أحب حفظ وتلاوة القرآن منذ طفولته في مطوبس بكفر الشيخ
حتى أصبح نجما بفضل القرآن كما يقول . عشق صوت الشيخ مصطفى إسماعيل فقلده قبل أن
يشق لنفسه طريقة خاصة . ويأخذ على القراء الجدد من الشباب أنهم يقلدون الكبار
ويقلدون بعضهم البعض مؤكدا أنه لا خليفة له . "نعينع" يقول أيضا إن
"بيته لا يسمع فيه إلا القرآن في رمضان، وإنه لا يشاهد مسلسلات رمضان".
"نعينع" الذي لقبه الموسيقار محمد عبد
الوهاب بـ"بيليه" ينصح القراء الجدد، قائلا: "لا ترفعوا أصواتكم
لتقرأوا حتى آخر العمر كالشعشاعى ومصطفى إسماعيل وأحمد صالح والحصري".
(نعينع) في هذا الحوار يؤكد أن أفاد من صحبة الكبار
مصطفي إسماعيل وعبد الوهاب وعبد الحليم محمود والسادات ومن سفرياته العديدة . فإلى
التفاصيل .
بداية
ماذا عن برنامجك الرمضانى هذا العام؟
سأقرأ
كالمعتاد سنويا فى (الدروس المحمدية) في الجزائر التابعة لسيدي عبداللطيف بلقائد
صاحب الطريقة التى أخذها عنه الشيخ الشعراوى عندما كان رئيسا لبعثة الأزهر هناك .
وفي (تطوان) على الساحل المغربي في الاحتفال بغزوة بدر . وفي (ملتقى الفكر الإسلامي)
في رحاب سيدنا الحسين والذي تقيمه وزارة الأوقاف مع الأزهر الشرف هذا العام بعد
انقطاع لسنوات وسوف أقرأ في ليالي أخرى به وفي المساجد الكبرى في الحفلات التي
تنقلها الإذاعة والتليفزيون. أما بالنسبة لدعوات إيران وتركيا فقد اعتذرت عنها
وقلت لهم خاطبوا الجهات الرسمية لأنني ملتزم بالآية ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول
وأولي الأمر منكم ) . والحكومة لم تعط موافقات رسمية لي للسفر إلى هناك . كذلك سأقرأ فى الاحتفالات الرسمية وبمساجد آل البيت
خاصة مسجد سيدنا الحسين، لأنني القارئ الرسمى له .
هل لديك سفريات لبلدان أوروبية للقراءة للجاليات المسلمة
فيها ؟
عدت من رحلة أوربية شملت القراءة في كل من بلجيكا وألمانيا
وإيطاليا وفرنسا بدعوة من جمعية مغربية – سودانية مشتركة وطفت خلالها للقراءة في
المدن والضواحي وليس في العواصم فقط حيث قرأت في نيس وباريس بفرنسا وميلانو
بإيطاليا . وقبل ذلك زرت وقرأت في كل من
الولايات المتحدة الأمريكية وفي أندونسيا وجنوب أفريقيا .
ما هو شكل الاستقبال لك كممثل مصري لحملة القرآن ؟
الاستقبال فوق الوصف وفوق الطبيعي لدرجة أني وجدت قرابة
المليون شخص في ( جاكارتا ) في أندونسيا يحتفون بي وغنوا لي (طلع البدر علينا) ولم
أكن آخذ نفسي إلا بشق الأنفس بسبب الزحام الشديد وكل واحد منهم يريد أن يصافحني
بنفسه ويلتقط معي صورة! وكنت أجيبهم بقدر المستطاع .
هل هذه الحفاوة لشخصك أم للقرآن ؟
مؤكد للقرآن وليس لشخصى وكل شعوب العالم يحبون مصر
والأزهر ويقدرون المصريين من أجل الأزهر والقرآن ولولاه ما احتفى بي أحدكما أن
أصواتنا مقبولة عندهم في آذانهم .
