لم يكن نصر أكتوبر العظيم ضربة فى قلب العدو الصهيونى الغاصب فقط ، ولكنه أيضا كان ضربة مميتة لكل أعداء الوطن وعلى رأسهم جماعة الإخوان الإرهابية، التى كانت ترى أن نكسة يونيه هى عقاب لقادة ثورة يوليو ١٩٥٢ الذين طهروا البلد من خيانة الإخوان، ولم تخف جماعة الخيانة والدم فرحتها ولا تشفيها فى هزيمة مصر عام ١٩٦٧.
ورغم أنه معروف أن الجماعة الإرهابية كانت تمتلك جناحا عسكريا، إلا أنه لم يثبت أن هذا الجناح شارك فى أعمال المقاومة الوطنية فى أى وقت، ولم يكن له دور فى العمليات الفدائية التى نفذها أبطال مصريون ضد وجود الاحتلال الإنجليزى فى منطقة القناة، بل ظل طيلة تاريخه خنجراً فى ظهر الوطن وقتل أبنائه وعندما وقع العدوان الثلاثى على مصر لم تبادر جماعة الخيانة بالإعلان عن الانضمام للمقاومة الشعبية ضد العدوان الغاشم، بل كانوا ينتظرون أن تسقط مصر ويحتلها الغاصبون ليعودوا هم إلى المشهد مرة أخرى، الأخطر أن جماعة الخيانة كانت تخطط لتحالف دنىء مع بريطانيا، وتستعد لحصد الثمار عقب نجاح العدوان الثلاثى.
كانت جماعة الخيانة تعتبر أن المصريين الذين احتضنوا ثورة يوليو وقادتها ووقفوا بجوار الثورة التى تحولت من حركة مباركة إلى ثورة شعبية حصد الشعب المصرى ثمارها فى سنوات قليلة ، لا يستحقون الحياة، وأن الوطن من حق جماعتهم الخائنة فقط.
وزادت كراهيتهم للوطن بعد أن اكتشف قادة ثورة يوليو خيانتهم، وكانت جريمتهم الكبرى التى خططوا لتنفيذها قتل الزعيم جمال عبدالناصر فى حادث المنشية عام ١٩٥٤، وهو الحادث الذى أصدرت الحكومة بعده مباشرة قرارا بحظر الجماعة الإرهابية وإحالة قادتها إلى المحكمة العسكرية وعلى ذلك لم يتوقفوا بل تم تأسيس تنظيم سيد قطب عام ١٩٦٥ لينفذ نفس المهمة الحقيرة لاغتيال عبدالناصر.
والحقيقة أنه منذ نشأة هذه الجماعة على يد حسن البنا وهى لا تعترف بالوطن ولا بحدوده، وترى أنه يمكن التفريط فيه من أجل الغاية الأسمى بالنسبة لهم وهى أستاذية العالم وتأسيس الخلافة، ومنهجهم قائم على أن الوطن ما هو إلا حفنة من تراب عفن.
لذلك فكل من يخالف عقيدتهم الفاسدة ويتحدث عن حبه للوطن أو الحفاظ عليه، والدفاع عن حدوده فهو مجرم يستحق القتل، لأنه ضد مشروعهم الفاشى.
ومن هنا كانت فرحة الجماعة الإرهابية تظهر مع كل كبوة يتعرض لها الوطن، وتستشعر أن فرصتها قد حانت لقطف الثمار والاستحواذ على الوطن ليصبح ملكا لها بمفردها، هذا ما فعلته الجماعة فى وقت الاحتلال الإنجليزى وتحالفها معه اعتقادا منها أن الإنجليز سيتركون لها مصر تفعل فيها ما تشاء.
وعندما نجحت حركة الجيش فى يوليو ١٩٥٢ وتحولت إلى ثورة مباركة بدعم شعبى سارعت الجماعة إلى محاولة اللحاق بقطار الثورة وظهرت وكأنها هى من ساعدت الضباط الأحرار على نجاحها، وكان لها الفضل فى طرد الملك وحاشيته الفاسدة، ومحاربة الإنجليز فى القناة، وتحرير التراب الوطنى من الاحتلال البريطانى.
