الإثنين 13 مايو 2024

بالصور.. حصار أم كلثوم وسط النيران فى لبنان

28-1-2017 | 01:40

 

كتب ـ خليل زيدان


نستكمل رحلات أم كلثوم إلى لبنان، فبعد عامين كانت الرحلة الثامنة لأم كلثوم، وبالتحديد كانت فى شهر نوفمبر 1964، حيث أحيت حفلين بسينما ريفولى ببيروت، الحفل الأول يوم الخميس 12 نوفمبر، وغنت فيه أم كلثوم ثلاث أغنيات، الأولى (حسيبك للزمن) والثانية #إنت_عمري والثالثة (للصبر حدود)، حضر الحفل رئيس الوزراء حسين العوينى ولفيف من الوزراء، ومن طرائف هذا الحفل أن علمت أم كلثوم انتظار حشود كبيرة من الجماهير أمام باب سينما ريفولى الرئيسى لرؤيتها وتحيتها، ولكنها خشيت أن يحدث ما لا يحمد عقباه عند رؤيتها أو الهجوم عليها لتحيتها فطلبت من السائق أن يقف أمام الباب الخلفى للسينما، وبالفعل فى حذر شديد دخلت السينما هاربة من الجماهير التى تنتظرها عند الباب الأمامى حسب وصف جريدة الحياة اللبنانية، صعدت إلى المسرح، وبدأت وصلتها الأولى فى العاشرة والربع، وما إن بدأت الفرقة فى العزف، وبدأت ثومة الغناء حتى تيقن الجمهور المنتظر بالخارج بهروب أم كلثوم منهم ولم يتمكن الكثير منهم لدخول بسبب ازدحام المسرح، وظلوا فى الخارج أمام الباب الرئيسى حتى الساعة الثالثة صباحاً، حيث عوضوا بمشاهدتها، وهى تخرج والتفوا حولها لتحيتها وحيتهم وتبسمت لهم، وأحاطت الشرطة بسيارتها لتحميها من هجوم الجمهور عليها.


الحفل الثانى فى تلك الرحلة كان فى ليلة 14 نوفمبر 1964 فى نفس المسرح بسينما ريفولى، وغنت أيضاً ثلاث روائع من أغانيها، وهى (حيرت قلبي) و(إنت عمري) و(كل ليلة وكل يوم)، وقدم الحفلين الإذاعى اللبنانى حسن عيد، ومن طرائف هذا الحفل أن علمت المطربة هيام يونس بقدوم أم كلثوم لإحياء الحفل بسينما ريفولى، وكانت هيام ترتبط بحفل لها فى نفس الليلة ففضلت أن تحضر حفل أم كلثوم أولاً وحسب قولها للتليفزيون الكويتى انسجمت هيام مع أغنية حيرت قلبى وظلت تصرخ مع كل مقطع الله الله الله حتى ذهب صوتها واضطرت أن تلغى حفلها.
وقبل أن تغادر أم كلثوم لبنان إلى القاهرة يوم الأحد التالى ذهبت إلى مشغل مدام صالحة للملابس اللبنانية النسائية لانتقاء بعض الفساتين، ورغم عطلتهم يوم الأحد فقد تم فتح المشغل خصيصاً لها وضج المشغل بالعاملات وكل من أتاه الخبر فى شارع بشارة الخورى حتى التفوا حول البناية فى حصار شديد لرؤية أم كلثوم عند خروجها من المشغل.


حريق يؤخر الحفل ومشاجرة فى المسرح
ونصل إلى الرحلة التاسعة من رحلات أم كلثوم إلى لبنان، وما جرى من أحداث فى هذه الرحلة يؤكد أنها كانت أتعس رحلات أم كلثوم، فقد وصلت إلى مطار بيروت يوم 5 أغسطس 1965 يصاحبها مدير أعمالها ابن شقيقها وكان فى استقبالها حشد من المعجبين وحسن الجاك متعهد حفلاتها، وعند استراحتها فى صالة الوصول تبين أن جواز سفرها يخلو من تأشيرة العمل المفروضة ولو كانت شخصية أخرى غير أم كلثوم لمنعوها من الدخول، وعلى الفور اتصل الأمن العام بالمدير وسوى الأمر بسرعة وقدم لها الترحاب
فى هذه الرحلة أحيت أم كلثوم حفلاً واحداً فقط، مربع البيسين فى عالية، يوم السبت 7 أغسطس غنت فيه ثلاث أغنيات، وهى (سيرة الحب) و(إنت الحب) و(إنت عمري).. وعن ذكريات هذا الحفل فقد كان من المقرر أن يبدأ فى التاسعة تماماً وبالفعل حضر الجمهور واكتظ المسرح بالحضور ولكن أم كلثوم لم تأتِ ولم يفرج الستار، فبدأ الضجيج والهتاف يعلو ولم يكن الجمهور يعلم أن أم كلثوم ما زالت فى الشارع لا تستطيع الوصول للمسرح بسبب حريق شب فى إحدى السيارات، وقد استقلت أم كلثوم السيارة متجهة من فندق شبرد إلى مربع البيسين فى عالية قبل الحفل فشب حريق فى سيارة بين عالية وبحمدون بسبب الزحام وتوافد الجماهير إلى الحفل، وكانت السيارة المحترقة أمام سيارة أم كلثوم وخلفها قافلة من السيارات، ووجدت نفسها محاصرة وظلت تتساءل أين المفر؟ وثارت أم كلثوم وخرجت عن شعورها، منتقدة أنظمة السير فى لبنان، خصوصاً طرقات الجبل وكيف الخروج من هذا المأزق الذى وضعت فيه، وتدخلت الشرطة لسحب السيارة المحترقة.


