مع تزايد الانتهاكات التركية وتهديداتها
للأمن الإقليمي بتدخلها في ليبيا، تتزايد الدعوات للمجتمع الدولي للتصدي لهذه
الاعتداءات السافرة، حيث أكد خبراء أن تركيا تمارس سياسة توسعية واستعمارية في
ليبيا، وأنه لا بد من قوة دولية لصدها، موضحين أن الموقف المصري يقف ضد تقسيم
الدولة الليبية بين شرق وغرب ويرعى الحل السياسي، وأنه على المجتمع الدولي اتخاذ
إجراءات قوية ضد العدوان التركي.
كان مجلس الأمن الدولي قد عقد اجتماعا أمس
حول ليبيا، وشارك فيه وزير الخارجية سامح شكري، والذي أكد أن أن مصر كانت ثابتة في
دعمها لكل جهد ومبادرة تهدف للتوصل إلى تسوية للوضع في ليبيا، كما انخرطت مصر في
العملية السياسية، من الصخيرات إلى برلين، بما في ذلك من خلال تسهيل الاتصالات
والمفاوضات بين الأطراف الليبية.
وأكد أن الدول الأعضاء في المنظمة ملزمة
بمكافحة الإرهاب في ليبيا، بما في ذلك من خلال إدانة أي شكل من أشكال الدعم أو
المساندة المقدمة لقوى التطرف من قِبل أي طرف إقليم، مضيفا إن قيام أحد الأطراف
الإقليمية بنقل مقاتلين متطرفين من سوريا إلى الأراضي الليبية، مثلما تشير تقارير
"المرصد السوري لحقوق الإنسان" يومياً، يزيد من تفاقم الوضع في ليبيا،
بما يشكل تهديداً خطيراً لأمن الليبيين.
وعن الموقف المصري، أوضح شكري أن موقف مصر
المبدئي يرتكز على دعم الحل السياسي لليبيا الموحدة، كما ورد في "إعلان
القاهرة" الصادر في 6 يونيو 2020، والذي يتسق تمامًا مع نتائج قمة برلين
وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، وكذلك قرارات جامعة الدول العربية والاتحاد
الأفريقي.
وشدد على أن مصر ستُقدم المساعدة والدعم
إلى جارتها المباشرة ليبيا، وإلى الليبيين، الذين نرتبط معهم بعلاقات أخوة، وذلك
في سعيها لضمان استقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها، وإقامة مؤسسات فعالة تخدم جميع
الليبيين على قدم المساواة، خالية من الميليشيات والمجموعات الخارجة عن سيطرة
الدولة التي تعمل على تقسيم المجتمع وزعزعة استقرار المنطقة، وصولاً إلى ليبيا
خالية من التدخل الأجنبي، تستعيد دورها الهام والإيجابي كقوة للازدهار والاستقرار
في العالم العربي والأفريقي.
سياسة تركيا الاستعمارية:
وفي هذا السياق، قال السفير حسين هريدي، مساعد وزير
الخارجية الأسبق، إن المجتمع الدولي بالفعل أصدر قرارات للتصدي للانتهاكات التركية
في ليبيا، وتتطلب أن يكون هناك قوة قادرة
على تنفيذها وإرغام أردوغان على احترام قرارات مجلس الأمن ومخرجات مؤتمرات برلين،
مضيفا أنه في غياب هذه القوة لن يتوقف أدوغان عن انتهاكاته للسيادة الليبية.
وأوضح في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن أردوغان يستفيد من الانقسامات داخل الاتحاد
الأوروبي، وداخل حلف شمال الأطلسي فيما
يخص كيفية التعامل مع الأزمة في ليبيا والتعامل مع تركيا في المرحلة الحالية التي
تمارس خلالها سياسات عدوانية توسعية يغلب عليها الطابع الاستعماري.
وأكد أن المجتمع
الدولي نتيجة لهذه الانقسامات يقف عاجزا عن الضغط على تركيا، مضيفا أن مخرجات
مؤتمر برلين وقرارات مجلس الأمن وإعلان القاهرة كلها بمثابة خارطة طريق، وشروط
التسوية بالفعل موجودة وتتمع بشرعية دولية، لكن لا يوجد قوة حتى الآن تقف أمام
الأطماع التوسعية التركية، وهو ما ينبغي توافره لحل الأزمة.
رفض المجتمع الدولي:
ومن جانبه، قال الدكتور أشرف سنجر، أستاذ العلاقات
الدولية بجامعة بورسعيد، إن اجتماع مجلس الأمن أمس لمناقشة الأزمة الليبية كان
مهما لبحث الموقف وتداعيات الأزمة هناك في ظل الانتهاكات التركية للسيادة الليبية،
مضيفا إن المواقف الفرنسية والروسية والأمريكية والبريطانية تتوافق مع الموقف
المصري بشأن حل الأزمة الليبية.
وأوضح
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن فرنسا تنتقد بشكل واضح ومباشر للوجود
التركي في ليبيا بصفته اعتداء على السيادة الوطنية ويقلص فرص الحل الداخلي للأزمة،
مضيفا إنه المجتمع الدولي قد يتخذ إجراءات حازمة للتصدي للتدخل التركي في ليبيا،
كما أنه يطلب وقف إطلاق النار.
وأكد
أن الوجود التركي هناك يؤجج فرص زيادة الحرب الأهلية، وأعضاء مجلس الأمن والمجتمع
الدولي يرون أن الأزمة الليبية لا يمكن حلها عسكريا لأن ذلك سيحول البلاد إلى ما
آلت إليه الأوضاع في العراق وسوريا واليمن، مضيفا إن مصر تقف ضد تقسيم الدولة
الليبية بين شرق وغرب.
وأضاف،
إن انقسام ليبيا سيعزز من انتشار الإرهاب وحالة عدم الاستقرار ويدفع الدولة
المصرية لاتخاذ تدابير مضاعفة لحماية أمنها القومي، والمجتمع الدولي يرفض القرارات
والتدخلات التركية التي تهدد السلم والأمن الإقليمي، مضيفا إن الدول كافة حتى غير
دائمة العضوية في مجلس الأمن كألمانيا وجنوب أفريقيا ترى أن التدخل العسكري
واستخدام الحلول العسكرية أمر غير مرغوب فيه، وهو ما تراه مصر أيضا.
وأشار
أستاذ العلاقات الدولية إلى أن تركيا محاصرة من قبل المجتمع الدولي لأن تدخلها غير
مقبول ولا يمكن السماح لها بتهديد السلم والاستقرار الدولي، مضيفا إن تركيا تستهدف
زيادة مصالحها واستغلال ثروات ليبيا النفطية بتدخلها هناك وهو أمر واضح للجميع،
والمجتمع الدولي وكذلك المجتمع التركي نفسه لا يقبلان هذه الأطماع.
ولفت
إلى أن هذه الأزمة تذكر المجتمع الدولي بتدخل تركيا في قبرص عام 1974 وتقسيم قبرص
إلى دولتين قبرص التركية وقبرص اليونانية، ولن يقبل المجتمع الدولي أن يكون هناك
قبرص أخرى في ليبيا.