كيف ترى الحملة على الأزهر أحيانا وتأثير ذلك على مسلمي
الخارج ؟
للأزهر احترام كامل في الخارج والحملة ضده تسيء إلينا
لأن سمعته كـ جنيه الذهب ومن تخرجوا فيه مثل المصابيح في بلادهم .
هل
حدثتنا عن حال بيتك ويومك مع القرآن فى رمضان؟
أسرتى مكونة من زوجتى إيناس الشعراوى أستاذة
التحاليل بطب بنها وبناتى الثلاث «ياسمين ويسرا ويارا» وأحفادى «مصطفى وأحمد
وفريدة وجميلة»، وبيتى لا يسمع فيه غير القرآن فى رمضان، فلا مشاهدة للدراما ولا
للبرامج الحوارية ليس تزمتاً، لكن لأن الوقت لا يكفى لواجبات اليوم، فأنا أقرأ فى
رمضان وغيره خمسة أجزاء من القرآن يومياً من الذاكرة، لأننا تعلمنا أنه «من قرأ
الخمس لا ينسى»، وحرصت على تحفيظ بناتى أجزاء من القرآن وهن يقرأنه فى بيوتهن، أما
أحفادى فأحضرت لهم محفظا للقرآن بمائة جنيه للحصة الواحدة ، وتذكرت وقتها الشيخ
أحمد الشوا صاحب الكُتاب فى مطوبس بلدتى والذى حفظت القرآن على يديه وكان كفيفاً،
وكانت أجرته فى الأسبوع خمسة قروش، وظلت علاقتي به من سن 3 سنوات حتى دخلت كلية
الطب فى جامعة الإسكندرية، وراجعت معه الحفظ والتجويد والقراءات، ثم صرت مساعده
الأيمن لضبط أداء الأولاد وكان يوصينى بأن من يخطئ منهم يضرب بالعصى 10 مرات وإذا
لم أنفذ كان يضربنى أنا!.
وفي مرحلة
تالية من حياتى في الإسكندرية عرفت طريقى لبيت الشيخة أم السعد وزوجها الشيخ محمد
فريد نعمان، وعلى يديهما تعلمت القراءات.
عموما يومي يبدأ بصلاة الفجر بالمسجد الذى أكون مدعواً فيه على الهواء
مباشرة أو بمسجدى فى سيدنا الحسين أو بمسجد «لقمة» المجاور لبيتى فى (التجمع)، وأذهب
لعملى وأعود لبيتى أنام قليلاً وأصحو لأقرأ بعض القرآن قبل المغرب وبعد الإفطار
أصلى العشاء والتراويح وأعود لبيتى، وقد أستمع لسيد درويش ومحمد عبدالوهاب وأم
كلثوم خاصة فى قصائدها مثل نهج البردة والأطلال وسلوا قلبى وولد الهدى، أو لأصوات
القراء القدامى الأساتذه مصطفى إسماعيل
وطه الفشنى ومحمد الصيفى وعلى محمود وعبد الباسط وأبوالعينين شعيشع والبهتيمي .
تأثرت بالشيخ مصطفى إسماعيل فمن هو خليفتك وما رأيك في
الأصوات الجديدة ؟
غالبية القراء الجدد يقلدون الكبار ويقلدون بعضهم بعضا
وليس لي خليفة ولكن لي مقلدون في كل مكان ومنهم المتميز .
مثل من ؟
الذي يقرأ القرآن كما أنزله الله وبدون ذكر أسماءتذكر دائما الشيخ مصطفى إسماعيل كأستاذ لك فماذا تعلمت
منه ؟
تعلمت منه الأداء الجميل واحترام التلاوة والتأدب مع
القراءة لأنني أثنائها في معية الله فلم يكن يلتفت يمينا أو يسارا إلا بعد أن يختم
بصدق الله العظيم . كذلك تعلمت منه الأداء المحكم والتنقل بين الأنغام .
لم تذكر الشيخ محمد رفعت مع أنه ناظر القراء ؟!
