السبت 11 مايو 2024

«الجائحة» لـ حمدي رزق.. بلاء الخرافات وأساطير الفيروسات فى وصف طاعون العصر

فن30-6-2020 | 19:38

أصدرت مؤسسة أخبار اليوم، ضمن سلسلة "كتاب اليوم"، أحدث مؤلفات الكاتب الصحفي والإعلامى حمدى رزق، والذى حمل عنوان "الجائحة".


يرصد الكتاب فى فصوله السبعة يوميات مصر والعالم مع كورونا ، والسباق العالمى للوصول إلى لقاح وأدوية الفيروس اللعين، وكيف تغير وجه الحياة  فتقلبت المعادلات الكونية، وتراجعت مبيعات السلاح، وتعاظمت الأبحاث الطبية والعلمية، وتوازن ميزان التجارة، ورفعت الحواجز.


يقول الكاتب : "بين الخرافة والأسطورة سقطت "كورونا" من حالق على أرض زلقة مبللة بالجهل، وغارقة فى الغيبيات، والبحث عن تفسيرات ماضوية، تستبيح الدين على قدسيته فى إشاعة حكايات موهومة ومتوهمة ترطب القلق النفسى الذى يعتور العامة المحجورين فى قعور البيوت من أثر الجائحة".


ويستطرد: "فى هذا السياق من التغييب الشعبوى الذى تنشره منصات إلكترونية سلفية وإخوانية تعمد إلى إرهاب العاديين وإشاعة الخوف والفزع عبر زرع كم من الخرافات فى الأدمغة المنفتحة على مواقع التواصل بشغف رهيب يحركه خوف غريزى يعطل العقل عن إدراك كنه الخرافة التى هو بصددها، بل يصدقها على علاتها ويستعيذ منها ويطلب من الأصدقاء التعوذ منها فيشيرها فى دائرته ومحيطه، وهكذا تلف الخرافة الكرة الأرضية عبر منصات التواصل الاجتماعى ويلتقطها الذباب الإلكترونى الذى يعف على الجيف المعلوماتية، وينقلها عالقة بأرجله إلى آفاق بعيدة، فتصير الخرافة أقرب إلى الحقيقة قابلة للتصديق دون إعمال العقل، العقل الجمعى يقبل الغيبيات عادة ويبتعد بمسافة تجنبه مشقة التفكير.

 

وغن الغيبيات التي عادة ما تنتشر حكاياتها في مثل هكذا أحوال يقول حمدي رزق: " بين حالة من الذعر سيطرت على المصريين وغيرهم ممن تداولوا صورة النبوءات الغيبية عن فيروس ، والتى انطلق نشرها من جروبات تطبيق الواتساب، وحلل رواد المواقع هذه الكلمات مع ربطها بالأحداث المتتالية التى يمر بها العالم منذ بداية العام 2020 ، خاصة مع تفشى فيروس كورونا كوباء عالمي، وانتشار الجراد فى بعض البلاد الأفريقية، وقرار وقف العمرة وإخلاء الحرم المكى للتعقيم.. وقيل تنبأ "سالوقية"، منذ قديم الزمان بنهاية العالم فى شهر مارس بوباء كورونا، ونهاية ترامب (ومات ملك الروم/ من مرضه الزؤوم) فى ظل أخبار الاشتباه فى إصابة الرئيس الأمريكى بكورونا واحتمالية حجره صحيًا.


ولكن يبدو أن هذه النبوءة ليست إلا خرافة ابتدعها الباحثين عن إثارة الذعر ونشر الشائعات، فخلال البحث عن رجل فى التاريخ يدعى إبراهيم بن سالوقية، اتضح أنه لا يوجد شخص يحمل هذا الاسم فى التاريخ وله كتب أو مؤلفات واضحة حتى الآن.

 

وحول محاولات النجاة من الفيروس اللعين ولو على طريقة قد يصلح العطار ما أفسده الزمن يقول رزق: "أمام غياب علاج شاف من فيروس كورونا يعود الكثيرون إلى صيدلية الجدات بما تحويه من تجارب وأعشاب وخلطات "قادرة على مواجهة أى مرض" حسب اعتقادات شائعة فى المجتمع الموريتاني.. لقد أعاد الفيروس الكثيرين للأدعية المأثورة فأخذ الناس يتداولونها عبر وسائل التواصل الاجتماعى وينشرونها “تقربا إلى الله” كما كتبوا فى “تويتر” و”واتساب”.. لا يشكل فيروس كوفيد 19 أى خطر لدى من يعتقدون فى المحتوى الموروث لصيدلية الجدة: ففى هذا المستودع الدوائى تجارب عجيبة: هنا مرق مصنوع من الدجاج مع قليل من الفلفل، تُقرأ عليه “آيات الشفاء فيملأ الخياشيم بمادة تقتل أخطر فيروس ولو كان كوفيد 19، بقرونه اللاصقة وتكاثره المريع”..



وعن 2020 التي حملت من اللعنات الكثير والكثير يستطرد رزق: "تستحق وصف "السنة الكبيسة" حصريًا، لم تكمل شهرها الأول، إلا بوباء يحصد الأرواح موتًا، وإعصار يخطف القلوب خوفًا، وماخفى كان أعظم، والدعاء مستوجب، «اللهمَّ يا خفىَّ الألطاف نَجِّنا مما نخاف»، والقنوط مذموم، وجهل برحمة الله، واستعجال النتائج وقلّةالصبر، ونكوص وعدم تحمّل الشدائد لضعف النفس، «لا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ» (فصلت / 49).‬


‫آخر سنة كبيسة شهدتها البشرية كانت فى العام 2016، كانت كبيسة ولكنها اعتيادية كمثيلاتها، مرت سريعًا لم تترك بصماتها القاسية على الوجوه، ‬وترتبط السنة الكبيسة بعديد من الخرافات حول العالم، والخرافة لغة هى الحديث المستَمْلَحُ المكذوبُ، وتعد الخرافة الأسوأ هى أن السنة الكبيسة تشهد حالات وفيات متعددة، ويطلق عليها «طاعون الموت»، إذ يفقد الكثير من الأحباء ذويهم وأقاربهم خلالها، وهذا قريب من وصف2020 لربما فيروس كورونا هو «طاعون الموت» المشار إليه فى الخرافة التى تحدث بها أقوام فى أزمان بعيدة. 

 

الناس فى مواجهة الوباء تتحرك بروح القطيع، لو قيل لهم إن ماء البحر المالح يحمى من الكورونا لشربوا من البحر، ولو قيل لهم الشفاء من ماء بطن الزير لكسروا الزير، أجهزوا على كل أدوية المالاريا والروماتويد والحمى والإنفلونزا، كل دواء يشير به أحدهم مجرد الإشارة يتمالزحف عليه خشية الكورونا.

 

‫ويربط الكاتب بين حدثين مريعين في تاريخ مصر الحديث فكتب: " 12 أكتوبر 1992 حجز سطرا فى ذاكرة المصريين، زلازل أكتوبر الشهير الذى هز مصر هزا ، و26 يناير 2020 حفر لذاكراه مكانا متقدما،يوم إعلان وزارة الصحة المصرية عن أول حالة فيروسية فى البلاد بمطار القاهرة الدولى تتعلق بمواطن صينى.‬


‫وأخطرت السلطات المصرية منظمة الصحة العالمية وتم وضع المريض فى الحجر الصحى فى المستشفى، واتُخذت فى وقت لاحق تدابيروقائية لرصد الأشخاص الذين اتصلوا بالشخص".

    Dr.Radwa
    Egypt Air