أكد خبراء أن بيان مصر حول نتائج اجتماعات
وزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا، الذى تم الخميس الماضى يعكس فشل المفاوضات مع الجانب الإثيوبي حيث تحفظت
مصر والسودان على المقترحات الإثيوبية فيما يخص أسلوب ملء وتشغيل سد النهضة والتى تعد تراجعا من الجانب الأثيوبي عما تم الاتفاق عليه سابقا في المفاوضات التي جرت بمشاركة
ورعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي .
كان الاجتماع الرابع لوزراء الري في مصر
والسودان واثيوبيا بشأن سد النهضة الاثيوبي لم يسفر عن أي تقدم بسبب التعنت الإثيوبي.
وقد عكست المشاورات - التي جرت بين الدول
الثلاث - أن هناك العديد من القضايا الرئيسية لا تزال محل رفض من الجانب الاثيوبي،
في مقدمتها اعتراض إثيوبيا على البنود التي تضفي الصبغة الالزامية قانونا على الاتفاق
أو وضع آلية قانونية لفض النزاعات التي قد تنشب بين الدول الثلاث بالإضافة إلى رفضها
التام للتعاطي مع النقاط الفنية المثارة من الجانب المصري بشأن إجراءات مواجهة الجفاف
والجفاف الممتد وسنوات الشح المائي.
هذا وقد أكدت مصر ضرورة تضمين الاتفاق هذه
العناصر باعتبارها عناصر أساسية في أي اتفاق يتعلق بقضية وجود تمس حياة أكثر من مائة
وخمسين مليون نسمة هم قوام الشعبين المصرى والسوداني.
وقد تم الاتفاق على عقد اجتماع يوم الاثنين
الموافق 15 يونيو الجارى سيتم خلاله تقيم مسار المفاوضات.
الضغط السلمى
أكد السفير جمال بيومي،
مساعد وزير الخارجية الأسبق أنه لا مفر من استمرار الضغط السلمى والتفاوض الدولي،
لمحاصرة الموقف الإثيوبي، لافتا إلى أن مصر ستلجأ لكافة المحافل الدولية
والإقليمية من منظمة الوحدة الأفريقية إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم
المتحدة لإجبار إثيوبيا على تغيير موقفها.
وأضاف إن المحاولات
الدبلوماسية ستستمر لإقناع إثيوبيا بأن التفاوض أفضل لها مشيرا إلى أن موقف مصر
القانوني سليم، وموقفها الدولي قوي ولا يوجد أي شك في قوة وحرص مصر على علاقاتها
مع الدول الأفريقية.
وأشار إلى أن إصرار مصر
على اتخاذ المنحنى السلمي ليس ضعفا منها بل على العكس يؤكد على قوة موقفها قانونيا
ودوليا، قائلا " كل مواقف مصر منذ بداية أزمة سد النهضة تحسب لها" .
سياسة الأمر
الواقع
أكد السفير علي الحفني
نائب وزير الخارجية الأسبق أن الموقف الأثيوبي ليس بجديد واختبرناه على قرابة عقد
من الزمان، مشيرا إلى أن إثيوبيا تصر على فرض سياسة الأمر الواقع دون اعتبار
للقواعد التي تحكم استخدامات الأنهار الدولية وقواعد القانون الدولي والاتفاقيات
ودون اعتبار لدولتي المصب، ومقولتها إنها لا تسعى للأضرار بمصالح الدولتين
"مصر والسودان "، هي مقولة للاستهلاك المحلى والإقليمي والدولي.
وأضاف إن استمرار مصر في
المفاوضات الهدف منه إرسال رسالة للمجتمع الأفريقي والمجتمع الدولي أنها جادة في
التفاوض فيما يخص سد النهضة، لافتا إلى أن أي تفاوض سواء كان خاصا بنزاعات أو
قضايا متعلقة بالأنهار الدولية بشأن إنشاء سدود يجب أن يكون له جدول زمني وأن يكون
محكوما بأهداف واضحة .
وأوضح أن إثيوبيا بموقفها
الذى اتخذته خلال الجولة الحالية للمفاوضات وما طرحته تضرب بعرض الحائط ما سبق وأن
تم التوصل إليه من تفاهمات على امتداد تلك الفترة الطويلة ولا يعني إثيوبيا سوى
تحقيق مصالحها فقط حتى لو كان على حساب مصالح مصر والسودان.
وأشار الحفني إلى أن
أثيوبيا غير جادة في مشوار المفاوضات وتصر على فرض سياسة الأمر الواقع ولن تقبل
إلا باتفاق إذعان، تخضع مصر والسودان من خلاله لكافة الشروط والمطالب الإثيوبية
وهى بالفعل تضغط في هذا الاتجاه وهو مسلك مرفوض ولن تقبله مصر.
وأشار نائب وزير الخارجية
الأسبق إلى أن كلام الرئيس عبد الفتاح السيسي واضح في أن مثل هذه التحديات
والخلافات أو النزاعات يجب أن تحل من خلال الحوار والتفاوض ولو وصلنا إلى
طريق مسدود لدينا المحافل الدولية التي من خلالها سنصعد الموضوع ونحاول أن نشكل رأى
عام ضاغط على أثيوبيا حتى تتخلى عن منطقها الرافض لكل شيء.
ولفت إلى أن الموقف بدأته
مصر من خلال الكثير من الاتصالات التي تم إجراؤها على مستويات مختلفة سواء على
المستوى الرئاسي أو وزراء الخارجية، وستواصل مصر مسعاها في اتجاه الأمم المتحدة
ومجلس الأمن الذى من المفترض أن يقوم بدوره ومسئولياته فيما يتعلق بتحقيق الأمن
والسلام في مختلف مناطق العالم لافتا إلى أن إصرار إثيوبيا بالمضي في ملء الخزان
دونما اعتبار لمصالح مصر والسودان، سيخلق حالة من التوتر بين الدول الثلاث في
المنطقة.