لقد صحبت الشيخ مصطفى إسماعيل وشربت منه وتربيت على
يديه لكن الشيخ رفعت سمعته مثل غيره في
تسجيلاته وأحترمه جدا ولم يأت الزمان بمثله .
لم نعد نرك في الاحتفالات الرسمية للحكومة فما السبب؟
أنا موجود لخدمة القرآن فمن طلبني أهلا وسهلا ولا أتأخر
عن أي دعوة .
صحبت الموسيقار عبد الوهاب عشر سنوات فماذا تعلمت منه ؟
عبد الوهاب سمعني في الإذاعة سنة 1981 فأرسل في طلبي
ولازمته حتى رحل سنة 1991 وكنت أذهب إليه تمام التاسعة مساء كل خميس لأقرأ له
ساعتين متواصلتين وكان يتناول عشاءه وقتها في إحدى المرات بحضور مجدي العمروسي ومحمود
كامل وأحمد صدقي وقال لي إنني لدي ما كان للشيخ رفعت بالنسبة إليه أي لا يمل
الاستماع إلي كما كان معه . وهذه من أسرار القرآن فإذا قرئ بروحانية وحضور تنزلت
الملائكة. وقد سجل لي 30 ساعة في الاستوديو و30 ساعة إذاعة خارجية بواسطة جلال
نوارة . وكان يترجم نغمات القراءة لكتابة بالنوتة الموسيقية ووصف صوتي ب (بليه)
البرازيلى وقال إني انتقلت من تقليد الشيخ مصطفى للإضافة , وإن قمة التقليد بداية
الإضافة . وضرب مثلا بنفسه أنه كان يقلد سيد درويش في بدايته قبل أن يصبح عبد
الوهاب . وكان مستمعا جيدا للإذاعة ويميز بين الأصوات بدقة وكانت تلفت نظره القفلة
الممتازة ولما أغيرها يغضب ويقول لي : (حافظ على قفلة رفعت ومصطفى إسماعيل ) .
ما حال مدرسة تلاوة القرآن حاليا برأيك ؟
غاضب جدا لتأخرنا في المسابقات الدولية ونحن كنا نجومها
وقد هاتفني صديق من أن مسابقة ماليزيا بدأت بقارئ مصري دون المستوى ! إنني أتمنى
أن نرسل للمسابقات الدولية خلاصة القراء .
معنى ذلك أنه لا أمل ؟ !
الأمل موجود وبقول رسول الله : ( الخير في وفي أمتي إلى
يوم القيامة ) .
كنت محظوظاً بتعلمك من القراء الكبار، فبم تنصح القراء
الجدد؟
- رفع الصوت عند الضرورة فقط لأنه كما ورد فى
الحديث : «قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا تنثروه نثر الدقل» . والدقل هو
التمر الرديء . فالجواب العالى له مكان وخفض الصوت له مكان وليس الزعيق المتواصل.
فمن يزعق على الدوام صوته سوف يفنى وسينتهى به الحال واقفاً أمام حائط سد ودماغه
سوف تنكسر لذلك أقول للقراء الجدد "لاتزعقوا" (وترفعوا أصواتكم) بل
كونوا عقلاء ولا تجهدوا أصواتكم بالصوت العالي، وكان الشيخ عبدالفتاح الشعشاعى
يقول: (الصوت أشبه بالجراب المليء بالنقود كلما أخذت منه نقص)، لذلك ظل يقرأ وعمره
تسعين سنة بنفس قوة صوته وحلاوته وكذلك مصطفى إسماعيل، والشيخ أحمد صالح ظل يقرأ
حتى بلغ 95 سنة، والحصرى قرأ حتى تجاوز الستين والأزهرى الشيخ معوض عوض إبراهيم
بلغ من العمر حالياً 107 أعوام ولا يزال يقرأ ويعلم.
