الإثنين 25 نوفمبر 2024

فن

ضرورة السلام الاجتماعى الذي أكد عليه الرئيس السيسي

  • 20-10-2020 | 19:29

طباعة

فى الرابع من نوفمبر قبل الماضي، وخلال حديثه بمؤتمر الشباب بشرم الشيخ، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن "بناء السلام الاجتماعى داخل الوطن الواحد يجنّب الدولة الدخول في صراعات أخرى، وبناءً عليه يجب أن يكون الحاكم حريصًا جدًا على تنمية وتطوير بناء السلام الاجتماعى داخل بلاده".. وأضاف الرئيس "لقد حرصت القيادة المصرية  خلال مواجهة الإرهاب ألا يتأثر السلام الاجتماعى الداخلى للبلاد فضلًا عن عدم خلق أي عدائيات داخل المجتمع".

التطرق إلى تفاصيل المفهوم التقليدي للسلام الاجتماعي في أدبيات علماء الاجتماع، يشير إلى أن الرئيس السيسي وسّع من مستويات تطبيق هذا المفهوم على أرض الواقع. حيث كلام الرئيس في المؤتمر السابق ذكره عن دور المرأة في مصر، وفاعليتها في مؤسسات الدولة، كان يهدف من خلاله إلى بناء وعي حقيقي قائم على عدم التمييز بين الرجل والمرأة، ينتهي إلى ضرورة خلق سلام اجتماعي يدعم الاستقرار داخل المجتمع المصري.

وإذا كان المفهوم التقليدي للسلام الاجتماعي، يعني "الاتفاق والانسجام والهـدوء"، فإن السلام الذي أكد عليه الرئيس السيسي، يعني دعوة لمكونات المجتمع الأساسية إلى التعايش السلمي، ومكافحة الإرهاب، ومد جسور التواصل الاجتماعي بين أفرادها وشرائحها المختلفة وقواها الدينية، باعتبار أن ذلك عامل رئيسى من عوامل تقدم وتطور بناء المجتمع ونهضته وازدهاره. بل إن الملاحظ على دعوة "السيسي" لنشر السلام الاجتماعي، لم تكن محلية، وإنما كانت عابرة لحدود الدولة المصرية، حيث طالب الرئيس في العديد من خطاباته الرئاسية بتعايش الدولـة-أى دولة- مع جيرانهــــــا والانسجام مع محيطها الإقليمى والدولى بشكل عام.

 غير أن الكثيرين قد لا يدركون أن الرئيس السيسي وضع مقومات تحقق هذا المفهوم على أرض الواقع المصرى قبل أن يدعو لنشره. فقد احتكم الرئيس للقانون منذ توليه المسئولية، وأصبحت الهيئات القضائية والشرطية تطبقه على الأفراد بصرف النظر عن موقعهم الاجتماعى وتوزيعهم الجغرافى أو نفوذهم السياسي. فعملياً، يمكن أن نتذكر أنه منذ عام 2014، ضبطت الرقابة الإدارية العديد من الحالات، منهم وزراء ومسئولين، وتمت محاكمتهم جميعاً.

بالإضافة، إلى الاحتكام للقانون كواحدة من مقومات بناء السلام الاجتماعي، التي وضعها الرئيس منذ وصولة سدة الحكم في مصر، نتطرق إلى "الحكم الرشيد"، كأداة أخرى من مقومات بناء السلام الاجتماعي، التي تثبتت أركانه حالياً في المجتمع المصري. فقد أصبحت المساءلة آلية تكاد تكون يومية في كثير من مؤسسات الدولة، وبدت ظاهرة التقييم والعقاب تخيم على الكثير من دواوين المحافظات ومقار الوزارات. فقد باتت الشفافية في إدارة الحكم، وفى إدارة المشروعات القومية مسار عمل، فكثيراً تجد الرئيس يتحدث أمام شاشات التليفزيون، معلناً عن حجم المشروعات القومية وحجم الإنفاق عليها، وفى كل مره تجده يطلب فجأة من أحد المسئولين أو الوزراء الإعلان على الهواء مباشرة عن أرقام تكلفة مشروعاً يشرف على تنفيذه أو يديره، بهدف إعلام الشعب بكل صغيرة وكبيرة، وتتوافق توقعاته مع مستوى الإنجازات وحجم المتطلبات وتكلفتها.

