كشف
الدكتور أيمن شبانة مدير مركز البحوث الإفريقية بجامعة القاهرة، أن إثيوبيا لم تكن تتفاوض حول سد النهضة، وإنما كانت تسعى بسوء نية إلى إفشال تدويل الأزمة، ولجوء
مصر إلى مجلس الأمن، موضحًا أن الأسباب الحقيقية وراء تنعت إثيوبيا وإصرارها على المضي
قدمًا بملء سد النهضة بشكل أحادي بالمخالفة للقانون الدولي، واتفاق إعلان المبادئ
الموقع بين الدول الثلاث في 23 مارس 2015، وتدشين السد بتجاوز الحاجة لزيادة إنتاج الطاقة، وأيضًا التوسع الزراعي وتحقيق
التنمية، إلى تحقيق أهداف سياسية، واستراتيجية أوسع في مداها، تتعلق بصيانة وتعظيم
المصالح الوطنية الإثيوبية، والسعي إلى ترجمة القدرات المائية الإثيوبية لقوة سياسية
تتيح لأديس أبابا التحكم في التفاعلات السياسية بإقليم حوض النيل، وخدمة مصالح حلفائها
الدوليين والإقليميين؛ خاصة محور "واشنطن - تل أبيب".
وأضاف
مدير مركز البحوث الإفريقية- في تصريح خاص لـ"الهلال اليوم" اتضح
بما لا يدع مجالًا للشك، التطور في توظيف النظم الإثيوبية المتعاقبة لأزمة السد، وانعكاس
ذلك على أساليب إدارتها للأزمة، التي يجمعها منذ 2011 حتى انسحاب إثيوبيا من المفاوضات
في فبراير2020، خط ناظم يعتمد على الغموض، والمراوغة، للهروب من
التزامات الاتفاقات الدولية، وما تم تحقيقه في المفاوضات السابقة.
وتابع
مدير مركز البحوث الإفريقية، إثيوبيا كانت تسعى فقط بسوء نية إلى مخاطبة الدوائر
السياسية الخارجية، والرأى العام العالمي والإقليمي، أنها لا ترفض المفاوضات؛ لقطع
الطريق أمام التحركات المصرية دوليًا، وهو ما تمكنت مصر أن تكشفه أمام المجتمع
الدولي، وإحالة الأزمة إلى مجلس الأمن باعتباره المؤسسة الدولية المنوط بها تسوية
النزاعات الدولية التي تهدد السلم والأمن الدوليين، واتخاذ الخيارات كافة بما في
ذلك الخيار العسكري؛ واتخاذ قرارات ملزمة للدول.
وكانت
مصر أعلنت، أمس الجمعة 19 يونيو 2020 أنها تقدمت بطلب إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة
حول سد النهضة الإثيوبي تدعو فيه المجلس إلى التدخل من أجل تأكيد أهمية مواصلة الدول
الثلاث مصر، وإثيوبيا، والسودان التفاوض بحسن نية؛ تنفيذًاً لالتزاماتها وفق قواعد
القانون الدولي من أجل التوصل إلى حل عادل ومتوازن لقضية سد النهضة الإثيوبي، وعدم
اتخاذ أية إجراءات أحادية قد يكون من شأنها التأثير على فرص التوصل إلى اتفاق.
واستند
خطاب مصر إلى مجلس الأمن إلى المادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة التي تجيز للدول الأعضاء
أن تنبه المجلس إلى أي أزمة من شأنها أن تهدد الأمن والسلم الدوليين.
واتخذت
جمهورية مصر العربية هذا القرار على ضوء تعثر المفاوضات التي جرت مؤخرًا حول سد النهضة
نتيجة للمواقف الإثيوبية غير الإيجابية، التي تأتى في إطار النهج المستمر في هذا الصدد
على مدار عقد من المفاوضات المضنية، مرورًا بالعديد من جولات التفاوض الثلاثية، وكذلك
المفاوضات التي عقدت في واشنطن برعاية الولايات المتحدة، ومشاركة البنك الدولي، التي
أسفرت عن التوصل إلى اتفاق يراعي مصالح الدول الثلاث، الذي قوبل بالرفض من إثيوبيا،
ووصولًا إلى جولة المفاوضات الأخيرة التي دعا إليها مشكورًا السودان الشقيق، وبذل خلالها
جهودًا مقدرة من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يراعي مصالح كافة الأطراف، إلا
أن كافة تلك الجهود قد تعثرت بسبب عدم توفر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا، وإصرارها
على المضي في ملء سد النهضة بشكل أحادي بالمخالفة لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين
الدول الثلاث في 23 مارس 2015، الذي ينص على ضرورة اتفاق الدول الثلاث حول قواعد ملء
وتشغيل سد النهضة، ويلزم إثيوبيا بعدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب.
وتؤكد
مصر مجددًا على حرصها على التوصل إلى اتفاق يحقق مصالح الدول الثلاث، ولا يفتئت على
أي منها، وهو ما دعا مصر للانخراط في جولات المفاوضات المتعاقبة بحسن نية وبإرادة سياسية
مخلصة.
ومن
هذا المنطلق، ونظرًا لما تمثله مياه النيل من قضية وجودية لشعب مصر، فقد طالبت مصر
مجلس الأمن بالتدخل وتحمل مسئولياته لتجنب أي شكل من أشكال التوتر وحفظ السلم والأمن
الدوليين.