هل
أفادتك دراسة الطب فى القراءة وصيانة صوتك؟
نعم
تدربت على أنى "آخذ" النفس والصوت من بطنى وكذلك من دماغى، فلا أجهد
الحنجرة أو الأحبال الصوتية، وأن أقفل القراءة وفى صوتى أنفاس فلا "أحزق"
ولا أقفل القراءة على آخر نفس، فهذا خطر جداً، لأن الأحبال الصوتية تضرب بعضها
وتنجرح ولابد أن يقفل القارئ وعنده رصيد من الأنفاس فى صدره وألا يستهلك كل
الهواء.
هل
مُمارسة الرياضة مفيدة لصوت القارئ؟
نعم لها دور
فى لياقة الجسم وتوسيع الصدر وطول النفس وعن نفسي أمارس التنس والمشي يوميا وأتجنب
السهر والمكيفات .
لماذا اختفى الصوت المُميز صاحب البصمة بعد جيل الرواد؟
لأن القُراء لا
يقرأون بإحساس ولا بحضور وتعايش وفهم ومعايشة لكتاب الله، بل يرددون القرآن
بألسنتهم وتشغلهم النغمة !
فلماذا يظل صوت الشيخ محمد رفعت فوق القمة للآن؟
- لأنه صوت يصعب تقليده فهو فريد فى نوعه ولن يتكرر من
يوم خلق الدنيا إلى الآن، فهو عبارة عن صوتين فى بعض.
ومن
علم الشيخ رفعت؟
أخبرنى
عبدالوهاب أن موهبته فذه ثم تقليده لمن
سبقوه مثل أحمد ندا والمناخلي.
هل
الصوت يضعف بتقدم السن؟
نعم وقد شعرت أن
صوتى ضعف عما قبل، وكان صوت الشيخ مصطفى إسماعيل فى شبابه غير تسجيلاته الأخيرة .
إذا
كنت قلدت الشيخ مصطفى إسماعيل، فمن قلد هو؟
قلد الشيخ أحمد ندا وعكاشة ومنصور
بدار، وقد سمع أبى الشيخ مصطفى إسماعيل فى “إبيانه” بلدة سعد باشا زغلول سنة 1946
عند أحمد بك زغلول ابن شقيق الزعيم سعد وكان صوته أسطورة، ثم سمعه معى عند جماعة
سماحة فى السبعينيات فقال إن البطل كان
زمان!، وكان الشيخ شهاب الدين الذى قرأ عليه سعد باشا زغلول يقول عن الشيخ مصطفى
إن النغمة عنده تسبق قراءة القرآن، وهو الذى علم كثيرين منهم شيخى وبلدياتى الشيخ
أمين قلد
الشيخ أحمد ندا وعكاشة ومنصور بدار، وقد سمع أبى الشيخ مصطفى إسماعيل فى “إبيانه”
بلدة سعد باشا زغلول سنة 1946 عند أحمد بك زغلول ابن شقيق الزعيم سعد وكان صوته
أسطورة، ثم سمعه معى عند جماعة سماحة فى السبعينيات فقال إن البطل كان زمان!، وكان الشيخ شهاب الدين الذى قرأ
عليه سعد باشا زغلول يقول عن الشيخ مصطفى إن النغمة عنده تسبق قراءة القرآن، وهو
الذى علم كثيرين منهم شيخى وبلدياتى الشيخ أمين هلالي، أما الشيخ رفعت فهو صاحب
القراءة السليمة الأولى ليوم الدين.
ماذا تذكر عن د. عبد الحليم محمود؟
كان إمام الزاهدين وهو شيخ الأزهر وقد فسر لي رؤيتي
للنبي وأنا معه في الصف الخامس عشر بأنني سأكون قارئ القرن الـ15 الهجري . وقد
عرفته من مسجد سيدي علي السماك بالإسكندرية .
أخيرا الرئيس السادات ماذا تذكر له ؟
لحبه للشيخ مصطفى إسماعيل وجد في صوتي شبها به فضمني
لسكرتاريته وكنت أقرأ له في رمضان قبل المغرب في وادي الراحة بسيناء بحضور أنيس
منصور وعثمان أحمد عثمان وسمعته يسجل القرآن بصوته على شرائط كاسيت .