الخميس 23 مايو 2024

في عيدها الـ 68.. ننشر بعض وثائق ثورة يوليو

23-7-2020 | 21:31

نحتفي كل عام بعيد ثورة يوليو1952، وهي الحركة المجيدة أو الثورة البيضاء، وأطلق عليها هذا المسمى لأنه لم ترق فيها قطرة دم واحدة، ومن المؤكد أنه كانت هناك بوادر لإراقة الدماء مثل أي ثورة لولا صوت العقل الذي ظهر عند اتخاذ القرارات، فكل الوثائق والأحداث تؤكد عدم المساس بملك مصر السابق فاروق وأسرته، وإن كان هناك بعض الشواهد تؤكد أنه ظهر رأيا وحيدا من مجلس قيادة الثورة اقترح القبض على فاروق ومحاكمته، وسأل البكباشي جمال عبد الناصر صاحب الرأي: وبعد محاكمته؟ فقال الآخر: نعدمه .. وهنا انفعل عبد الناصر وذكرهم جميعا بأن الثورة التي تبدأ بالدم تنتهي بالدماء، وكان رأيه عدم المساس بفاروق، وتم الإتفاق على مغادرته مصر وأسرته .

 

على الجانب الآخر استنجد فاروق ببعض القنصليات الأجنبية لمساعدته للخروج من الأزمة ولم يستجب أحدا منهم، وعللوا بأن الأمر داخلي وعليه احتواء الأزمة، وظهر صوت من الحرس الملكي يقترح مقاومة الضباط الأحرار والقبض عليهم، وتأكد فاروق أن ذلك الإقتراح لو تم تنفيذه سيكون هناك خسائر من الطرفين ـ الحرس والضباط ـ فرد فاروق بأن كلا الجانبين مصريون وهو لا يريد إراقة الدم المصري .. وذلك ما جعل ثورة يوليو بيضاء بحكمة جميع الأطراف، وطلب فاروق حفظ ماء وجهه بتوقيعه على وثيقة تنازل عن الحكم، وبالفعل صيغت الوثيقة وقدمت له لتوقيعها، وكان قد وصله إنذار مجلس قيادة الثورة بالمغادرة فامتثل وغادر في الوقت المحدد .. وننشر اليوم وثيقة إنذار المغادرة مع بعض الوثائق الأخرى.

 

الإنذار الموجه للملك السابق

من الفريق أركان حرب محمد نجيب باسم ضباط الجيش ورجاله إلى جلالة الملك فاروق الأول

إنه نظرا لما لاقته البلاد في العهد الأخير من فوضى شاملة عمت جميع المرافق نتيجى سوء تصرفكم وعبثكم بالدستور وامتهانكم لإردة الشعب، حتى أصبح كل فرد من أفراده لا يطمئن على حياته أو ماله أو كرامته، ولقد ساءت سمعة مصر بين شعوب العالم من تماديكم في هذا المسلك حتى أصبح الخونة والمرتشون يجدون في ظلكم الحماية والأمن والثراء الفاحش والإسراف الماجن على حساب الشعب الجائع الفقير.

 

لقد تجلت آية ذلك في حرب قلسطين وما تبعها من فضائح الأسلحة الفاسدة وما ترتب عليها من محاكمات تعرضت لتدخلكم السافر مما أفسد الحقائق وزعزع الثقة في العدالة وساعد الخونة على ترسم هذه الخطى فأثرى من أثرى وفجر من فجر، فكيف لا والناس على دين ملوكهم.

 

لذلك قد فوضني الجيش الممثل لقوة الشعب بأن أطلب من جلالتكم التنازل عن العرش لسمو ولي عهدكم الأمير أحمد فؤاد، على أن يتم ذلك في موعد غايته الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم السبت الموافق 26 يوليو 1952 ومغادرة البلاد قبل الساعة السادسة من مساء اليوم نفسه والجيش يحمل جلالتكم كل ما يترتب على عدم النزول على رغبة الشعب من نتائج.

 

كانت تلك صيغة الإنذار الذي وجه للملك فاروق وتشير الدلائل أنه قام وأسرته بجمع كل غال ونفيس عند مغادرته البلاد، ولم يكن في الإنذار أي بند أو جملة تطالبه بترك أمواله أو ذهب أسرته أو أي مقتنيات، وحقيقة لا يعرف أحد سبب أن يستقل الفريق محمد نجيب يختا للحاق بفاروق في عرض البحر لتحية ووداعه .. أما الويثقة الثانية التي ننشرها فهي خاصة بمصاردة أملاك والصدارة في 27 سبتمر 1953، فيها سطر وحيد يقول تقرر مصادرة أموال الملك السابق فاروق من اليوم وإلغاء الحراسة على أمواله.

 

والوثيقة الأخيرة التي ننشرها هي إقصاء بعض موظفي الإذاعة من مناصبهم نظرا لانتمائهم إلى العهد الملكي أو مساندته، وكان عنوانها : إنهاء عقود وتسوية حالة بعض موظفي الإذاعة وكانت في 22 نوفمبر 1953وكانت صيغتها كالتالي:

قرار مجلس قيادة الثورة بتاريخ 22/11/1953

قرر مجلس قيادة الثورة في اجتماعه الأخير وتحقيقا للمصلحة العامة إنهاء عقود وتسوية حالة كل من موظفي ومستخدمي الإذاعة المصرية الآتية أسماؤهم بعد: الأميرالاي محمد كامل الرحماني ـ على خليل ـ محمد الشافعي البنا ـ صالح جودت ـ شاكر لطفي نخلة ـ محمود اسماعيل جاد ـ عبد العزيز مصطفى ـ أمين واصف ـ عبد المنعم مراد ـ إسماعيل عبد المجيد ـ هدى توفيق ـ السيد أحمد علد المجيد ـ عبد الفتاح زكي ـ محمد نور الدين رياض ـ على سري ـ بسيوني مطاوع نصر .

 

كان على خليل هو الاسم الثاني في القائمة وقد كان رئيسا للإذاعة، أما الاسم الرابع فقد كان الشاعر والكاتب الكبير صالح جودت ، الذي كانت له نشاطات عديدة في الإذاعة المصرية ومنها برنامج "براعم الشعر" الذي يقدم فيه مواهب الشعراء الجدد، وربما كان سبب إقصاء جودت عن الإذاعة أنه كتب عدة أغاني غناها الموسيقار عبد الوهاب في عيد ميلاد وجلوس الملك فاروق، وهو أيضا مؤلف أغنية الفن التي شدى بها عبد الوهاب وليلى مراد والتي يقول فيها : الفن مين شرفه إلا الفاروق ورعاه .

 

بقي أن نؤكد أن صالح جودت رغم مغازلته للعهد الملكي بما صاغه من أشعار تمجد ملك مصر، فقد عاد إلى الساحة بعد ذلك وطلبت منه أم كلثوم أغنية وطنية قوية توجهها بصوتها إلى الرئيس عبد الناصر للعدول عن قرار التنحي بعد نكبة 1967، ولبى جودت طلبها وصاغ في يوم واحد قصيدة "حبيب الشعب" وشدت بها أم كلثوم في 11 يونيه 1967 .