الجمعة 17 مايو 2024

جمالات عبد اللطيف.. التمرد عبر الحب والكتابة

فن20-10-2020 | 13:01

تعاني مبدعات الصعيد من قيود المجتمع وعاداته وتقاليده المتوارثة وتجاهل وسائل الإعلام لهن ولإبداعهن الأمر الذي أدى بالكثيرات منهن إلى ترك الساحة الأدبية مبكرا أو مواجهة مجتمع تمثل موروثاته الاجتماعية إعاقة لمسيرة المرأة المبدعة التي باتت عاجزة عن التعبير بصدق عن ما بداخلها من مشاعر لأن اعترافاتها على الورق تعد عيبا كبيرا في نظر المجتمع، ومن ثم يأتي إبداعها مقيدا إلى حد كبير.

عرفتها روحا شفيفة طيبة نقية يغلفها الحياء المعتق ، تسبح فى نهر من الصوفية الرائقة ، شخصية قوية قهرت العرف والتقاليد قارئة نهمة موسوعية المعرفة ، حين تحادثها تجد مكتبة عالمية كبيرة فى كل المجالات.. وهى التى لم تحصل إلا على الشهادة الابتدائية فقط  فاستعاضت عن المؤهل الدراسى بالمعرفة، حوربت من عائلتها بشكل كبير وقهرت  حين قررت نشر كتاباتها من الأشعار والقصص بشكل كبير عاملوها كسجينة  إلى أن تزوجت واشترطت على زوجها أن يهبها حرية الكتابة وخروج كتاباتها للنور ومن هنا انطلقت خطواتها الأولى فى الطباعة والنشر جعلت من سجن التقاليد أجنحة ترتفع بها إلى البراح  صممت على قهر الجهل والأمية التى عانتها فى غيرها  فقد علمت 40 فتاة من فتيات قريتها الشيخ مسعود مركز طهطا  القراءة والكتابة وزرعت فيهن حب الاطلاع والمعرفة والبحث فى التراث .

تأتي جمالات عبد اللطيف  لتعلن أن الحب والقدرة على البوح عبر الكتابة هما السبيل إلى التحرر من كل قيد أو قهر يمارس ضد المرأة  وظهر ذلك جليا في روايتيها  "يا عزيز عيني ، ويا حبة الروح"، وتمردها ليس موجها ضد الرجل الذي تحبه وتجله وتوقره  ولكنه تمرد على الواقع الاجتماعي المرير، يتضح ذلك من الرسالة التي توجهها على لسان بطلتها صالحة في رواية يا عزيز عيني حين تقول مخاطبة حبيبها الذي فرق بينها وبينه واقع مرير يسوده القهر والظلم.  "لكني أعرف وأريدك أن تعرف أن الحياة ستُرد إلينا إذا ما التقينا من جديد، وعدت إليَّ، وتشابكت أيدينا، وإذا ما فشلنا في إصلاح ما أفسدوه ، فسوف نرحل أنا وأنت إلى أرض بكر جديدة ، سنزرع فيها الحنطة والذرة والنعناع والريحان ونغرس نخيلاً وعنبا وأشجارا عدة ونستدعي الطيور الطيبة والفراشات الملونة والبيضاء .. لتعيش معنا.. بيننا آمنة، وتبني لي البيت الصغير الذي وعدتني به.. المهم أن تعود"..

