الخميس 2 مايو 2024

«الهلال» فى مكان إعدام طومان باى.. «باب زويلة» شاهد على شنق آخر سلاطين دولة المماليك

فن11-10-2020 | 19:09

بنهايته بدأت مصر مرحلة تاريخية، ومنحنى جديدًا من قبل الاستعمار العثمانى الذى طالما كانت مصر حلما يراوده، لم يستطع تحقيقه بالرغم من وقوعها بين يديه مرات عديدة، ولكنها مصر العصية التى تطوع المحتل والتاريخ وتقهر المعتدى مهما مرت عليها السنين ولا تقبل بتغيير هويتها أو حتى تأثرها تأثرا طفيفا كما يحدث فى معظم أو كل الدول الواقعة تحت ظلم الاحتلال.



الأشرف أبو النصر طومان باي.. هو آخر سلاطين دولة المماليك الشراكسة في مصر، وهو الحادي والعشرون من السلاطين الجراكسة، هو السلطان الوحيد الذي تم شنقه على باب زويلة أو باب المتولى تعددت أسمائه ولكنه أكبر وأضخم أبواب القاهرة على الإطلاق.


تسلّم مقاليد الحكم بعد مقتل عمه السلطان قنصاوه الغوري بموقعة مرج دابق عام 922هجري/1516 ميلادي بعد أن عيَّنه نائباً له قبل خروجه لقتال العثمانيين، وبعد مقتل الغوري أجمع الأمراء على اختيار طومان باي سلطاناً لمصر. 


فأخذ يستعد لمقاومة العثمانيين وعزم للخروج لقتالهم ولا ينتظر مجيئهم، ولكنه اصطدم بتخاذل المماليك، واستهانتهم بخطورة الموقف، وعدم تقديرهم للمسئولية في الوقت الذي أرسل فيه السلطان سليم الأول رسالة إلى طومان باي يعرض عليه الصلح ويبقيه على حكم مصر في مقابل أن يقر بتبعيته للدولة العثمانية، غير أن هذه المساعي السلمية لم تكلل بالنجاح.


وتم القبض عليه والحكم بإعدامه شنقاً حيث اقتيد فى يوم الثالث والعشرين من شهر أبريل عام 1517ميلادية , الموافق 21ربيع الأول من عام 923 هجرية وسط حراسة  400 جندي إلى باب "زويلة"؛ حيث نصبت له المشنقة فتقدم لها هادئ,ثابت لايهتز له طرف وظلت جثته معلقة ثلاثة أيام ثم دفنت في قبة السلطان الغوري، وبموته انتهت دولة المماليك وسقطت الخلافة العباسية، وأصبحت مصر ولاية عثمانية.


بداية الجولة:


شارع المعزلدين الله الفاطمى ذلك الشارع الزاخر بالآثار الإسلامية حيث يعد أكبر متحف إسلامى مفتوح فى العالم, تجد باب زويلة أو "بوابة المتولى" كما يطلق عليه , أضخم وأهم بوابات مصر التى لم يتبقى منها سوى باب زويلة جنوباً,وباب الفتوح وباب النصرشمالاً، هو واحد من أهم أبواب مدينة القاهرة الفاطمية، حيث يقع هذا الباب في نهاية  شارع المعز لدين الله الفاطمي من جهته الجنوبية، مواجهاً لجامع الصالح من الجهة الشمالية للشارع العريق، أما من جهته الغربية فيحده جامع المؤيد، وقد سجل باب زويلة كواحد من الآثارات الإسلامية الهامة.


يتكون باب زويلة من بناء ضخم يقع على رأس شارع المعزمن الناحية الجنوبية حيث يقف شامخاً يحمل مأذنتي جامع المؤيد وبين جنباته تاريخ عظيم ومشاهد لاتنسى.


تم إنشاء باب زويلة عام 485هجرية الموافق 1092ميلادية , وهو عبارةٌ عن هيكل بنائي ضخم يصل عمقه إلى 25 مترًا؛ ويبلغ عرضه 25.72 مترًا؛ ويصل ارتفاعه إلى 24 مترًا عن مستوى سطح الشارع..