وعندما اكتشفوا أن قادة الثورة يتحدثون بلغة الوطن والحفاظ على حدوده ومقدراته وأنه لا يمكن لجماعة منهجها الخيانة وبيع الوطن أن تكون فى صدارة المشهد، سرعان ما انقلبوا على الضباط الأحرار وتحولوا من خانة التأييد المطلق للثورة المباركة، إلى خانة العداء السافر للثورة وكل ما يمت لها بصلة.
أعلنت الجماعة أن عدوها جمال عبد الناصر، وخططوا لقتله فى حادث المنشية الشهير، وعندما فشلت العملية، ونال أعضاء الجماعة جزاءهم تحولوا كعادتهم إلى المظلومية والشكوى، وباتوا يعلنون كراهيتهم للوطن صراحة.
وإذا مد الخط على استقامته ووصلنا إلى أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ سنجد أن الليلة أشبه بالبارحة، ومثلما حاول إخوان ١٩٥٢ ركوب موجة ثورة يوليو ولكنهم فشلوا بسبب وعى قادة الثورة بمخططاتهم الخبيثة وكراهيتهم للوطن، ركب إخوان ٢٠١١ أحداث ٢٥ يناير ونجحوا لبعض الوقت فى صدارة المشهد بسبب تفتت ورعونة القوى السياسية التى كانت تسيطر على الأحداث فى هذا الوقت، ونجحت الجماعة الإرهابية فى الوصول إلى الحكم، وسرعان ما ظهرت لديهم كراهية الوطن ومخططاتهم الخبيثة لجعل مصر إمارة ضمن مخطط الخلافة الكبرى الذى كان يتم بتنسيق إخوانى قطرى تركى.
كان مخطط الخراب الإخوانى يسير فى طريقه حتى ظهر المارد الجبار، وأطلق الشعب المصرى صيحته الكبرى وثار ثورته المشهودة فى يونيه ٢٠١٣ وكان الجيش المصرى بجوار بنى وطنه الشرفاء ونجح الجيش مع الشعب فى إسقاط حكم هذه الجماعة الفاشية، قبل أن يسقط الوطن.
الطبيعى أن جماعة هذا هو تاريخها وحاضرها لابد أن تكره الوطن، وهى ما آمنت به لحظة واحدة فمنذ نشأتها وهى لا تعترف بوطن ولا بشعب، ولديها دائما مخططها للانقضاض على الوطن ليصبح نقطة الانطلاق لمشروعها الوهمى الذى تسعى إليه الخلافة.
لذلك فكل نصر للوطن تعتبره هذه الجماعة هزيمة لها وكل نكسة وكبوة يتعرض لها الوطن تعتبره نصرا مؤزرا لها، لذلك فهم يكرهون نصر أكتوبر العظيم كراهية التحريم ربما أكثر من العدو الصهيونى نفسه، ولا يعترفون بهذا النصر ولا بشهدائه الذين سقطوا دفاعا عن الوطن، وفى أدبياتهم لا يعترفون بشهداء حرب أكتوبر بل يصفونهم بالقتلى.
وبقدر كرههم لنصر أكتوبر العظيم ١٩٧٣ بقدر ما كان فرحهم بنكسة يونيه ١٩٦٧ كما فرحوا من قبل بالعدوان الثلاثى ١٩٥٦، وهذا باعتراف قادتها أنفسهم، ولا ننسى شهادة مرشدهم صاحب النقاب محمد بديع عندما قال فى رسالته الأسبوعية فى يونيه عام ٢٠١١، التى واكبت ذكرى النكسة: «بعد كل تنكيل بالإخوان كان الانتقام الإلهى سريعاً، فعقب اعتقالات ٥٤ كانت هزيمة ٥٦، وبعد اعتقالات ٦٥ كانت الهزيمة الساحقة فى ٦٧».
