حذرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر اليوم الخميس، من أن عمليات البحث لتطوير لقاح ضد فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) يمكن أن تزيد من حالتي الانقسام السياسي والاجتماعي داخل الولايات المتحدة، لاسيما وهي تستعد لإجراء الانتخابات الرئاسية في نوفمبر القادم.
وتناولت الصحيفة، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، محتوى إعلان نُشِر على مواقع التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة يحث الناخبين على تسجيل بياناتهم لحجز جرعة اللقاح الذي تعهدت إدارة الرئيس دونالد ترامب بإنتاجه وطرحه قبل نهاية العام الجاري؛ وهو إعلان انتخابي يحمل في طياته الأمل لا الخوف، على عكس جميع الحملات الانتخابية التقليدية السابقة التي طالما انطوت على حروب أو هجمات وشيكة.
وذكرت الصحيفة، في هذا الشأن "من المحتمل أن يتمكن ترامب من التأثير على شريحة حاسمة من الناخبين بمثل هذا الإعلان، لكن هناك خطر أكبر يتمثل في إمكانية تعميق عدم ثقة الشعب الأمريكي في مؤسساته العلمية؛ إذ أظهر استطلاع حديث أن نصف الأمريكيين فقط يخططون لتناول لقاح فيروس كورونا، فيما قالت استطلاعات أخرى إن ما بين ربع وثلث الأمة لن يتم تطعيمهم أبداً".
وبغض النظر عن العدد الحقيقي، حسبما قالت الصحيفة، فإن دعاة رفض اللقاح يعانون في واقع الأمر من مرض لا يقل خطورة عن فيروس كورونا المستجد، لاسيما وأن ما لا يقل عن ثلاثة أرباع السكان بحاجة إلى تناول التطعيم للوصول إلى مناعة القطيع.
وأضافت الصحيفة: "تؤكد الحقائق العلمية أن الأمراض المعدية تنتشر بسبب انعدام الثقة، فمن الصعب تخيل أن تجارب المعامل في دول العالم أفضل من التجارب الأمريكية، فبعض اختبارات اللقاحات الأمريكية أظهرت نتائج مبهرة حتى الآن. لكن يتعرض المشرفون عليها لضغوط هائلة للسماح لشركات الأدوية الكبيرة بتقصير وإنهاء التجارب السريرية، بشكل ربما يؤدي في نهاية المطاف إلى أخطاء".
وتابعت الصحيفة: "إن قومية اللقاحات لا تتعلق فقط بالحكومات الغنية التي تطلب مسبقًا أكبر عدد ممكن من الجرعات. بل تتعلق أيضًا بالفوز بحقوق المفاخرة الكبيرة التي لا يمكن تصورها في السباق الدائر لإنقاذ العالم. وقد يكون لأي توقف أو عدم تركيز في التجارب المعملية خطراً على الصحة العامة".
وبحسب الصحيفة، هذا الحذر يفسر تردد العديد من الناس في تناول اللقاح. فيما يتم إقناع الآخرين بنظريات المؤامرة. وفي المعركة بين العلم العام والمشاعر المناهضة للقاحات، يتفوق العلم بشدة، لكنه يواجه تحالف من الشكوك الشعبية المنتشرة في تياري اليسار واليمين.
وأردفت "فاينانشيال تايمز" تقول إنه في حالة ظهور لقاح فعّال قبل أن يذهب الشعب الأمريكي إلى صناديق الاقتراع في نوفمبر المقبل، فلن يكون ترامب هو الشخص المثالي لإبلاغ مواطنيه بطرح اللقاح. فبعد تأييده لاستخدام المطهرات والكلور، فقد ترامب مصداقيته. ولهذا، يتعين أن يأتي الخبر من أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، والذي تبلغ معدلات الثقة فيه ضعف ما تبلغه تقريبًا في الرئيس ترامب".