيهات، فى حين اعتدنا دائما على شرائه بين ٢ إلى ٣ جنيهات، ونفس الأمر ينطبق على العديد من الخضر والفاكهة، وبالتالى يجب وضع قواعد للتصدير مع تشجيع تصدير الطاقة والصناعات، وعدم المساس بأكل الغلابة، فلا يجب أن نتاجر بقوتنا، حتى الأسماك التى كانت البديل الأرخص للحوم والدواجن، تضاعف سعرها بسبب التصدير , وبالتالى يجب فرض رسم صادر لتحقيق المعادلة بين الأسواق المحلية والتصدير.
وأكدت نرمين رضوان، عضو إدارة البحوث الاقتصادية بغرفة الإسكندرية التجارية، أنه من خلال البحوث الشهرية لحركة الأسعار بالأسواق تبين زيادة كبيرة فى أسعار الخضر خلال شهر مارس الماضي، تجاوزت الزيادات المتتالية فى الشهور الماضية، خاصة الليمون والطماطم والبصل والفاصوليا، وبالطبع لايمكننا معرفة السبب، لكننا نقدم تقريرنا الشهرى لمجلس إدارة الغرفة، والتى من شأنها رفع الأمر للمسئولين بالدولة.
وبالرغم من سيطرة القطاع الخاص على ٧٠ ٪ من الأسواق، إلا أن الدولة لم تترك الملعب لهم وحدهم، بل تشارك بالسيطرة على ثلث القطاع التجارى عبر الشركات التابعة للقابضة للصناعات الغذائية، والتى تحقق مايجاوز ٣١ مليارا و٥٠٠ مليون جنيه إنتاج سنوي.
فكما يقول على المصيلحى، وزير التموين والتجارة الداخلية، إن القطاع الخاص يستحوذ على نحو ٧٠ ٪ من حجم الأعمال، سواء فى مجال الصناعة والتجارة , وبالطبع الحكومة من خلال وزارة التموين والشركات التابعة للقابضة للصناعات الغذائية والمجمعت الاستهلاكية، توفر نحو ٣٠٪ من احتياجات المواطنين من سلع، والأهم أن الحكومة تستحوذ على نصيب الأسد من السلع الأساسية.
ويستطرد الوزير بقوله إن القمح سلعة استراتيجية تؤمن الحكومة نحو ٦٠٪ من احتياجات المواطنين، وتقدمها فى شكل رغيف العيش المدعم، فوزارة التموين مسئولة عن توفير ١٠ ملايين طن قمح سنويا، فى حين يتعامل القطاع الخاص مع ٤ ملايين طن لباقى الاستخدامات.
وحسب الوزير فإن الدولة توفر نحو ١٣٠ ألف طن سكر شهريا على بطاقات التموين، كما أن شركات البنجر التابعة للدولة تبيع شهريا ٩٠ ألف طن فى القطاع التجارى وداخل المجمعات, أيضا هناك ٣٠ ألف طن يتم تقديمها للإنتاج الصناعى لعمل الحلوى والمربى وغيرها.
أيضا تساهم الدولة فى منع اشتعال أسعار اللحوم عبر صفقة اللحوم السودانية والتى قررنا تثبيت أسعارها عند مستوى ٧٥ جنيها للكيلو حتى نهاية رمضان، وعن الأرز فهناك اتفاق مع أصحاب المضارب وشركات التعبئة على سعر محدد للبيع للمستهلك لعمل إطار سعرى فى الأسواق، وهذا الأمر مستمر حتى بداية الموسم الجديد, حيث لن نترك سوق الأرز فى الموسم القادم «سداح مداح»، ولن نسمح للتجار بتكرار عمليات التخزين والتى تمت الموسم الحالى بما دفع الحكومة لاستيراد نحو ٧٥ ألف طن أرز هندى, فالدولة تستعد للتدخل بتحديد تكلفة إنتاج طن الأرز ثم تكلفة الضرب مع الاتفاق مع الحلقات الوسيطة للتداول لتحديد سعر البيع للمنتج النهائي. واستكمل المصيلحى حديثه بأن الدولة تستورد ٩٧ ٪ من الزيوت، وبالتالى أسعاره مرتبطة بسعر الصرف، ولكن ضمن المسئولية الاجتماعية المكلفة بها وزارة التموين نوفر زجاجة زيت على بطاقات التموين بشكل اختيارى، وبسعر أقل بنحو أربع جنيهات عن السوق.
