السبت 1 يونيو 2024

الدولة تواصل ردع المتعدين على الأراضي الزراعية.. خبراء: غياب الرغبة في الاستثمار الزراعي و تداخل العوامل الاجتماعية أهم الأسباب.. الاقتصاد الحر جعل من الزراعة عبئا كبيرا على الفلاح

تحقيقات30-8-2020 | 21:46

أجمع خبراء على أن الدولة نجحت خلال السنوات الأخيرة في استرداد العديد من أراضي أملاك الدولة التي تم التعدي والاستيلاء عليها بالمخالفة للدستور والقانون، وذلك بسبب التعامل الحاسم والقوي والمتابعة المستمرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي.

 

ولفت الخبراء إلى أن فرض هيبة الدولة وتطبيق القانون بحسم علي المخالفين هو سبب النجاح في التصدي للفوضي والعشوائية في هذا الملف واسترداد أراضي الدولة المهدرة، الأمر الذي مكن الدولة من النجاح في حسم هذا الملف بشكل كبير.

 

وكان المهندس شريف إسماعيل، مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية، أكد أن مكاتب التقنين بالمحافظات تبذل جهدًا أكبر خلال الفترة المقبلة لزيادة معدل الإنجاز في تقنين أراضي الدولة للجادين، مشددًا خلال اجتماع اللجنة العليا لاسترداد أراضي الدولة على المتابعة المباشرة من المحافظين لهذا الملف، واتخاذ إجراءات حاسمة لحماية حق الدولة، إما التقنين أو الإزالة الفورية لمن يرفضون التقنين أو سداد حق الدولة.

وأكد المهندس شريف إسماعيل على إعداد قائمة بحالات وضع اليد على المساحات الكبيرة، والتي تزيد على ألف متر مربع مباني أو خمسمائة فدان أراضي زراعية لتبدأ بها المحافظات في إجراءات التقنين أو الإزالة الفورية، حفاظًا على حق الدولة، وقال «إسماعيل» إن الأمر لا يتعلق فقط بتحصيل الأموال، وإنما يرتبط بسيادة القانون والمواجهة الحاسمة لهذه الظاهرة.

كان المهندس شريف إسماعيل قد استعرض خلال اجتماع اللجنة التقرير الذي عرضه اللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية، حول معدلات الأداء لمكاتب التقنين بالمحافظات؛ حيث كشفت الأرقام التي رصدتها المنظومة الإلكترونية للجنة قيام المحافظات بتحرير نحو 16 ألف عقد تقنين، من إجمالي 48 ألف حالة جاهزة للتقنين واستوفت الشروط المطلوبة قانونًا.

وأشار التقرير إلى أن أحد الأسباب في ذلك تقاعس بعض أصحاب الطلبات عن استكمال إجراءات التقنين وسداد المقدمات المطلوبة، ولفت وزير التنمية المحلية إلى أن الموجة السادسة عشرة نجحت حتى الآن في استرداد 209 آلاف فدان ونحو 2.5 مليون متر مربع وهي رسالة واضحة على جدية الدولة في عدم القبول باستمرار ظاهرة وضع اليد، وكذلك الحسم في مواجهة الرافضين للتقنين، مؤكدًا أن التعليمات الصادرة للمحافظين بناءً على تكليف اللجنة العليا هي الاستمرار في تنفيذ الموجة السادسة عشر للقضاء على ظاهرة وضع اليد واتخاذ الإجراءات السريعة لإزالة كل الحالات الرافضة للتقنين وكذلك عدم التعامل بالتقنين إلا مع الحالات التي تتوفر لها الشروط القانونية.

وأكد «شعراوي» على صدور توجيهات لكافة المحافظات بإعطاء أولوية لملف التقنين، وقيام المحافظين بالوقوف على أسباب التباطؤ والعمل على حلها سريعًا، مؤكدًا أيضًا على عقد اجتماعات متواصلة بالوزارة مع مسؤولي التقنين بالمحافظات للعمل على رفع معدلات الأداء تنفيذًا لتوجيهات اللجنة العليا وخاصة في المحافظات الأقل في معدلات إنجاز العقود.

