الأحد 24 نوفمبر 2024

فن

الشعر الحلمنتيشي

  • 21-10-2020 | 11:00

طباعة

الشعر الحلامنتيشي أو الشعر الفكاهى "المونولوج" الذى يمتاز بمزج الفصحى بالعامية هو عبارة عن شعر هزلى سمى بهذه التسمية نسبةً إلى فرقة حلمنتيش التى كانت تقدم هذا النوع من الفنون وانتشر كثيراً قبل سنوات بعيدة على يد الشاعر حسين شفيق المصرى الذى قدم نماذج لأشهر أبيات الشعر الحلمنتيشي على نظم قصائد العصر الجاهلى وأسماها المشعلقات على غرار المعلقات تلك القصائد السبع أو العشر التى علقت على جدار الكعبة الشريفة لقيمتها التاريخية والأدبية فوجد منها مادة خصبة.

 وعلى سبيل المثال قدم حسين المصري (مشعلقة) نظمها عن مناوشات الأسرة المصرية فى رمضان حيث قدم أبياتا شعرية على وزن قصيدة أبي العتاهية أسماها "مشعلقة" بمطلعها الشهير :

ألا ما لسيدتي مالها

أدلا فأحمل إدلالها

أعاد حسين شفيق صياغة القصيدة فقال:

ألا ما لسيدتي مالها؟

أدلا فأحمل إدلالها

أظن الولية زعلانة

وما كنت أقصد إزعالها

أتى رمضان فقالت هاتولي

زكيبة نقل فجبنا لها

ومن قمر الدين جبت ثلاث

لفائف تتعب شيّالها

وجبت صفيحة سمن وجبت

حوائج ما غيرها طالها

فقل لي على إيه بنت الذين

بتشكي إلى أهلها حالها؟

تقولهم جوزي هذا فقير

كأني أضعت لها مالها

ولا والنبي لا أخاف أباها

ولا عمها ولا خالها

ولو كانوا ناسا من اللي في بالي

لما سمعوا قط أقوالها

دي جارتها زعّلت زوجها

فجاب العصاية وادّى لها

وقد عجبت بعد ما سابها

وشافت من الدنيا أهوالها

فإن عملت مثلها زوجتي

فإخص عليها وعقبى لها

أتدرون ماذا أثار الخناق

فزلزلت الأرض زلزالها؟

تريد الذهاب معي للتياترو

وتطلب مني إدخالها

وكيف أروح معاها التياترو

وإزاي أقبل إرسالها؟

ولا يمكن ذكر الشعر الحلمنتيشي دون التطرق للحديث عن الشاعر حسين طنطاوى مؤلف الأغنية الشهيرة "رمضان جانا" والتى تغنى بها سلطان الطرب محمد عبدالمطلب لتصبح أهم الأغنيات التى ارتبطت فى وجدان الجمهور وعبرت عن الفرحة والاستعداد للشهر الكريم.

وكان لحسين طنطاوى مؤلفات وأعمال أخرى اشتهرت الإذاعة المصرية بتقديمها , مثل برامج السمسمية مع المنولوجست سيد الملاح والذي كان يذاع في شهر رمضان على مدار أكثر من 20 عاماً و بداية من 1962 وحتى 1984 والشعر الفكاهي والأدباتي‏ وعلى الربابة‏ وفوازير افتح ياسمسم وبرنامج الشعر الحلمنتيشي وكان يقدمه بطريقة إلقاء متميزة ومختلفة الفنان محمد شوقي وكان يبدأ كل حلقة بهذه الأبيات:‏

اضحك فهذا الشعر حلمنتيشي

هو سكر والله سنترافيشي

اضحك فإن الضحك كالياميش

في طعمه والكحك والقراقيش

وعن الشعر الحلمنتيشي يقول الشاعر الكبير بخيت بيومى صاحب الألف فزورة: نحن شعب النكتة شعب جحا الذى هو بطل الضحكة فى تاريخنا حيث يعد الشعر الحلمنتيشي هو أحد فروع الشعر الفكاهى والفانتازيا الخيالية التى تعالج أزمة الفكاهة بالرغم من عدم تداوله وانتشاره, ويختلف لفظ الشعر الحلامنتيشي عن بقية ألوان الشعر فهو يعتمد على تحريف اللفظ الفكاهى الذى يمتاز بالبساطة وسهولة الفهم, والتاريخ الفنى زاخر بعلامات بارزة لشعراء قدموا الشعر الحلمنتيشي على رأسهم حسيب غباشي الذى قدم سيد الملاح للإذاعة المصرية فى أنجح الأعمال "سيد وحرمه في رمضان, ومحكمة الفن" وفتحى قورة الذى قدم شكوكو وثريا حلمى فى أنجح المونولوجات. وابن الليل ومصطفى الطائر, حتى حسين السيد ذلك الشاعر الكبيرالمتنوع قدم بعض ألفاظ الحلمنتيشي فى بعض أغانيه.

وبعض الألفاظ فى الشعر الفكاهى قد تحرف ويختلف لفظها لتصبح "حلمنتيشي" بداخل أغانى فكاهية.

ويشرح شاعرنا الكبير نموذجاً لبعض تلك الألفاظ مؤكداً على استخدامها وتوظيفها داخل العمل الفكاهى مستشهداً بمونولوج قام بتأليفه ومن غناء الفنان الراحل شكوكو:

نزلت بحر الغرام اصطاد سمك مقلى

قابلنى طبيب السمك قالى بلاش مقلى

تشوى بسارية السمك أحسنلك من المقلي

وعليك ببلطى المحبة أنا خدت عقلي

على رأى شاعر بيكتب الشعر بالكيلو

كان عنده حلقة سمك كل الخلق تدعيله

وع الريحة كل القطط تاكل وتدعيله

وأضاف بيومى : لقد انتهى عصر صناع المواهب سواء الفكاهية أو الشعرية أو الأدبية, ولم يعد أحد يقدم مواهب جديدة ولكنها تظهر على استحياء, والشعر الحلمنتيشي غير متداول بطبيعته ومع الوقت لن نجد وجوها جديدة لذلك النوع من الفن.

وبالرجوع للتاريخ الوسيط سنجد كثيرا من شعراء العصر المملوكي ثم العثماني برعوا في مثل ذلك الشعر وقالوا في أوصاف الكنافة والقطايف والخشاف الكثير, وهناك قصيدة شهيرة للشيخ الشربيني اسمها (هز القحوف) شرحها طاهر أبو فاشا.

    الاكثر قراءة