السبت 18 مايو 2024

في ذكرى رحيله.. أسرار من حياة السيد بدير

كنوزنا30-8-2020 | 23:38

اتسمت فترة العصر الذهبي للسينما من الإربعينيات وحتى نهاية الستينيات برقي شديد في كتابة السيناريو والحوار، وكثيرا ما نجد حاليا الكثير من رواد وسائل التواصل ينشرون بعضا من مشاهد أفلام الزمن الجميل التي تتضمن حوارا راقيا هادفا .. ووجب التأكيد على أن الفنان الشامل السيد بدير الذي تمر ذكرى رحيله اليوم كان من عباقرة كتاب السيناريو وناظما لأروع حوارات الأفلام في الفترة المسابق ذكرها .. وفي ذكرى رحيله نلقي الضوء على جوانب جديدة من حياة ومسيرة السيد بدير الفنية من خلال حوار له بمجلة الكواكب عدد 15 مايو 1956.

 

نشرنا في مقال سابق نشأة وبدايات السيد بدير وكيف قابلته الصعوبات عند اشتغاله في المسرح والسينما، ولو حصرنا عدد الأفلام التي شارك فيها بالتمثيل نجدها قرابة 65 فيلما، ومن اللافت للنظر أن كل أدواه كانت ثانوية ، وربما كان ذلك بسبب ضخامة جسده الذي لم يؤهله لنيل الأدوار الطويلة ورغم أنه كان من فرسان الظل الذين يكتبون قصص الأفلام ويكتشفون الوجوه الجديدة ويدعمونها حتى تصل إلى القمة.

 

لم يكمل السيد بدير دراسته في كلية الطب البيطري ولجأ إلى عالم الفن، وعندما أنشا يوسف وهبي مدينة الملاهي انضم إليه وكان الدور الأول الذي مثله بدير مع وهبي تدخلت فيه الواسطة والإلحاح من بدير إلى الأستاذ عبد القادر المسيري، وقد كان مشرفا على فرقة التمثيل بالمدرسة الثانوية التي يدرس بها بدير، ونال بدير دورا هزيلا في رواية قمبيز عام 1931 لرجل فقط يقف يؤدي الصلاة في معبد إيزيس لمدة دقيقتين.

 

في فرقة يوسف وهبي استقر الحال ببدير أن يبتعد عن التمثيل بسبب الأدوار الهزيلة التي تسند إليه وأيضا تنفيذا لنصيحة عبد القادر المسيري المسئول بفرقة وهبي والذي قال لبدير : يابني انت ما تنفعش في التمثيل، شوف لك شغلة تانية .. لذلك عمل مساعدا لمساعد مدير المسرح، وعندما يترك المساعد العمل أصبح بدير مساعد مدير الفرقة مقابل ستة جنيهات كانت لا تكفيه لسد مطالب العيش .

 

مع بداية افتتاح الإذاعة المصرية أعلنوا الحاجة لكتاب التمثيليات ما دعا بدير للالتحاق بالإذاعة ككاتب ومخرج، وكان يشتري الكتب والمسرحيات والقصص الأجنبية ويعكف طوال الليل على ترجمتها مع تعريبها وتحويلها إلى ما يناسب المجمتع المصري والعربي، ورغم تقديمه عشرات التمثيليات للإذاعة إلا أنه كانت تقبل منه أعمال بسيطة مقابل 150 قرشا للعمل الواحد، وقبل أن يسيطر عليه اليأس فتحت فرقة أنصار التمثيل أبوابها عام 1935 ليترك بدير فرقة يوسف وهبي ويعمل مديرا لفرقة أنصار التمثيل، وثم يعمل بها أيضا مخرجا ثم رئيسا لها.

 

كان السيد بدير قد التحق بالتدريس ليعمل مدرسا للتاريخ بمدرسة الدواوين بالسيدة زينب، ولكن عام 1937 جاءته الفرصة ليعمل كموظف في لجنة قضايا الحكومة بمرتب 12 جنيها بجانب عمله مديرا لفرقة أنصار التمثيل، وظل موظفا بها حتى عام 1955، ثم استقال منها ليتفرغ للإذاعة التي وصل راتبه فيها إلى 25 جنيها وعين فيها مخرجا ثم مديرا للتمثيليات ثم كبير مخرجين ثم استقال ليعمل مستشارا فنيا للتمثيليات مقابل 80 جنيها شهريا .

 

بدأ السيد بدير الكتابة للسينما حسب ما أكد هو للكواكب بفيلم "دايما في قلبي" عام 1946 وتقاضى عن السيناريو والحوار 150 جنيها، لينطلق بعده ويكتب في نفس العام القصة والسيناريو والحوار لثلاثة أفلام أخرى منها رجل المستقبل لأحمد سالم والخمسة جنيه ليلمع نجم السيد بدير ككاتب متميز للقصة والسيناريو والحوار لروائع الأفلام المصرية منها فيلم حميدو والأسطى حسن وجعلوني مجرما وفتوات الحسينية والمحتال وأبو الدهب والنمرود ورصيف نمرة 5 لفريد شوقي .. والمتذوق للجمل الحوارية يجد متعة في ما كتبه السيد بدير، فلا أحد ينسى الحوار البديع لفيلم رصيف نمرة 5 أو حوار فيلم صراع في الميناء لعمر الشريف وفاتن حمامة وأحمد رمزي أو الحوار الراقي لفيلم لا أنام والقلب له أحكام، والذي أسعدنا به بدير على لسان فاتن حمامة وزينات صدقي وعبد الفتاح القصري، أما الأفلام الرومانسية ومنها فيلم الوسادة الخالية فقد صاغ السيد بدير حواره الجميل وأيضا فيلم رسالة من إمرأة مجهولة لفريد الأطرش ، واستمرت فترة إبداعه في الكتابة للسينما حتى عام 1982 بفيلم السلخانة ومسرحيا كانت عائلة سعيدة جدا آخر مؤلفاته المسرحية.

 

    الاكثر قراءة