وصف
دبلوماسيون كلمة الرئيس عبد الفتاح السسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في
دورتها الـ75، بأنها جاءت شاملة وواضحة وبعثت برسائل حاسمة بشأن كافة القضايا التي
تشغل أولوية على أجندة مصر والمجتمع الدولي، موضحين أن السيسي وضع ملف السد
الإثيوبي أمام المجتمع الدولي ليمارس مهامه وأوضح موقف مصر النزيه والعادل في هذا
الشأن.
وفي كلمته
أمس، أكد السيسي أنه لم يعد من المقبول أن تظل قرارات مجلس الأمن الملزمة فى مجال مكافحة
الإرهاب والتى توفر الإطار القانونى اللازم للتصدى لهذا الوباء الفتاك دون تنفيذ فعال
والتزام كامل من جانب بعض الدول التى تظن أنها لن تقع تحت طائلة المحاسبة.. لأسباب
سياسية.
وأضاف أنه
"من المؤسف أن يستمر المجتمع الدولى فى غض الطرف عن دعم حفنة من الدول للإرهابيين
سواء بالمال والسلاح أو بتوفير الملاذ الآمن والمنابر الإعلامية والسياسية بل وتسهيل
انتقال المقاتلين الإرهابيين إلى مناطق الصراعات خاصة إلى ليبيا.. وسوريا من قبلها".
وأوضح أنه
"فيما يتعلق بموضوع سد النهضة أود أن أنقل إليكم تصاعد قلق الأمة المصرية البالغ
حيال هذا المشروع الذى تشيده دولة جارة وصديقة على نهر وهب الحياة لملايين البشر..
عبر آلاف السنين، لقد أمضينا ما يقرب من عقد كامل فى مفاوضات مضنية.. مع أشقائنا فى
السودان وإثيوبيا سعيا منا للتوصل إلى اتفاق".
وشدد على
أن نهر النيل ليس حكرا لطرف ومياهه بالنسبة لمصر ضرورة للبقاء دون انتقاص من حقوق الأشقاء،
مضيفا أن "لقد أكدت تلبية مجلس الأمن دعوة مصر لعقد جلسة للتشاور حول الموضوع
فى التاسع والعشرين من يونيو الماضى خطورة وأهمية هذه القضية واتصالها المباشر بالحفاظ
على السلم والأمن الدوليين الأمر الذى يضع على عاتق المجتمع الدولى مسئولية دفع كافة
الأطراف للتوصل إلى الاتفاق المنشود الذى يحقق مصالحنا المشتركة إلا أنه لا ينبغى أن
يمتد أمد التفاوض.. إلى ما لا نهاية فى محاولة لفرض الأمر الواقع لأن شعوبنا تتوق إلى
الاستقرار والتنمية وإلى حقبة جديدة واعدة من التعاون.
رسائل
حاسمة
وفي هذا
السياق، قال السفير محمد العرابي، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب ووزير الخارجية
الأسبق، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته أمس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
أوضح العديد من القضايا الهامة التي تشغل المجتمع الدولي في الوقت الراهن، ومن بينها
النظام الدولي الجديد الذي لا يعترف بقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحاولة كل
دولة فرض سياسة الأمر الواقع بمنطقها.
وأوضح العرابي،
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هذه هي إحدى القضايا الهامة فاستعادة ثبات
النظام الدولي تتطلب استعادة الثقة في المنظمة الدولية، موضحا أن الرئيس السيسي شدد
على أهمية أن يكون للمنظمة الدولية دور أساسي في كل القضايا المزمنة في الشرق الأوسط،
مضيفا أن هذا الأمر مطلوب وكانت مصر سباقة في صياغة تصورات سياسية لحل قضايا المنطقة
ويجب أن تكون هناك مظلة أممية تدعم هذه المبادرات لمحاولة تطبيقها.
وأشار إلى
أن الرئيس السيسي تناول أيضا قضايا التنمية والاقتصاد باعتبارها إحدى الخسائر الناتجة
عن جائحة كورونا، كما ركز على قضايا حقوق الإنسان بمنظورها الشامل، موضحا أن الرئيس
السيسي أكد أهمية القضية الفلسطينية وأنه لا مجال لتجاوز حقوق الشعب الفلسطيني.
وأضاف أن السيسي
تناول أيضا قضايا الإرهاب والدول الداعمة له التي تنقل الإرهابيين في إشارة واضحة إلى
حاجة المجتمع الدولي للتكاتف في مواجهة هذه الظاهرة، ووضع حد للدول المساندة للجماعات
الإرهابية، موضحا أن السيسي عرض الأوضاع الداخلية في مصر ومن بينها مجلس الشيوخ كأحد
ركائز الديمقراطية في الفترة المقبلة.
