الخميس 2 مايو 2024

أسقطوا الوصايات عنكم

أخرى7-10-2020 | 15:03

 

قبل عقود مضت وتحديدا في مثل هذا اليوم من عام 1950 قرر النحاس باشا إلغاء معاهدة 1936 التي رسخت في ذاكرة المصريين أنها أول اعتراف باستقلال مصر عن الاحتلال البريطاني إلا أن تبعاتها كانت تؤرق الأحزاب المصرية ما دعا النحاس باشا إلى الاتفاق على إلغائها حيث كانت تلزم مصر بتقديم دعما عسكريا بات عائقا ضخما أمام تطور الجيش المصري وقدراته على الدفاع عن مقدرات الأمة كما أنها حولت السودان إلى مستعمرة تحميها مصر من هنا دخلت مصر مفاوضات شاقة مع الجانب البريطاني استمرت 9 أشهر انتهت إلى الفشل ليكون الحل البديل هو إلغاء المعاهدة واستئناف الكفاح المسلح.

لست أذكر تلك المقدمة التاريخية رغبة في الحكي أو استعراضا في ندوة حزبية بل ذكرتها بعد أن ألهمتني الذكرى أن من أخطر ما يواجه مسيرة أمة هو فرض الوصاية لجباية مصالح أو استمرار نفوذ مهلك وتأكدت أنني والمصريين نعيش نضالا مستمرا تجاه احتلالات الأوصياء كان بالطبع آخرها نضالنا لجلاء الإخوان من الحكم بعد أن وصلوا إليه في غفلة من الزمن فكم حاولوا ممارسة وصايتهم على عقول أجيال وأجيال انخدعت في خطاب ديني مسموم لم يكن يقصد وجه الله بل كان يضع نصب عينه عرش مصر .

وصاية دنيئة مورست وما زالت تجاه المصريين الذين حار أعداؤهم في محاولة تقسيمهم إلى طوائف تتناحر يسهل التسلل من خلالها لتحقيق القصد الأسمى وهو تمزيق نسيج مجتمعي يتحدى الزمن فليقل لي أحد متى عرفنا مصطلحات " سلفي .. قطبي.. قرأني.. ناشط.. داعشي".. وغيرها من مستنسخات الاحتلال والوصاية وكان أقصي ما نعرفه من تصنيف مجتمعي " أهلاوي ..زملكاوي" وهو تصنيف لطيف كان محل فكاهات تبني تواصلا محمودا بين الناس إلى أن زرعوا التعصب فولد مصطلح "الألتراس" ليتحول التشجيع الرياضي إلى عقيدة وملة تدفع من يدين بها إلى صدام مفسد وعراك ثقيل الظل قد يفضي إلى حد الاقتتال فعرفنا صنفا جديدا من الشهداء وهم شهداء الفانلة الحمراء وشهداء القلعة البيضاء..سخافات واحتلالات فكرية أنشأت وصايات تحتاج إلى سنين طويلة حتي يدرك من فرضت عليه أن الجنازة حارة والميت "كلب" .

إن مسئوليتنا اليوم هو استنساخ الروح التي شعرت بالخوف وولدت بداخلها قوة جبارة رغبة في تحقيق الاستقلال كتلك الروح التي لم تهب أن تقف أمام قوة عظمى كبريطانيا لتعلن بصوت عال أننا لا نقبل نصف أو ربع استقلال بل إن تحقيقه كاملا هو الهدف مهما بلغت التضحيات في سبيل الوصول إليه وتحقيقه.

من هنا يجب أن نتأكد أن سبيلنا لإعادة اكتشاف أنفسنا ليس له إلا مسار واحد وهو أن يعلن المصريون بكل قوة إلغاء وإسقاط أي وصايات تحبط عزائمهم لنسقط كل وصاية من شأنها أن نشعر ببعض الغربة حين يتحدث بعضنا إلى بعض.. لنسقط كل وصاية من شأنها أن ترسم لنا طريقا محدد إلى الله.. لنسقط كل وصاية من شأنها أن يعمل بعضنا ضد بعض.. لنسقط كل وصاية من شأنها أن تخلق بداخلنا وعيا مغلوطا.

إن نجاحنا في الوصول إلى ذلك هو خير ما نتمترس ونتحصن به أمام أعدائنا الذين ينفقون المليارات لتشكيل وعي مزيف يدفعنا لنتحرك ونأكل أنفسنا بأنفسنا فلم يعد في وسع أعدائنا واجهتنا كفاحا وبقدر تخلصنا من الوصيات ترتفع مناعتنا الوطنية تجاه تلك الفيروسات الفضائية عبر الشاشات التي لا تكتسب قوة إلا من ضعفنا ولا تفتح طريقا إلا بتخلينا عنه.. حفظ الله مصر عزيزة أبية وحفظ شعبها المناضل العظيم.

    Dr.Randa
    Dr.Radwa