قال وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة إن الإسلام هو دين السلام،
ونبينا (صلى الله عليه وسلم) هو نبي السلام، وتحية الإسلام والمسلمين في
الدنيا والآخرة هي السلام، والجنة هي دار السلام، وتحية أهلها السلام، حيث
يقول الحق سبحانه: {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ}, وتحية الملائكة لهم
فيها سلام , حيث يقول الحق سبحانه:{وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ
عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ
فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار} .
وأضاف وزير الأوقاف - في كلمته أثناء مشاركته اليوم في مؤتمر افتراضي حمل
عنوان (المقاصد العليا للسلم في الإسلام) بدولة الإمارات، والتي ألقاها
نيابة عنه الدكتور هشام عبد العزيز علي أمين عام المجلس الأعلى للشئون
الإسلامية تحت عنوان (فلسفة السلام في الإسلام) - إن كلمات: السلم،
والسلام، والإسلام، تنتمي إلى جذر لغوي واحد هو مادة "سلم" ، وإن أهم ما
يميز هذا الجذر اللغوي هو معاني السلم والمسالمة.
وتابع الوزير إن الله (سبحانه وتعالى) قد سمى ذاته العليا باسم السلام،
فقال (عز وجل): {هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ
الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ
الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، ويدعونا سبحانه
وتعالى إلى دار السلام فيقول (عز وجل) : {وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ
السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}، وإن ليلة
القدر التي هي خير من ألف شهر والتي تعد أعظم ليلة وأعظم منحة من الله
للمسلمين ليلة سلام ، حيث يقول الحق سبحانه: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ
الْفَجْرِ} ، ولم يقل سبحانه : هي سلام ، ليجعل من لفظ السلام عمدة وأصلاً
تدور عليه حركة الكون والحياة .
وأردف قائلا: نهانا الحق سبحانه وتعالى أن نسيـئ الظن بمن يلقي إلينا
السلام , فقال (عز وجل):{ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ
السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
فَعِنْدَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ
اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ
خَبِيرًا}.
وقال وزير الأوقاف إن ضرورة السـلام للإنسان في الإسلام تنبع من أنه دين
يعدل بين الناس جميعًا في الحقوق وفي الواجبات , ويؤمن بقبول الآخر
والمختلف , فالله تعالى خلق الناس مختلفين ، قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ
رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ
مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}، ويقول
سبحانه:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}أي : لتتعارفوا
وتتعاونوا وتتكاملوا ، لا لتتحاربوا وتتقاتلوا ويسفك بعضكم دم بعض.
ويقول سبحانه: { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ
كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا
مُؤْمِنِينَ} ، ويقول سبحانه : { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ
تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} , ويقول سبحانه : ” لَا يَنْهَاكُمُ
اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ
يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ“.
وأشار وزير الأوقاف إلى أن فلسفة السلم تعد هي القضية الراسخة في الفكر
الإسلامي ، حيث يقول الحق سبحانه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ
الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ }.
ولفت الى انه وفق مفهومي الموافقة والمخالفة في فهم هذه الآية فإن من يسير
في طريق السلم الإنساني متبعٌ لما أمر الله به عباده المؤمنين ، ومن يسلك
مسالك الفرقة والشقاق ، والتكفير والتفجير ، والخوض في الدماء ، والولوج
فيها بغير حق فسادًا أو إفسادًا ، متبعٌ لخطوات الشيطان الذي هو لنا جميعًا
عدوٌّ مبين.. فالسلام في الإسلام , سلام شامل : سلام مع النفس ، سلام مع
الآخر ، سلام مع المجتمع ، سلام مع الحيوان ، سلام مع الجماد ، سلام مع
الكون كله ، وهو ما يجعلنا نؤكد وباطمئنان أن ديننا هو دين السلام ، وأن
فلسفة السلام هي الفلسفة الأصيلة الراسخة في الإسلام.