وأكد العرابي
أن الرئيس استخدم لغة حاسمة في موضوع السد الإثيوبي ووضع أمام المجتمع الدولي الجهود
التي بذلتها وأنها انتهجت كل السبل السلمية والدبلوماسية لكن بدون جدوى حتى الآن، مشيرا
إلى أن السيسي وضع هذا الملف أمام المجتمع الدولي ليمارس دوره، وبعث برسائل حاسمة فيه.
ولفت إلى أن
السيسي استعرض أيضا ملف تطوير الأمم المتحدة وضرورة توسيع العضوية الدائمة وغير الدائمة
في مجلس الأمن ليكون هناك تمثيلا عادلا للدول، وهو أحد القضايا الهامة والتي تجد دائما
معارضة من الدول الخمس دائمة العضوية.
شاملة
وعرضت الرؤية المصرية
ومن
جانبه، قال السفير علي الحفني، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي
منذ توليه المسئولية حريص على المشاركة بشكل منتظم في فعاليات الجمعية العامة للأمم
المتحدة، حيث شارك فيها أمس عبر الفيديو كونفرانس، حيث حالت جائحة كورونا دون تواجد
الرئيس في نيويورك.
وأوضح في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن الرئيس السيسي في كلمته أمس خاطب العالم ووجه رسائل
متعددة لرؤساء وزعامات العالم بخصوص القضايا الإقليمية أو الدولية، حيث شدد على ضرورة
الحفاظ على التضامن الدولي بشأن جائحة كورونا وضرورة التعاون واتخاذ التدابير تحسبا
للموجة الثانية من كورونا أو ظهور فيروسات أخرى في المستقبل.
وأشار إلى
أن السيسي أرسى قواعد التعاون في هذا المجال كالتجارب السريرية أو إنتاج وتصنيع لقاح
كورونا، وإمكانية تصعنيه في مصر لتصبح مركزا لتصديره للدول العربية والأفريقية، مضيفا
أن الرئيس تناول قضية الإرهاب وتعاظمها في الفترة الأخيرة وما يرتبط بها من جرائم كالتجارة
في البشر والأسلحة والجريمة المنظمة.
وأكد أن السيسي
شدد على ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي وخاصة فيما يتعلق بالدول الممولة للإرهاب
والتي توفر العتاد الحربي والملاذ للعناصر الإرهابية، فلابد من توافر إرادة دولية جامعة
لوأد هذه الظاهرة ومكافحتها بشكل جاد، موضحا أن السيسي عرض موقف مصر من قضايا المنطقة
كالأزمة الليبية والوضع في سوريا أو الحرب في اليمن.
وأشار إلى
أن الرئيس السيسي عرض القضية الفلسطينية وأكد تمسك مصر بموقفها وأنه لن يتحقق أي سلام
في المنطقة طالما لم يتم حل القضية الفلسطينية وتنفيذ المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني
في نيل حقوقه كاملة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، مؤكدا أن كلمة السيسي كانت
جامعة شاملة تناولت كافة القضايا الداخلية والخارجية.
وأكد أن السيسي
عرض موقف مصر بشأن القضايا التي تمثل أولوية على الأجندة المصرية والمجتمع الدولي،
كما استعرض جهود مصر في ملف سد النهضة، وهي ليست المرة الأولى، وتناول المستجدات وجمود
عملية التفاوض وعدم التوصل لاتفاق حتى الآن، حيث شدد على أن النيل ليس حكرا لأحد وإنما
المطلوب هو الوصول لاتفاق يلبي مصالح الدول الثلاث وليس لدولة على حساب الأخرى، وضرورة
أن يهتم المجتمع الدولي بهذا الملف.
وشدد على أن
مصر تؤيد المطالب المشروعة لإثيوبيا في تحقيق التنمية، لكن قضية المياه لمصر هي قضية
حياة ووجود، موضحا أن السيسي بعث برسالة لإثيوبيا وللاتحاد الأفريقي الذي توقف عن بذل
الجهود للتوصل لاتفاق في هذا الملف، كما أشاد بالدور الأمريكي في التوسط، وكانت رسالة
واضحة للجميع سواء لإثيوبيا أو الاتحاد الأفريقي أو المراقبين في المفاوضات.
التعاون
الدولي لمواجهة تداعيات كورونا
ومن
جانبه، قال السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن كلمة الرئيس
عبد الفتاح السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة جاءت في مناسبة هامة تجمع بين
اليوبيل الماسي للأمم المتحدة ومرور 75 عاما على إنشائها والاحتفال بالإعلان العالمي
للسلام الذي أطلق في الثامنينيات.
