أكد خبراء اقتصاديون أن جائحة
كورونا أدت لتداعيات اقتصادية سلبية على كل دول العالم ومن بينها مصر، وأن توفير
الاحتياجات الأساسية وخدمة المجتمع ونجاح الدولة في ذلك هو أحد خطوات البناء
المستقبلية، وهو أمر يتحقق بالاهتمام بالصحة وتشجيع الزراعة والصناعة بالموازنة الجديدة،
وأن اهتمام الدولة بتوسيع الرقعة الزراعية ساهم في توفير الاحتياجات الأساسية وعدم
تضرر المواطنين أو شعورهم بأي نقص في المواد والسلع الضرورية.
كانت لجنة
الخطة والموازنة بمجلس النواب، قد أكدت فى تقريرها النهائى لمشروع الموازنة العامة
للدولة "2020-2021" أنه على الرغم من الآثار السلبية التي أحدثتها أزمة فیروس
كورونا المستجد والتي طالت أغلب دول والعالم دون استثناء ومن بينها مصر، إلا أن ذات
الأزمة أحدثت الكثير من التغيرات التي ظلت سائدة لعدة عقود تجاه بعض الأفكار التى أصبحث
محل مراجعة بين الكثير من الاقتصاديين والمشتغلين بالسياسة .
وتضمن التقرير
الذي أعدته اللجنة الفرعية المشكلة لموازنة البرامج والأداؤ، دراسة وتوصيات اللجنة
فيما يخص أثر جائحة وباء كوفيد 19 الاقتصادي على الموزانة العامة للدولة، حيث قامت
اللجنة بالتفاعل معها لما لها من آثار اقتصادية كبير على معظم دول العالم.
وأفردت اللجنة
عدة برامج ترى أن لها أولوية وتوصي بإعطائها اهتمام خاص في هذه الفترة، ولعل أبرزها
الخطة العاجلة للترشيد وتدبير الاحتياجات، وتطوير المنشآت الصحية، وتطوير المستشفيات
الجامعية، ومعالجة وتدوير المخلفات، والتخلص من النفايات الصحية الخطرة، وتطوير نظم
الاتصالات وتوطين صناعة تقنية المعلومات، وغيرها.
وتضمن التقرير أيضا عدة برامج ترى اللجنة
أنه يجب الحد من الصرف عليها بنسبة متوسطة، ولعل أبرزها مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي،
وتطوير منظومة التعليم قبل الجامعي، وإتاحة التعليم للجميع دون تمييز، تنافسية نظم
ومخرجات التعليم، تطوير التعليم الفني، تعميق التنمية التكنولوجية، معالجة الفجوات
التنموية، توفير المنشآت الشبابية.
وتطرق التقرير إلى مجموعة من البرامج
ترى اللجنة أن ليس لها أولوية خلال هذا العام المالي وتوصى أن تؤجل للعام المالي القادم،
وتتمثل هذه المجموعة فى التوعية الإعلامية بمنظومة القيم والموروث الحضاري، ونشر ثقافة
العلوم والابتكار، دراسة وإنشاء صندوق الوقف الخيري لكل من التعليم الجامعي والبحث
العلمي والتكنولوجي، تطوير التعليم الفني التطبيقي، توفير البنية الأساسية الرياضية،
التنمية الرياضية، الرعاية الصحية في المجال الرياضي، الريادة الرياضية، تنمية وتطوير
مهارات التمريض، تحسين نوعية الهواء، تطوير الهيئة العامة للأرصاد الجوية، وغيرها.
خطوات ضرورية لتوفير احتياجات المواطنين
وفي هذا السياق، قال مجدي عبد الفتاح،
الخبير الاقتصادي، إنه في أوقات الأزمات تتوجه كل الأفكار لإنقاذ الوضع، ويكون على
رأس الأولويات توفير وتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وخاصة في قطاعات الصحة
والغذاء والرعاية للفئات الأكثر احتياجا، مضيفا إن هذه الاعتبارات ينبغي أن تراعيها
الموازنة العامة للدولة في ظل جائحة كورونا.
وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"،
أن نجاح الدولة في تحقيق ذلك هو أمر سيؤدي لنجاح الاستثمار، والحفاظ على حياة المواطنين
والصحة العامة وعدم انتشار الأوبئة أو توطنها هي عناصر النجاح في الفترة المقبلة، والدولة
التي ستستطيع الخروج ناجية بأقل خسائر بعد جائحة كورونا سيكون أمامها فرصة أفضل للتنمية
والاستثمار في مجالات مختلفة وتعزيز علاقاتها الاقتصادية.
وأكد أن توجه الموازنة العامة للدولة
لخدمة أفراد المجتمع هو جزء من عملية البناء المستقبلية، مضيفا إن أزمة كورونا أعادت
ترتيب الأولويات وكشفت أهمية زيادة الدعم المخصص لقطاعات الصحة والبحث العلمي وتنشيطه
والتكنولوجيا كقطاعات هامة في الوقت الحالي.
وأضاف إن تحقيق فكرة الدولة التي تعتمد
على ذاتها في توفير احتياجاتها الأساسية يكون عبر الاهتمام بقطاعات كالغذاء وتشجيع
الزراعة وأفكار الزراعة المنزلية لتفادي أية أزمة، فضلا عن زيادة الاهتمام بالمشروعات
الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وزيادة التركيز والاهتمام بالقطاع الصناعي كقاطرة
أساسية للنمو الاقتصادي.
وأشار إلى أن الموازنة العامة للدولة
تركز على تحقيق أهداف في المدى القريب لإنقاذ الموقف والخروج من الأزمة بأقل الخسائر،
لذلك ينبغي التركيز على أهداف قريبة ذات تأثير سريع، مضيفا إن وباء كورونا عالمي وأضر
باقتصادات كل دول العالم ولذلك ينبغي التركيز على الخروج بأقل خسائر ممكنة.
توسيع الرقعة الزراعية
فيما قال الدكتور عبد الرحمن عليان،
أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين هو ملف لا
يمكن لأي دولة أن تتجاهله إما عن طريق مصادر داخلية أو بالاستيراد، مضيفا إنه لتحقيق
ذلك حتى من قبل جائحة كورونا عكفت الدولة المصرية على الاهتمام بتوسيع الرقعة الزراعية
والتوسع في أشكال وأنماط جديدة للزراعة كالزراعات المحمية.
وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"،
أن هذا الاتجاه محمود، فالأراضي التي يتم استصلاحها تزرع بمواد غذائية لتوفير احتياجات
السوق المحلي وتوجيه الفائض للتصدير، مؤكدا أنه بالفعل زادت الصادرات الزراعية المصرية
خلال الفترة الماضية حيث ارتفعت لأكثر من 3 ملايين طن ودخلت أسواق جديدة.
وأكد أن الدولة تعمل أيضا على توفير
مخزون استراتيجي آمن من السلع الأساسية ليستطيع المواطن الحصول على احتياجاته في أي
وقت، موضحا أن المواطنين بالفعل لم يشتكوا من نقص المواد الغذائية في الأسواق في ظل
جائحة كورونا، ومع ذلك يتطلب الوضع الراهن التعاون في مواجهته وكيفية التعامل معه.
وأوضح أن جائحة كورونا أدت لتضرر بعض
مصادر إيرادات الدولة كالسياحة والضرائب فضلا عن تأثر الصادرات والواردات، مضيفا إن
الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه بتخصيص 100 مليار جنيه للتعامل مع تداعيات جائحة كورونا،
لدعم القطاعات المتضررة.
وأضاف أن هناك حاجة لتخفيض بعض بنود
الانفاق غير الضرورية في الموازنة العامة للدولة منذ سنوات فضلا عن مراقبة مدى تنفيذ
تطبيق الحد الأقصى للأجور لترشيد النفقات وتجنب أوجه الإنفاق غير الضرورية في ظل الظروف
الراهنة بسبب جائحة كورونا والتي ألقت أدت لتدهور كل الاقتصاد العالمي.