أكد خبراء
مصر تدير ملف سد النهضة بحكمة ولن تقبل المساس بحقوقها في مياه النيل ولن تتنازل
عنه، موضحين أنه في ظل حالة التلاعب ومحاولات استفزاز مصر فكل الخيارات متاحة
أمامها للحافظ على حقوقها المائية، وأنها مستمرة في مسار المفاوضات والحلول
السلمية وقد يتم التصعيد في مجلس الأمن نظرا لتداعيات هذا الملف على الأمن والسلم
الدولي.
كانت وزارة
الخارجية، قد أعلنت أن مصر طلبت إيضاحاً رسمياً عاجلاً من الحكومة الإثيوبية بشأن مدى
صحة ما تردد إعلامياً عن بدء إثيوبيا ملء خزان سد النهضة، مؤكدة أن مصر تواصل متابعة
تطورات ما يتم إثارته في الإعلام حول هذا الموضوع.
جاء ذلك
بعد أعلن وزير الري الإثيوبي، صباح أمس الأربعاء،
بدء الملء الأولي لسد النهضة، لكنه عاد واعتذر مساءا عن تلك التصريحات، وقال في تصريحات نقلها عنه التليفزيون الإثيوبى أمس
"نعتذر عن سوء التفسير للتقرير السابق على صفحتنا على وسائل التواصل الاجتماعي
الذي تناول بدء ملء سد النهضة الكبير"، واصفا الصور المنشورة والتي تظهر تجمع
المياه خلف السد بأنها عكست الأمطار الغزيرة وأن
التدفق كان أكبر من التدفق الطبيعي، وليست ملئا للسد.
وفي الوقت نفسه، كشفت وزارة الري والموارد
المائية السودانية، عن تراجع منسوب مياه نهر النيل الأزرق بما يعادل 90 مليون متر مكعب
مما يؤكد إغلاق بوابات سد النهضة، وذلك بعد تداول معلومات وصور ملتقطة بالأقمار
الصناعية تشير إلى بدء إثيوبيا في ملء سد النهضة بالمياه قبل التوصل لاتفاق.
كل
الخيارات متاحة أمام مصر
وفي هذا
السياق، قالت السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الإفريقية، إن كل
الخيارات متاحة أمام مصر للحفاظ على حقوقها المائية في حالة تلاعب إثيوبيا بمسار المفاوضات
حول سد النهضة، مضيفة أن أديس أبابا نفت تصريحات وزير الري بشأن البدء في ملء السد،
لكن هذا إن حدث سيمثل خرقًا لكل الاتفاقيات التي تمت.
وأوضحت في
تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هذه الاتفاقيات تشمل اتفاق المبادئ والاتفاق
الذي تم التوصل إليه قبل المفاوضات الأخيرة، مضيفة أن هذا جاء استباقا للقمة المرتقب
عقدها بين مصر وإثيوبيا والسودان مع الاتحاد الأفريقي نتيجة التقرير الذي تقدمت به
كل دولة لجنوب أفريقيا، الرئيس الحالي للاتحاد.
وأضافت إنه
في حالة لجوء إثيوبيا لأية تحركات أحادية بشأن السد ستواصل مصر التصعيد وحينها ستتوقف
المفاوضات، موضحة أن مصر لا تتجه للحلول غير السلمية ولكن التصعيد السلمي في إطار الحق
المصري والسوداني، فكل الآليات متاحة أمام مصر لأن الملف يمثل أمنا قوميا لها.
وأكدت أنه
قد يتم التصعيد في مجلس الأمن، باعتبار أن سد النهضة يمثل أزمة دولية تهدد السلم والأمن،
وقد يتم صدور قرار من مجلس الأمن قد يترتب عليه توقيع عقوبات أو ضغط دولي يطالب إثيوبيا
بمراعاة الاتفاقيات الدولية، موضحة أن إثيوبيا وتاريخ المفاوضات معها منذ 2011 حتى
الآن شهد قرارات وتحركات أحادية من جانبها بدءًا من إقامة السد الذي كان قرارا أحاديا
وخرقا للقانون الدولي وقانون الأنهار، وهذا قد يرجح أنه من الممكن أن تلجأ أديس أبابا
للملء بشكل أحادي دون اتفاق مع مصر والسودان.
وأشارت إلى
أن تراجع إثيوبيا عن تصريحات بدء ملء السد، يعد مؤشرا إيجابيا أنهم غير راغبين في الاستفزاز
سواء عن حق أو عن باطل.
مصر تدير الملف
بحكمة ولن تتنازل عن حقها
فيما قال اللواء يحيي كدواني، عضو لجنة
الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، إن إثيوبيا تتبع أسلوب غير دبلوماسي وتعرقل الجهود
والمفاوضات للخروج بحل يرضي الدول الثلاث بشأن سد النهضة، مؤكدا أن مصر تنتهج الحكمة
والأساليب السلمية والمفاوضات وإدخال وسطاء آخرهم الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد
الأفريقي.
وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"،
أن مصر مستمرة في الطريق السلمي حيث لجأت إلى مجلس الأمن وتواصل جهودها للوصول لحل
يحفظ حقوقها المائية، مؤكدا أن القيادة السياسية تدير الملف بحكمة، وهذا الأمر بالنسبة
لمصر حياة ووجود لأن نهر النيل يساوي حياة مصر والمصريين.
وأكد أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال
أن تتنازل مصر عن حقها المشروع والمصون بموجب الاتفاقيات الدولية في مياه النيل، مضيفا
إن مصر تتبع أسلوب هادئ وحكيم ونطلع العالم على ما يحدث، ويعتبر الحديث عن بدء ملء
البحيرة خلف سد النهضة قبل الاتفاق بين الأطراف الثلاث وفقا لاتفاق المبادئ 2015، خروجا
عن القانون الدولي.
وأشار إلى أن المحكمة الدولية في وقائع
سابقة، أدانت الدولة المعتدية على حقوق الدول الأخرى وأوقفت المشروعات التي كانت تتم
في هذا الصدد في واقعة سابقة، مؤكدا أن الملف يحمل أهمية وتداعيات خطيرة وقد يكون له
توابع كارثية على الاستقرار الأفريقي ومصر ماضية في الأسلوب السلمي إلى نهايته واللجوء
إلى المحاكم الدولية.
وأضاف أن مصر قادرة على إدارة مثل هذه
المشاكل وتستطيع بجيشها القوي ووحدة الشعب المصري على مواجهة أية أزمات أو مشاكل وقادرة
على الحفاظ على حقوقها كاملة وعدم المساس بها.