هكذا هى جماعة الخيانة والدم فجورها فى كراهية الوطن لا حدود له، على الملأ دائما تعلن أنه لا وطن فى عقيدتها أعضاؤها جبلوا على الخيانة وكراهية الأوطان، يعتبرون أن هدم الوطن وخرابه الخطوة الأولى نحو تحقيق حلمهم الكبير، وأن أى عدو للوطن مهما كان دينه أو جنسه فهو صديق لهم يتحالفون معه ويرمون أنفسهم تحت أقدامه أملا فى أن يكونوا خدما له يحققون أهدافه لتدمير الوطن.
لذلك جاء نصر أكتوبر العظيم ضربة موجعة فى قلوبهم جعلتهم ينزفون دما، كانوا يعتقدون مثلما يعتقد العدو أن مصر لن تقوم لها قائمة، وأن ما حدث عقاب إلهى على ما تعرضت له الجماعة من ظلم، لذلك عندما تحقق النصر المؤزر على يد خير أجناد الأرض ومن مدحهم الرسول صلى الله عليه وسلم كان ردا على كيدهم وادعاءاتهم بالمظلومية، ونصر الله الجيش رغم أن الجماعة الإرهابية كانت تحاول أن تثبت للشعب المصرى أنها وكيل السماء فى الأرض، وأن النصر لن يتحقق إلا بالعفو عن قادتها المظلومين.
يأتى أكتوبر كل عام ليذكر الجماعة الإرهابية بماضيها الأسود وسجلها فى خيانة الوطن، وأنها أبدا لن تكون جماعة وطنية، حتى عندما حاول الرئيس البطل المنتصر أنور السادات أن يفتح لهم الطريق للعودة إلى الوطن وأحسن الظن بهم انقلبوا عليه ولم يصونوا جميله، وانتشروا فى طول البلاد وعرضها ينشرون فكرهم المتطرف القائم على كراهية الوطن وتكفير الناس، حتى كانت الطامة الكبرى التخطيط لمقتل السادات نفسه على يد جماعات انبثقت من عباءتهم القذرة، وقتلوا من أحسن إليهم فى يوم احتفاله بالنصر العظيم فى ٦ أكتوبر.
ولأنهم جماعة من الفجار دارت الأيام ودانت لهم السلطة بعد ما حدث فى ٢٥ يناير ٢٠١١ ووصلوا إلى الحكم فى عام أسود، وأفرجوا عن القتلة والإرهابيين من أتباعهم بمن فيهم قتلة الرئيس البطل محمد أنور السادات، وجاءت الطامة الكبرى عندما حان موعد الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر عام ٢٠١٢ ولأنهم كانوا يكيدون للشعب كيدا ويريدون أن يمحوا من سجلات الوطن أى نصر جعلوا قتلة الرئيس المنتصر فى صدار ة مشهد الاحتفال وأجلسوهم فى الصفوف الأولى ، وكأنهم لا يحتفلون بذكرى النصر، ولكنهم يحتفلون بذكرى اغتيال السادات ولم تتوقف كراهيتهم لأكتوبر عند هذا الحد بل بمراجعة جرائمهم الإرهابية ضد الوطن نجدها دائماً تركز على أيام الاحتفالات الوطنية وأهمها أيام الاحتفال بنصر أكتوبر كى يحرموا الشعب من الاحتفال به.
ولكن كان للتاريخ كلمة أخرى فلم يمض عام إلا وكان الشعب المصرى يثور ضدهم ويسقطهم ويخلعهم من حكم مصر، ويأتى أكتوبر ٢٠١٣ ليحتفل المصريون بذكرى النصر العظيم وصاحب النصر البطل أنور السادات، وسيظل نصر أكتوبر نورا يضىء سجلات البطولة المصرية، وسيظل العار يلاحق جماعة الخيانة والدم طوال التاريخ وربما جزء من نعم الله على هذا الوطن أنه جعل النصر على يد أبنائه المخلصين ممن لا ينتمون لهذه الجماعة، حتى لا يتاجروا به، حتى وهم يتابعون الحرب كما قال أحد قادتهم إنهم كانوا يتناولون الغداء عندما بلغهم نبأ العبور، رغم أن العبور كان فى رمضان.