وتأتي جمالات عبد اللطيف في روايتها ( يا حبة الروح) لترسم لنا اختيارا آخر للمرأة التي تحاول إثبات وجودها عبر العطاء الذي هو السمة التي تضع المرأة في المكانة التي تستحقها سواء أكانت زوجة أم أماً، ولكن عندما يقابل العطاء بالتجاهل والنكران لا تجد سوى حديث النفس منفذا لهمومها وأحزانها عبر ضمير المتكلم الذي يصحبها من بدء الرواية إلى نهايتها في براعة  تحاول الكاتبة أن تخلق من ضمير المتكلم طاقة تنفث من خلالها بطلتها آلامها النفسية عبر علاقتها مع زوجها وحتي بعد أن تحولت معاناتها إلى انتظار الولد الذي لا يجيء تفقده دوما قبل اكتمال الحمل يظل ضمير المتكلم وحديث النفس سبيلها للبوح " وينزلق جنيني لا أملك أن أبقيه في أحشائي حتي يكتمل نموه ، أحمله في كفي ، والليل خارج بيتي يرقبني أقول له ، يا ليل استرني ، سأفعل ما لم تفعله امرأة قبلي، سأودع صغيري رحم الأرض، سأزرعه... لن أدفنه ، قد يكون رحم الأرض أوسع ، أنقى ، أكثر أمنا من رحمي ..."

كذلك نجد أنها تجعل من الرجل في حياة بطلتها سواء أكان زوجا أم ولدا مثارا للدافعية ومبعثا للأمل وروح التحدي بينما يكون الآخر بالنسبة لها إما الأنثي الأخرى أو النفوس الطامعة فيما تصنعه من آمال.

بل ويمتد تمردها إلى التمرد على الجسد وما يفرضه من قيود للروح؛ فتغييب الجسد والاختلاء بالروح في فضاء الحلم سواء في النوم أو اليقظة الوسيلة لاجتلاب الفرحة أو السعادة " في قرى قلبي البنات يجمعن القطن يدسونه في صدورهن فستيقظ فيّ ألوان رغبة الضم ؛ حتى تتفتح أقفاص الصدر فتتحرر القلوب ، تسبح في الفضاء تمنح جناحي نورا؛ تجوب الفضاء ؛ ترميك بورود مقدسة... وستحيا روعة الحلم ، طعم ورائحة الانبهار"

هكذا كانت الكتابة التربة الخصبة التي نثرت فيها جمالات عبد اللطيف كل ما تحمله من بذور الحب وطاقاته المتفجرة  فأورقت في حياتننا الأدبية زهورا  وأشجارا سامقة  من إبداعها الروائي والقصصي:   

•صدر لها :

1- أنا النيل يا ولدي / قصة طويلة للأطفال

2-الصبار فوق شفاه وردية ، مجموعة قصصية .

3-خطوط سوداء فوق وجه القمر ، الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار بالاشتراك مع اليونسكو وهي قصة فائزة بالمركز الأول على مستوى الجمهورية .

4-كتابات من رحيق العشق ، كتاب مشترك ، الهيئة العامة لقصور الثقافة .

5-يا عزيز عيني ، رواية ، ط1 فرع ثقافة طهطا . ط2 ، مكتبة الأسرة 2003م طبعة ثالثة دار اقرأ للطباعة والنشر

6-حكايات من نجع الطيبة ـ الهيئة العامة لقصور الثقافة . سلسلة "أصوات أدبية"

7-يا حبة الروح / رواية  ط   مركز الحضارة العربية

•رحلة الشتاء بحث في التراث  -

كُرمت من قبل السيد وزير الثقافة عام 2002م بمناسبة فوز روايتها ياعزيز عيني كأفضل رواية على مستوى الجمهورية ، كما كرمت للمرة الثانية عام 2003م في مؤتمر أدباء مصر بالأقاليم والذي أقيم بالمنيا وكانت أول أدبية يكرمها المؤتمر .

كما تم تكريمها من قبل نادي القصة بأسيوط بدرع التميز في الإبداع في مؤتمره الخامس "المرأة والسرد"  كما تم تكريمها من قبل السيد محافظ سوهاج؛ كما احتفت بتجربتها الإبداعية قناة الحرة الأمريكية وتم تكريمها في جمهورية لبنان الشقيق وأجرت العديد من المقابلات الإعلامية اهمها وأبرزها إذاعة مونت كارلو الدولية، حصلت على العديد من شهادات التقدير وشاركت في العديد من المؤتمرات الأدبية ولا تزال هناك الكثير من الروايات التى تحت الطبع لها، ولا تزال تجاهد فى قضايا حقوق المرأة فى الحياة و الإبداع .