يتصدر باب زويلة الترتيب  بين بابي النصر والفتح؛ من حيث السمات الجمالية الرائعة التي تميزه عن هذين البابين، ويحتوي الباب على برجين لهما شكل مقوس عند القاعدة؛ وبينهما تشابه كبير مع برجي باب الفتح؛ غير أنهما يظهران في شكل أكثر استدارة..


وهناك مساحة مربعة تشغل باب زويلة، ويصل طول كل ضلع من الأضلاع الموجودة بهذه المساحة إلى 25 مترًا، وتم سقف المساحة الكلية للممر الخاص بباب زويلة بسقف على شكل قبة؛ ولكن معظم المعالم الزخرفية قد انطمست منه نتيجة العوامل الزمنية..


قد اختار المهندس القائم بأعمال بناء مسجد الملك "المؤيد أبو النصر" في عام 818هـ برجي باب زويلة من أجل أن يقيم عليهما مئذنتي المسجد، فهما الآن تعتبران جزءًا مهمًّا من الشكل الجمالي الأثري للباب..


سبب تسمية "باب زويلة" بهذا الاسم:


ويعود تاريخ تسمية باب زويلة بهذا الاسم إلى قبيلة من البربر موجودة في منطقة شمال إفريقيا؛ حيث انضمَّ جنودها إلى جيش جوهر الصقلي من أجل دخول مصر والاستيلاء عليها من قِبَل الفاطميين، ويأتي باب زويلة في الترتيب الثالث من حيث تاريخ الإنشاء بعد بابي النصر والفتح؛ حيث مازالت تلك الأبواب صامدة وشاهدة على تاريخ مصرى أصيل ففى مقاومتها وصمودها رمزية تستمدها من قوة شعبها وحفاظه على هويته المتمثلة فى حضارته وتاريخه..


اسم آخر لباب زويلة:


قام الشعب المصرى بإطلاق اسم آخر عامى على باب زويلة وهو اسم,"بوابة المتولي" وذلك لأنه كان يوجد في مدخله شخصًا  يقوم بتحصيل الضرائب الخاصة بالدخول إلى العاصمة وكان يعرف بـ(المتولى).


هذا هو وصف الباب الذى علقت عليه رؤوس رسل التتار التى أرسلها قائدهم هولاكو إلى مصرفى عهد "قطز" أثناء محاربته ومقاومته لهم.


وعلى بوابته نصبت المشنقة لآخر سلاطين الدولة المملوكية "القائد طومان باى" فى مشهد مهيب شهد وداع المصريين له وحزن أعدائه عليه، فحتى السلطان العثمانى سليم الأول الذى أمر بإعدامه يحكى التاريخ إعجابه به وببطولاته وكان على وشك العفو عنه لولا الوشايات التى حوله والتى أخبرته بضرورة إنهاء حياة طومان باى لضمان ثبات ملكه..


قبة الغورى مكان دفن طومان باى:


وبعد شنقه على باب زويلة تم دفن جثمانه فى الحوش الجنائزى تحت قبة السلطان الغورى دون ضريح,  الذى يقع ضمن مجموعة السلطان قنصاوه الغورى , فى شارع الغورية حيث تطل على شارع المعزبالتقاطع مع شارع الأزهر بمنطقة الدرب الأحمر.


وتعد مجموعة الغورى من أجمل وأهم المعالم التاريخية ذات طابع الحضارة الإسلامية والتى تضم عدة منشآت على جهتين متقابلتين يخترقهما ممر يعلوه سقف خشبي فى إحدى الجهتين مسجد ومدرسة وفى الجهة المقابلة القبة الضريحية وسبيل يعلوه كُتاب ومقعد.


وقد أنشد المصريون فى حب طومان باي العديد من الأشعار والكتابات التى عبرت عن بطولاته وعظمة قائد تربع على عرش التاريخ وعلى عرش قلوب من سطروا التاريخ .


أنشد المؤرخ المصرى ابن إياس فى مقتل طومان باي:


لهفي على سلطان مصـــــــر وكيف قد

ولى وزال كأنه لم يذكــــــــرا

شنقوه ظلما فوق باب زويلة

حتى أذاقوه الوبال الأكبرا


    Dr.Randa
    Dr.Radwa