 

ولفت اللواء مجدي عبدالغفار، مستشار الرئيس للشؤون الأمنية ومكافحة الإرهاب، إلى أن المتابعة المباشرة من اللجنة لعمل لجان التقنين بالمحافظات ستتم من خلاله رصد حالات التقاعس والتباطؤ ومحاسبة المسؤولين عنها، وفي الوقت نفسه علاج كل أوجه القصور التي تظهر وتتسبب في تعطيل العمل.

 

من جانبه، أشار اللواء عبدالله عبدالغني، رئيس الأمانة الفنية للجنة، إلى تطبيق نظام جديد في أذونات سداد مقابل التقنين تضمن القضاء على ظاهرة التباطؤ في السداد، مما يعطل عملية التقنين، كما سيقضي هذا النظام على أساليب التلاعب التي يلجأ إليها البعض للتهرب من سداد حق الدولة، لافتًا إلى انتهاء الأمانة الفنية بالتنسيق مع الجهات المختصة من الشكل النهائي للعقود النموذجية للتقنين المؤمنة ضد التزوير والتلاعب حفاظًا على حقوق الدولة.

 

الرغبة بالثراء السريع:

 

أكدت الدكتورة يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس أن غياب الرغبة في الاستثمار الزراعي وتداخل العوامل الاجتماعية أهم الأسباب التي تؤدى إلى التعدي على الأراضى الزراعية وتحويل نشاطها الى التستثمار العقاري .

 

وشددت في تصريحات خاصة لـ "الهلال اليوم" على ضرورة وضع خريطة زراعية وأن يتم توجيه الزراع عن طريق الإرشاد الزراعي  إلى المحاصيل الأكثر ربحية مثل النباتات الطبية والعطرية والتي تدخل فى صناعة الادوية كذلك زراعة المنتجات التي يرتفع عليها الطلب للتصدير.

 

وأضافت إن الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أوضح أمس فى تصريحاته شيئا هاما جدا  " لو الفلاح وجد عائدا مجزيا يدر له من أرضه الزراعية لن يفكر فى تحويلها لمبانى "،  لذا يجب أن نرفع من العائد المادى للفلاح حتى يكون للأرض جدوى اقتصادية وبالتالى يمتنع عن تجريفها مؤكدة أن العائد الإقتصادى نتيجة تحويل الأرض الزراعية إلى أراضى مبانى كبير ومغر لذا لم تعد الزراعة نشاطا اقتصاديا مربحا .

 

وأشارت إلى أن تطبيق القانون والردع يعتبر بداية الطريق إلى حماية الأرض الزراعية المصرية التي فقدنا أكثر من نصفها نتيجة التعديات وبالتالي نفقد أمننا  الغذائي، مؤكدة أنه بعد الظروف الأخيرة وتعرضنا لانتشار فيروس كورونا تنبه العالم كله إلى أهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي خاصة من السلع الزراعية في ظل التحديات المرعبة التي يشهدها العالم.

 

وضع كردون البناء:

 

بينما أكد الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاجتماعية، أن الاستثمار الزراعي في ظل الاقتصاد الحر جعل الزراعة عبأ كبيرا على الفلاح لافتا إلى أن متوسط التكلفة الكلية للفدان لا تتجاوز 8 آلاف جنيه في السنة وهو عائد ضئيل جدا .

 

وأضاف في تصريحات خاصة لـ " الهلال اليوم " أن العائد جراء استثمار الأرض عقاريا كبير جدا وغير مكلف على الفلاح مما أدى إلى ترك أراضيهم "بور" وبيعها بالمتر بأرقام خيالية، الأمر الذي تطلب تدخلا سريعا من الدولة ليس فقط بالردع ولكن بإعادة التوجيه وإقناع أصحاب الأراضي بأهمية الثروة الزراعية وضرورة إعادة استثمارها من جديد.

 

وأشار عامر، إلى ضرورة أن تقوم وزارة الإسكان بالتعاون مع المحافظات بوضع مخططات للتوسع العمراني مع تحديد "كردون" مخطط مباني جديد حتى يتم توجيه التوسع أفقيا في "الظهير الصحراوي"، لافتا إلى أن إهمال ذلك لسنوات جعل التعدي على الأراضي الزراعية أسهل وأسرع.