وأضاف في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن الكلمة حملت عددا من الرسائل الأولى في إطار السلام
في ظل الأزمات التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط، حيث شدد الرئيس على ضرورة حل الأزمة
السورية وفقا لقرار الأمم المتحدة 2254، موضحا أن السيسي تناول أيضا الأزمة اليمنية
وقرار مجلس الأمن 2216 ومخرجات المؤتمر الوطني اليمني ومبادرة الخليج؛ لأن هذه الحرب
مدمرة وطال أمدها وضد أمن وسلامة الشعب اليمني.
وأشار إلى
أن الأزمة الليبية تحمل أهمية كبرى لمصر وأي توتر فيها والتدخل الخارجي واستجلاب العناصر
الإرهابية من الخارج وإحضارهم لليبيا يهدد الأمن القومي مباشرة، مضيفا أن الرئيس السيسي
شدد خلال كلمته على ذلك وجهود القاهرة لحل هذه الأزمة حلا سلميا، وفقا لإعلان القاهرة
الذي أعلن بحضور المستشار عقيلة صالح والمشير خليفة حفتر.
وأكد أن هذه
الجهود جعلت حالة التأهب للحروب تتراجع وبدء الاستعداد للسلام، وهناك مؤتمر يجري إعداده
وهو مؤتمر برلين الثاني في أكتوبر المقبل، إلى جانب الجهود المصرية المتواصلة باستقبال
كافة الأطراف الليبية في القاهرة، موضحا أن السيسي تناول القضية الفلسطينية وضرورة
حل هذه القضية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وأوضح حسن
أن السيسي عرض جهود الإصلاح الاقتصادي في مصر وتحمل الشعب المصري لهذه الإجراءات، وجائحة
كورونا وتداعياتها السلبية الاقتصادية والاجتماعية، وشدد على ضرورة التعاون الاقتصادي
والصحي بين دول العالم لحل هذه الأزمة، مضيفا إن السيسي استعرض أيضا دور الشباب والمؤتمرات
الدورية التي تعقدها مصر.
ولفت إلى أن
السيسي أيضا تناول قضية سد النهضة، والمفاوضات التي خاضتها مصر لفترة طويلة تقارب عقد
من الزمان ومماطلة إثيوبيا وتهربها من تقديم أي عمل إيجابي، مؤكدا أن السيسي شدد على
ضرورة إيجاد حل يحقق مصالح الشعب المصري، حيث قدم الدول الثلاث رؤيتهم لجنوب أفريقيا
الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي وعليها أن تسرع في اتخاذ خطوة تحفظ حقوق الجميع.
وشدد على أن
الرئيس السيسي أكد أنه لا مناص من إعادة الموضوع للأمم المتحدة في حالة استمرار المماطلة
الإثيوبية أكثر من ذلك، موضحا أن السيسي استعرض أيضا ملف الإرهاب وقضية اللاجئين واستضافة
مصر لهم وسماحها لهم بالتعايش والعمل كالمواطنين المصريين ولم تستضيفهم في خيام أو
ملاجئ، فمصر كانت ولا تزال مأوى للأشقاء في الدول العربية.
موقف مصر النزيه
والعادل
فيما قال السفير حسين هريدي، مساعد
وزير الخارجية الأسبق، إن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي تناولت عدة قضايا محورية تشغل
اهتمام الدولة المصرية والمجتمع الدولي، مضيفا إن من أبرز هذه القضايا ملف سد النهضة
وإصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمطالبة بتخفيف أعباء الديون على الدول النامية.
وأوضح هريدي، في تصريح ل"الهلال
اليوم"، أن السيسي تناول أيضا التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مصر
خلال السنوات الماضية، ومن بينها انتخاب مجلس الشيوخ كإحدى وسائل دعم التحول الديمقراطي
في مصر مؤخرا.
وأكد أن الكلمة أيضا استعرضت مواقف
مصر فيما يخص الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والبحر المتوسط، مضيفا
إن السيسي جدد التأكيد على المواقف المصرية الثابتة بشأن القضية الفلسطينية، وتناول
قضية الإرهاب.
وأشار إلى أن السيسي استعرض جهود مصر
في مفاوضات سد النهضة، طوال نحو عشرة أعوام وأنها لم تسفر عن النتيجة المرجوة، مجددا
التأكيد أن مياه نهر النيل ضرورة حياة لمصر وأنه ليس حكرا على طرف على حساب أطراف أخرى
وأن مصر لا تقبل باستخدام التفاوض كوسيلة لفرض الأمر الواقع.
وأضاف أن كلمة الرئيس أوضحت موقف مصر
النزيه والعادل والمتوازن فيما يخص سد النهضة، أمام المجتمع الدولي،. مجددا التزام
مصر بالحلول الدبلوماسية رغم التعنت الإثيوبي.