الجمعة 27 سبتمبر 2024

مقاطع قصيرة

21-4-2017 | 13:21

راما وهبة

ولدت في حلب (1985)، ودرست الأدب العربي في جامعة حلب، وتكمل حاليا الماجستير في الأدب المقارن في جامعة دمشق.

 (1)

                أريد أن أكتب كلاما خفيفا

                خفيفا كالصباح

لتسقط أجراس الندى على أقرب حافة

                *

حين تتمسك بغيمة

تفقد كل الأوطان حدودها في الجغرافيا

يتوازن الهواء على الأجنحة التي لا تعود

*

يوجد أشجار

أشجار في كل مكان

لتهجر المقابر والبيوت والخوف من الزمن

*

بين سطوح الأبنية الرمادية

يرتفع غراب كراية حرب

تتعرق أعضاؤك كمن يحبس في داخله جنينا

وكأنك للمرة الأولى ترى انعكاس صوتك في كل احتمال

*

ليست مصادفة

أن الوردة تزاوج الأبعاد

والريح تبسط العبادة

                *

ليس عليك أن تلتفت

فأنا لا أولد إلا من الغناء

*

أخرج من فراغك

مكتملة

من يكلف الحب كل هذه الموسيقى؟

 

(2)

أحب المدن بشوارعها الخلفية

تلك الأزقة التي ترشح من عتمة النهايات

والأبواب المواربة للحناجر الممرغة بالبغاء الخشن

واللمس الخفيف لأثواب الرهبان

هناك أفتقد السماء كلحظة مكسورة بعريها

وأود أقول لك:

بأن الرغبة كالنجوم التي تحترق

لتبقى جسرا من النبضات الآتية

*

صوتك

قطعة من الرصيف المالح

في الشتاء الذي يؤلم الحفاة أكثر

*

يأخذني استباق الهزائم

كمن يعثر على وجهه بين الأصابع النحيلة

ويبدد الزهرة في سؤال الريح

*

على الرغم من أن جميع التفاح لا يتألم

والمطر أكثر من نافذة

إلا أنني أريد أن أعرف مثل إليوت

"أين هي الحياة التي ضيعناها في العيش؟"

 (3)

 

في الرابعة فجرا

أشعر بأنه من حقي تماما ألا أفكر بشيء آخر

سوى صوت سارة فوغان

وهي تتعرق

كامرأة ترضع الألم بجسدها كله

وتعري لحمها الزنجي إلى صرخة بيضاء

يشغلني صدع صغير في صحن من البورسلين

قد يحسبه غيري سببا كافيا لرميه بعيدا

إلا أنني أعلم  بأن النقص المستمر في الأشياء

هو كل ما يجعلها تتسع للمجهول والعدل والهشاشة

وحين أضع رأسي على أرضية المطبخ

لأجد قاعا أملس للفراغ

أتذكر بحث المتصوفة عن طمأنينة الرخام

ربما لو كنت إلى جانبي الآن

لرميت أشياء كثيرة أولها الزمن

ولعرفت كيف يكون الاقتراب مفتوحا على طعم الليل

واللمس خفيفا كالتوبة

إلا أنني في الرابعة فجرا

وكل ما أحاول فعله ألا أفكر بشيء آخر

سوى صوت سارة فوغان

وهو يزول

مع الأشياء جميعها.