تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنانة وردة
التي كانت لونا جديدا في حديقة الطرب العربي، وفاض عبير أغانيها ليملأ صدور محبي
الطرب ويداعب قلوبهم بجمال صوتها تارة ويستنهض عزيمتهم تارة أخرى من خلال أغانيها
الوطنية، وفي ذكرى ميلاده ننشر أول حوار لها بمجلة الكواكب مع أول صورة لها في
الصحافة.
كان الظهور الأول للفنانة وردة من
خلال حفل أضواء المدينة في دمشق في 23 فبراير 1960، وقت أن كانت تربط مصر وسوريا بوحدة، وأطلق عليها الجمهورية العربية المتحدة، وكان على وردة التي تتسم بكثير من
الذكاء أن تختار كاتبا وملحنا عبقريا كي يصيغا لها أول أغنية تكون جواز المرور لها
في عالم الفن، وبالفعل كتب الملحن محمد محسن أغنية "أنا من الجزائر .. أنا
عربية" ولحنها لها الفنان محمد سلمان وقدمها على المسرح للجماهير لتأسر وردة
قلوب الجماهير من أول كلمة بهذه الكلمات التي تستنجد بها الرئيس جمال والجمهورية
المتحدة لنصرة الثورة الجزائرية ، لتبدأ مجلة الكواكب بعد ذلك التاريخ في تقديم
وردة للجمهور من خلال الحوار التالي لها والذي نشر في عدد 26 أبريل 1960، وبعده
مباشرة قدمت أولى أغانيها في مصر وهي أغنية عاطفية بعنوان " حا اقولك
حاجة" كلمات حسين السيد وألحان رياض السنباطي لتشدو بها وردة في حفل أضواء
المدينة بدار الأوبرا في 5 مايو 1960، وقدمها على المسرح الفنان أحمد الحداد.
بكلمات ساحرة قدم محرر الكواكب وردة
للجمهور العربي في حواره معها وكان بعنوان "وردة في القاهرة" ، وقال
أنها جاءت لتعاقد على فيلم "ألمظ وعبده الحامولي" ولتسجيل عدة أغنيات
للإذاعة، وعن وصفها قال المحرر : في دمها تشتعل ثورة الجزائر، وفي حديثها وميض لا
يخبو من خط النار وفي أغنياتها صورة من صور جهاد الأحرار، حتى أنك لتخالها إحدى
المتطوعات لتحرير وطنها السليب .. ولعب المحرر أيضا على وتر العاطفة الوطنية في
تقديم وردة، وقال "أغنياتها"! رغم أن وردة لم تكن قد غنت غير أغنية
وطنية واحدة وهي التي سبق التنويه عنها، لكن من المؤكد أن المحرر استخدم مفردات
تقرب وردة من قلوب الجماهير مباشرة.
طلب المحرر من وردة في ذلك اللقاء أن
تغني أغنية أنا من الجزائر، ونشرها كاملة في الحوار، ووصف صوتها بأنه معبرا /
ونقله إلى معارك الحرية في جبال الجزائر الثائرة، وسألها المحرر عن سبب شرودها ،
أهو الحب؟ فقالت أنها تعيش في بلادها وبين قومها الذين يبذلون الدماء في سبيل
تحرير الوطن، وتشاركهم ولو بأفكارها، عن تركها باريس وعملها فيها فقد قالت وردة
أنها كانت تعمل في ملهى تام تام المملوك لوالدها وهو الملهى الوحيد الذي يقدم
اللون العربي، وفيه يلتقي الفرنسيون والجزائريون والتونسيون ، ولم يرق للفرنسيين
التكاتف والتعاضد العربين فقاموا بإغلاق الملهى، ومن هنا عادت وردة وأسرتها إلى
تونس ، وظل والدها يعاني أمراضا نفسية وجسدية بسبب إغلاق محله.
وأكدت وردة في حوارها أنها جاءت إلى
مصر في زيارة سريعة التقت فيها بالموسيقارين محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وغيرهما
واستمرت الزيارة لأربعة أيام، وعن سبب منعها من دخول القطر الشمالي للجمهورية وهو
سوريا قالت وردة بسبب جواز السفر الفرنسي الذي كانت تحمله، وكانت تعمل وقتها في
بيروت ولجأت إلى مكتب الجزائر هناك وأعطاها تصريحا لدخول دمشق وبالتالي تمكنت من
المشاركة في حفل أضواء المدينة الثاني هناك .. أما الأحداث التي تركت في نفسها
أثرا فقالت أن وفاة والدتها كان لها أثرا غير مجرى حياتها.