وصلت أم كلثوم إلى مكان الحفل وما إن صعدت إلى المسرح فى الحادية عشرة لتجد مشكلة أخرى أكبر مما واجهتها، فقد نشبت معركة بين الجمهور بسبب التكدس ومن دخل بحساب وبغير حساب بسبب تأخر الحفل واضطرت النخبة للانسحاب ولم يجد كل صاحب مقعد مقعده، وحدثت أكثر من مشكلة بسبب الكراسى التى تطايرت فوق الرؤوس، تمالكت أم كلثوم نفسها ويذكر أنها لم تسيطر على نفسها فى حياتها مثلما بدت فى ذلك الحفل، انتظرت حتى هدأ الجميع، وبدأت فى الغناء وبعد قليل تعطل الميكروفون فراحت تشدو وتبدع غير مبالية.. ويروى المراقبون لذلك الحفل أن لو أم كلثوم انسحبت فى تلك الليلة بعد كل تلك الأحداث لقامت مذبحة بين الجمهور، لكنها تحاملت على نفسها من أجل جمهورها.


حفلتان بمقدار ما استوردته مصر فى عام
ويأتى عام 1966 وتكون الرحلة العاشرة لأم كلثوم، حيث كان لها نصيب أوفر وحظ أجمل عوضها كثيراً عما حدث فى العام الماضى، فقد حضرت إلى لبنان هذا العام لافتتاح مهرجانات بعلبك الحادية عشرة، وكان الحفل الأول لها يوم 15 يوليو 1966، وغنت فيه ثلاث وصلات، الأولى (أمل حياتى) والثانية (بعيد عنك) والثالثة (للصبر حدود).. والحفل الثانى كان فى 17 يوليو، وغنت فيه أيضاً ثلاث أغنيات، وهى (الأطلال) و(سيرة الحب) و(إنت عمري)، وشدت أم كلثوم فى الحفلين تحت خيمة كبيرة، ابتكرها لها المهندس ببارو خورى بمعبد جوبيتر بقلعة بعلبك، وأطلت على جماهيرها المحتشدة فى الليلة الأولى فى التاسعة، وجرت العادة أن تغلق القلعة أبوابها فى الثامنة والنصف لولا تدفق الجماهير حتى العاشرة والنصف أى بعد أن بدأت أم كلثوم الحفل بـ"أمل حياتى" فامتلأت القلعة نشوة وطرباً، وكان فى مقدمة الحضور رئيس الوزراء د. عبدالله اليافى والوزراء والنواب وأعضاء لجنة المهرجانات، وحضر الحفل أيضاً المطربة فيروز وعاصى الرحبانى، واستقبلتهما أم كلثوم بين الوصلات مع نجيب حنكش، واستمرت فيروز حتى نهاية الحفل عند الساعات الأولى من الفجر، رغم أنها لا تسهر.

وكانت أم كلثوم السيدة الوحيدة فى الشرق التى فتحت لها أبواب قلعة #بعلبك لتدخل بسيارتها الرولزرويس موديل 66 التى وضعت لخدمتها حتى مدخل خيمة الحفل وعن الاستعدادات للحفل فقد غنت فى حراسة ألف من رجال الجيش و500 من رجال الدرك (الشرطة) انتشروا على مداخل القلعة، بينما نظم المرور 100 من ضباط المرور، حتى استقرت الجماهير.


وارتدت أم كلثوم فى الحفل فستانا أحمر، وقد اجتاحت القلعة موجة من البرد جعلت الجمهور يرتعش فى فترة الاستراحة ثم يشعرون بالدفء مع صوت أم كلثوم فى الوصلة الثالثة، التى أطلت فيها أم كلثوم مرتدية عباية وردية اللون لتقيها من البرد.


تناولت الصحف اللبنانية والمصرية آنذاك الرحلة، واصفة إياها بأنها أروع زيارات أم كلثوم، وركزت كل المطبوعات على الأجر الخيالى للحفلتين اللتين أقامتهما فى قلعة بعلبك للمرة الأولى، حيث تقاضت وفرقتها 80 ألف ليرة، أى ما يوازى ما استوردته مصر من التفاح من #لبنان فى عام كامل، إن لم يكن يزيد بعشرين ألف ليرة !
ترقبوا الحلقة الثالثة والأخيرة وأسرار جديدة عن حفلات #كوكب_الشرق

 

    Dr.Radwa
    Egypt Air