الوفرة التى تحققها البطاقات التموينية للسلع الأساسية تقلل من حجم الطلب على السوق الحر، وبالتالى تنضبط الأسعار، حتى السلع غير الأساسية نتدخل بتوفيرها عبر المجمعات الاستهلاكية بأسعار مخفضة, وبالرغم من ارتفاع الأسعار بشكل عام فى الأسواق إلا أن منافذ الحكومة الثابتة والمتحركة والمجمعات الاستهلاكية، تحقق توازنا فى الأسواق بتقديمها أسعارا تنافسية.
ويستكمل المصيلحى بأن الدولة قائمة بدورها لتأمين الإحتياجات الغذائية للشعب، فنحن نستورد ١٠٠ ألف طن دواجن لتقليص فجوة الإنتاج المحلى, وأيضا من المقرر استيرادنا لنحو مليون طن سكر لتأمين احتياجات الشعب، فالحكومة تبحث عن الفجوات وتعوضها بالاستيراد حتى لاتترك المواطن فريسة للقطاع الخاص، وهناك تعليمات بفتح الاعتمادات المستندية بشكل عاجل لطلبات الاستيراد الخاصة بالسلع الأساسية.
وأكد وزير التموين أن أهم خطوة فى ضبط الأسواق خلال المرحلة القادمة هى تسجيل أسعار السلع على العبوات، وبالفعل مع نهاية شهر مايو المقبل سيتم تسجيل سعرى الجملة والتجزئة على عبوات سلعتى السكر والأرز، وذلك بالتنسيق مع اتحاد الغرف التجارية، وهذا النظام ليس تدخلا فى هوامش الأرباح، بل إعلان للأسعار.
من جانبه أوضح ماهر عبد اللطيف، رئيس قطاع التخطيط والمتابعة بشركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية، أن الشركة القابضة للصناعات الغذائية بمثابة اليد الطولى للدولة لتحقيق التوازن فى الأسواق عبر اتباعها آلية الشراء والتعاقدات الجماعية، فهى تضم ٤٢ شركة تعمل فى مجالات متنوعة مابين مطاحن ومضارب أرز ومخابز، بخلاف شركات الزيوت والسكر وتسويق الأسماك واللحوم والدواجن, وبالطبع هناك شركتان لتجارة الجملة بفروعهم المختلفة، إضافة إلى المجمعات الإستهلاكية.
وأضاف أن الدولة تمتلك سلسلة من منافذ بيع السلع لا يستهان بها، فهناك ٤ آلاف فرع للمجمعات الاستهلاكية، بالإضافة إلى ٣ آلاف فرع جمعيتى، وهى منتشرة فى القرى والمحافظات بخلاف السيارات المتنقلة, وتوفر المجمعات كافة السلع بأسعار أقل بنحو ٢٠ ٪ عن الأسواق، فنقدم كيلو اللحوم السودانى بسعر ٧٥ جنيها، إلى جانب اللحوم البرازيلى المجمده بسعر ٥٠ جنيها، والدواجن الحية بسعر ٢٥ جنيها للكيلو المذبوح، أيضا طرحت الشركة المصرية لتسويق الأسماك بفروعها وداخل المجمعات الاستهلاكية أسماكا بأسعار مخفضة، فالسمك البلطى الشبار سعره ٦ جنيهات، أما البلطى الكبير بـ ١٨ جنيها، وأيضا عبوة زيت كهرمانه بسعر ١٢ جنيها, لكن للأسف الشعب المصرى ليس لديه ثقافة الاعتماد على المجمعات، فالأغلبية تفضل الشراء من المحل المجاور لها، ولا تكلف نفسها عناء البحث عن أقرب مجمع استهلاكى.