الأربعاء 5 يونيو 2024

في ذكرى رحيل مؤسس دار الهلال جرجي زيدان.. ننشر وثيقة ميلاده وجزءا من مذكراته

22-7-2020 | 21:53

في ذكرى رحيل جرجي زيدان، ذلك الرجل الذي أصبح من أوائل رواد الثقافة في الوطن العربي، والذي أنشأ مؤسسة تفيض نورا وثقافة وإعلاما وترفيها لجموع العرب، فهناك بالطبع فرق بين أن كاتب يجتهد ليملأ الدنيا بكتاباته وبين آخر استطاع أن يصبح مشروعه مؤسسة كاملة تغطي كل مناحي الثقافة والأدب والفنون.. في ذكرى رحيل الرجل العظيم مؤسس دار الهلال جرجي زيدان ننشر لأول مرة وثيقة ميلاده وجزءً من مذكراته التي كان قد أعدها للنشر.

 

العدد الذي شهد نهايته

في العدد العاشر من مجلة الهلال، وهي المجلة التي أنشأها جرجي زيدان ليوظف فيها جهوده الأدبية ويستكتب فيها عمالقة الكتاب والأدباء، والتي أصبحت أول المجلات الثقافية في العالم العربي، كتب متري زيدان شقيق جرجي رثاءً وقد كان متري مديرا للهلال، وأكد في رثائه أن جرجي كتب آخر كلماته في هذا العدد وقام أيضا بتجميع كل مادته ليصبح جاهزا للنشر، وقال متري في الرثاء: بيد ترتعش وعين تذرف دما وقلب يتمزق لوعة وأسىً، أنعي إلى القراء شقيقي الحبيب جرجي زيدان صاحب الهلال ـ قضي وأسفاه في 22 يوليو الماضي بعد أن كتب آخر كلمة من هذا العدد وأتم آخر جزء من ملحقاته.. ونوه مترى أنهما فقدا شقيقا لهما منذ 20 عاما وقت أن كان طالبا في المدرسة الطبية، وقد رثاه جرجي قائلا : ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي .. ويستطرد متري : فإذا كان هذا قولك في أخيك وهو لا يزال طالبا، فماذا أقول فيك وقد فقدناك أخا شفوقا وعمادا قويا وسندا عظيما، وأكد متري في نهاية كلمته أن إميل الإبن الأكبر سيكمل الرسالة وسيوالون جميعا نشر الهلال.

 

جزء من مذكراته

جاء في مذكرات جرجي زيدان أنه سأل والده عن أصل العائلة، فقال الوالد أن أباه يسمى زيدان يوسف مطر، وكان "خولي" عند السيدة "حبوس" والدة الأمير مصطفى أرسلان، وكانت تحكم عين عنوب وما يليها في أوائل القرن الماضي، أي كان وكيلا على أملاكها وأشغالها، ولما جاء إبراهيم باشا إلى سوريا لفتح عكا والاستيلاء على الجبل، كانت حبوس من الرافضين له وقد خافت سطوته  وقررت الفرار من وجهه، وطلبت من جده زيدان أن يرافقها في الفرار،  لكنه رأى بعين البصيرة أن الدولة المصرية غالبة لا محالة، وأن له عائلة وأطفالا يصعب عليه فراقهم، أو حملهم وهو هارب، وألحت عليه حبوس لكنه اعتذر، فتركته وفرت .. ودخل إبراهيم باشا الجبل بمساعدة الأمير بشير عام 1832، وظلت حبوس مختفية إلى أن ضعف أمر إبراهيم فعادت إلى بلدها ، وقد حقدت على زيدان وصادرت أملاكه وأمواله، وتعمدت الحط من شأنه، فلم يتحمل زيدان الجد ومات حزنا، وترك إمرأة وصبيين أحدهما والد جرجي وهو حبيب الذي كان عمره قد تجاوز عشرة أعوام، ونزح الثلاثة إلى بيروت وليس لهم معينا إلا الصبي والد جرجي الذي بدأ حياته بصنع الأطعمة والملابس .

 

ميلاد جرجي

ويستطرد جرجي في مذكراته أنه ولد ببيروت في 14 ديسمبر 1861، وتلقى مبادئ العلوم في المدارس الإبتدائية ، واقتضت الأحوال ترك جرجي للدراسة ومساعدة والده وهو لم يبلغ الثانية عشرة من عمره، لكن ميله للعلم والأدب جعله يطلع على كل ما تصل إليه يده من الكتب، ثم التحق بمدرسة ليلية لتعلم اللغة الإنجليزية، رغم ما كان يلاقيه من التعب طوال نهار العمل مع والده، والتحق بجمعية شمس البر الأدبية التي كان كل أعضائها من طلبة الكلية الأمريكية، وفي عام 1881 قرر ترك عمله للالتحاق بكلية الطب، لكن أصدقاءه في الكلية الأمريكية نصحوه بأن الدراسة تستلزم ست سنوات، إثنان منها لدراسة العلوم الإعدادية ثم أربعة لدراسة الطب، فتحدى نفسه ودرس العلوم الإعدادية على يد أحد أصدقائه واجتازها بنجاح ثم التحق بكلية الطب بعد أن اجتاز اختبار القبول، وفي السنة الأولى حصل على درجة الامتياز، وفي السنة الثانية لم يمض شهران من الدراسة إلا وحدث اختلال في الكلية أدى إلى خروج كل طلبتها، وخاض بعد خروجه امتحانا في العلوم الصيدلية مع بعد رفاقه فنال الشهادة في الطبيعيات والحيوان واللغة اللاتينية والكيمياء.. وأراد جرجي تكلمة الطب فسافر إلى القاهرة ليدرس في مدرسة قصر العيني غير أن طول مدة نيل الشهادة جعله يتجه إلى العلم وتولى تحرير جريدة الزمان.

 

بقي أن نفاجئ القراء بنشر وثيقة ميلاد العبقري جرجي زيدان والتي ربما تظهر لأول مرة .