بالتوازي مع تثبيت مقومات الحكم الرشيد الثلاثة (المساءلة والثواب والعقاب والشفافية)، حرص الرئيس السيسي على السعى بقوة نحو التمكين والمشاركة وبرامج العدالة الاجتماعية، ومحاربة الفساد كشروط للحكم الرشيد، ومقومات لبناء السلام الاجتماعي. فقد عمل الرئيس منذ عام 2015، بل قبلها على توسيع قاعدة الاختيار والمشاركة سواء في المناصب التنفيذية أو في اختيارات الكليات العسكرية وكلية الشرطة، وأعضاء الهيئات القضائية. ففي الأربع دفعات الأخيرة، قد لا تجد قرية في ربوع جمهورية مصر العربية، إلا ومنها طالباً أو خريجًا ممثلاً في تلك الكليات والهيئات، حتى إن الرئيس كان حاضرا بعض مقابلات كشف الهيئة في بعض الكليات، ليس تشكيكا في أداء مؤسسات الدولة، بل توصيل رسالة، هدفها طمأنة المصريين، ومضمونها أن "الفرص متساوية بين الجميع".

ومع الشفافية في الاختيار التي تحدثنا عنها سابقاً، سارت ظاهرة تمكين الشباب والمرأة، تتزايد بقوة في اختيارات الرئيس للمحافظين ونوابهم، وللوزراء ونوابهم، حتى أنه لم يحرم الأحزاب السياسية، التي ضمنت تمثيلها من خلال تنسيقية الأحزاب والسياسيين.

قد يكون كل شيء تغير في شكل الحكم في مصر، لإرساء السلام الاجتماعى بين أفراد المجتمع المصري، فـ محاربة الفساد وتطبيق برامج العدالة الاجتماعية، توسعت بدرجة كبيرة، وأصبحت تحت رقابة الرئيس شخصيا، فما من مؤتمر، إلا يوصي فيه الرئيس بمكافحة الفساد، والتشديد على الأجهزة الرقابية للقيام بدورها على أكمل وجه، حتى أصبحت أخبار ضبط الفاسدين بكافة مستوياتهم في عهد "السيسي" تكاد تكون يومية.

 أما برامج العدالة الاجتماعية في تقديري، فقد كانت من أهم مقومات بناء السلام الاجتماعى التي حرص الرئيس على تنفيذها ومتابعتها بصفة مستمرة. فقد استطاعت الدولة من خلال تلك البرامج، التي أهمها "تكافل وكرامة"، وبرنامج "سكن كريم"، بالإضافة إلى المساعدات الشهرية الاجتماعية، والمساعدات الاستثنائية والضمانية، ومساعدات أسر الشهداء، وغيرهم- أن تسد فراغات الاستغلال الاجتماعى والسياسى التي قامت به جماعة الإخوان الإرهابية في مناطق الفقر، وهو ما قلل من معدلات العنف، وتقليل معدل الجريمة وتخفف العبء على الأجهزة الشرطية.

لم تقتصر مقومات بناء السلام الاجتماعى الذي دعا له الرئيس السيسي على ما تم ذكره في السابق، بل إن هناك أدورا جديدة قامت بها وزارة الداخلية، وأجهزة سيادة أخرى، تمثلت في القيام بأدوار اجتماعية، أهمها: توزيع كراتين مواد غذائية بالمجان على المواطنين، وعقد العديد من جلسات المصالحات الثأرية، لدعم السلم المجتمعي بين القبائل والعائلات في صعيد مصر، والتى كان آخرها الصلح الذي عقده مدير أمن الأقصر، اللواء أيمن راضي لإنهاء خصومة ثأرية بين أولاد عمومة من عائلة الدراويش بنواصر إسنا.

إن احتضان الرئيس السيسي لمفهوم السلام الاجتماعي، يجب أن تدركه كل مؤسسات المجتمع المدني، والأهلي، والطرق الصوفية، الذين يقع عليهم مسئولية كبيرة في نشر وبناء وتطبيق هذا المفهوم، الذي أصبحت كل مقوماته جاهزة على أرض الواقع، وتحتاج إلى من يحركها ويستخدمها. وبالتالي إذا كانت بعض مؤسسات المجتمع الأهلي بدأت بتفعيل تلك المقومات التي أرساها الرئيس، منهم مؤسسة صناع الخير والأورمان التي اخترقت مناطق الفقر، وتقوم بدور صحى مكمل لمبادرات الرئيس الصحية (100 مليون صحة، والكشف والعلاج المبكر لسرطان الثدى وغيرهما)، فعلى باقى المؤسسات المدنية أن تسلك الطريق نفسه، وعلى الطرق الصوفية المصرية أن تلعب أدوار اجتماعية كمثيلاتها في السودان والمغرب والجزائر، وتصبح فاعلا رئيسيا في مكافحة التطرق والعف، وواحدة من فواعل إرساء السلام الاجتماعى في الدولة المصرية.

 

 

 

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة