السبت 28 سبتمبر 2024

نقيب المنشدين محمود التهامي: المشايخ الكبار أساس الموسيقى والغناء في مصر

فن21-10-2020 | 11:08

في بيت يملؤه حب الفن وخاصة مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ووسط محبة آل البيت نشأ الشيخ محمود ياسين التهامى ليسير على نهج الأب القادم من أحضان الصعيد وتحديدا من أسيوط , هذا الأب الذى تربع على عرش فن المديح فى مصر ,وجاء الابن فأصقل الموهبة بالدراسة والعلم, والفكر المتطور وكان تتويج ذلك بإنشاء نقابة المنشدين لتقنين أوضاعهم والحفاظ على هذا التراث الذي تنفرد به مصر ,وتوالت الأفكار حتى تأسيس أول مدرسة للإنشاد الدينى فى مصر. وفي هذا الحوار يؤكد نقيب المنشدين أن الإنشاد الدينى بحاجة إلى الدراسة والموهبة معاً وأنه رسالة دينية  , ويجب على شباب المنشدين أن يجددوا المحفوظات القديمة التى اعتادوا تقديمها لتطوير هذا الفن , وإلى نص الحوار.

بداية أنشأت أول مدرسة للإنشاد الدينى فى مصر فكيف خرجت الفكرة إلى النور ؟

عند إشهار نقابة المنشدين والتى بها عضويات عاملة و منتسبة أصحابها يمارسون المهنة بحرفية وأداء متقن, فوجئنا بأن 90% من المنشدين ليسوا على دراية بالمقامات الموسيقية أوالشعر أو أصول الإنشاد كعلم بل مجرد ممارسين للمهنة بالفطرة فقط , فكان لابد من إنشاء مدرسة للإنشاد الدينى تقوم على أسس علمية وتقدم منشدا ملتزما بقواعد علمية مدروسة .

كم عدد خريجى المدرسة حتى الآن وماهى مدة الدراسة ؟

لقد تخرج من المدرسة حتى الآن حوالى500 منشدا على مستوى الجمهورية وسوف يتم التوسع فى إنشاء عدة أفرع للمدرسة خاصة فى محافظات الصعيد مثل  سوهاج و أسيوط و المنيا لأن الوضع بالنسبة لطلبة الصعيد مرهق جداً لبعد المسافة التى يقطعونها .ومدة الدراسة  المكثفة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر .

كيف أثرت نشأتك على احترافك المبكر لفن الإنشاد الدينى؟

لقد نشأت فى أسرة محبة للفن وللإنشاد بصفة خاصة ونشأتى بالطبع مع والدى ياسين التهامى أثرت فى كثيراً, و بدأت حياتى الفنية مبكراً منذ حفلات المدرسة وأنا صغير ثم التحاقى بمعهد الكونسرفتوار ومعهد الموسيقى العربية حيث درست الهندسة الصوتية ثم احترفت فن الإنشاد الدينى على دراسة ووعى.

إلى أى مدى أفادتك دراستك للموسيقى فى مجال الإنشاد ؟

الموسيقي دراسة إنسانية شاملة لكل الفنون وهى اللغة المشتركة بين كل الشعوب والإنشاد الدينى جزء من الموسيقي والفن أو لغة الحوار الموسيقي.وأفادتنى دراسة الموسيقى فى معرفة كيفية تفاصيل العمل الفنى فما درسته منذ حوالى خمسة وعشرين عاماً يفيدنى الآن مماجعلنى أقدم موسيقى خاصة تلائم  شباب اليوم ,لأنى أمتلك الخبرة الفنية التى تؤهلنى لذلك, بالإضافة إلى أن كل مشايخ الإنشاد الذين تربعوا على عرش الإنشاد كانوامن دارسي الموسيقى وأصولها , فدراسة الموسيقى أفادتنا فى فن الانشاد وضبط الوزن والقافية لأن الشعر يعتمد على الموسيقى بل هو نوع من أنواع الموسيقى بالفعل. كما أن دراسة الآلات الموسيقية التى تستخدم فى الإنشاد بصفة خاصة أفادتني  فى حفلاتي .وأحياناً خلال سفرى للخارج يطلب منى إحياء  الحفلات بدون الفرقة الموسيقية الخاصة بى  ولكن بمشاركة  فرق أخرى لتقديم عمل جماعى,من هنا فدراستى للموسيقي أهلتنى للتعامل مع فرق أخرى غير التى اعتدت عليها.

هل يعتمد فن الإنشاد الدينى على تدخل محدود للآلات الموسيقية؟

طبيعة الإنشاد الدينى تحد من استخدام الآلات الموسيقية خاصة فى مدرسة الارتجال والتى أنتمى إليها ووالدى ,فمدرسة الارتجال تعتمد على صوت المنشد بالأساس  وارتجاله للحن مع الكلمات التى يؤديها والآلات الموسيقية هنا هى بمثابة"سنيدة" يبرز دورها فى النهاية فقط , فالكلمة هى سيدة الموقف بجانب الصوت بالطبع.وهناك أعمال أقوم بتدوينها كنوت موسيقية وتوزيعها يحتاج إلى آلات موسيقية وفرق كاملة.

ماهى أهم الآلات الموسيقية التى تستخدم فى فن الإنشاد؟

 أهم الآلات ,الناى ,و الكولة ,و الكمنجة على رأس الآلات والدف والرق والطبلة ولقد أدخلت "الكيبورد" كآلة مستحدثة والقانون.

ماهى برأيك أهم مراحل تطور فن الإنشاد الدينى فى مصر؟

الإنشاد الدينى فن مميز وقديم جداً فى مصر و فى عشرينيات القرن الماضى كان المشايخ هم أبرز مدرسي الموسيقي فى مصر, وكل مطرب درس وتعلم فنون  الموسيقى ترعرع  على أيدى المشايخ الذين  علموا الناس الموسيقى .ثم جاءت مرحلة سبعينيات القرن الماضى ليدخل فن الإنشاد الدينى مرحلة الظل وكان قاصراً على الابتهالات فى المساجد ,حتى جاء "الوالد" وخرج بالإنشاد بلغته العربية الفصحى إلى خارج المسجد لينتشر فى الموالد والليالى والحفلات على مستوى الجمهورية.

ماهو دور نقابة المنشدين إذن ؟

كان الإنشاد الدينى  فنا شعبىا غير مقنن ,وفكرنا فى  إنشاء نقابة للمنشدين كى تراقب المشكلات وتحاول حلها وتقنن أوضاعهم.وانبثقت من النقابة فكرة إنشاء مدرسة الإنشاد التى تعد أول تواصل حقيقي مع الشباب الذى يريد أن يصبح منشدا ولايعلم ماذا يفعل وكيف الطريق إلى ذلك الحلم فالمدرسة قامت بدورالتوجيه وإقامة الحفلات لهم  وتأسيس فرق متخصصة من المدرسة ومن النقابة  وفرق أطفال وفتيات وشباب .

إذن  المرأة المنشدة أصبحت حقيقة وواقعا ملموسا ؟

متواجدة بقوة بالطبع ولدينا فرق للفتيات وطالبات منشدات فى المدرسة, والمنشدات يملكن تاريخاً زاخراً بالقيمة الفنية على مدار عصور فن الإنشاد الدينى , حتى ظهرت الأفكار المتشددة فى السبعينيات التى تدعو إلى تحريم صوت المرأة أو ظهورها أواختلاطها  بدعوى أن صوت المرأة عورة. والذي لا يعرفه البعض أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يطلب مدحه, ولكن  حسان بن ثابت وأشعاره فى مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابتة وكذلك أشعار كعب بن زهير والبوصيري وغيرهم .

كيف يستقبل الجمهور الأجنبي  فى حفلاتك الخارجية فن الإنشاد؟

 

المعنيون حالياً بفن الإنشاد ويولونه أهمية قصوى هم جمهور دول شرق آسيا مثل تايلاند و ماليزيا وأندونيسيا خاصة في  جاكرتا ,  حتى أنهم يجتهدون فى تعلم اللغة العربية لغة القرآن ليقتربوا من فن الإنشاد الدينى أكثر.و لغة الموسيقي هى لغة الإحساس الذى يصل بدون ترجمة وبكل سلاسة داخل وجدان الجمهور.

ماهى آخر أعمالك؟

آخر أعمالى هو ألبوم "رسمتك" بلغة عربية فصحى والذى كان مزيجا من (موسيقى البوب والراى والروك آند رول وهاوس) و حقق صدى طيبا  لدى الشباب من خلال تقديم نموذجا حديثا ومختلفا عن الإنشاد التقليدى المعتاد.

برأيك كيف يمكن تطوير فن الإنشاد الدينى؟

نحن نعانى من مشكلة فى الثقافة المصرية فبينما نحن نحاول تطوير الحس الثقافى والفنى هناك آخرون يطورون فى إفساد الذوق العام بخلق ألوان من الفنون لاعلاقة لها بالثقافة أو الفن أو الموسيقي المصرية.ولكن فى الإنشاد الدينى أقوم بإدخال مقامات وكلمات  وألحان وتوزيعات جديدة ,ويجب ألا نظل نقدم المعتاد والقديم الذى نشأنا عليه وإلا ما أهمية دراستنا ,وهناك مشكلة أخرى عند بعض شباب المنشديين وهى الاعتماد على المحفوظات القديمة وحدها وتكرارها.

كيف تختار القصيدة التي تغنيها ؟

تعاونت مع شعراء كبار أمثال فاروق جويدة وأحمد تيمور و رفعت الميرصفى ومحمد خلف وربيع فرج والقصيدة التى أشعر بها أتغنى بها.

هل سنرى فروعا أخرى لمدرسة الإنشاد فى دول عربية ؟

قريباً فى دول المغرب العربي وهناك تعاون مشترك مع مدارس الإنشاد العريقة فى سوريا , وتعاون مع المنشدين  السوريين فى مصر والذين قاموا بالفعل بإنشاء مدارس للإنشاد الدينى فى (ساقية الصاوى)و يلتحق بها شباب مصريون وسوريون منذ عامين . 

ما أهم ما يميز المنشد عن قارئ القرآن؟

قارئ القرآن يلتزم بالأحكام وبالتجويد والتلاوة ولكن يجمع بين الاثنين عامل مشترك وهوالصوت الحسن الذى يجب أن يمتاز به كل منهما ويفضل دراسة المقامات أيضاً.

ماهى المقامات الأكثر قربا من المنشد ؟

 مقام (البيًات و الحجاز و السيكا و الرسك).

من هم أبرز الملحنين الذين تعاملت أنت معهم؟

تعاملت مع صلاح الشرنوبى ومحمد رحيم ولكن أكثر أعمالى قمت أنا بتلحينها وذلك كونى أنتمى لمدرسة الارتجال  و بعض النغمات تأتينى أثناء الارتجال .

ماهى أهم الآلات الموسيقية التى تجيد العزف عليها؟

أعزف على  البيانو والعود والكمنجة.

ماهى أمنياتك لفن الإنشاد الدينى فى مصر؟

أتمنى أن ينال  حقه الإعلامى وينتهى قانون نقابة الإنشاد الدينى لتتحول النقابة إلى نقابة مهنية فهى حالياً نقابة عمالية ويتم حالياً مناقشة القانون بمجلس الشعب وأرجو من  اللجنة الدينية سرعة الانتهاء منه. ونحن من جانبنا سنضع أخلاقيات للإنشاد منها ألا يستمر المنشد مع آذان الفجر وألا يصخب منشد على آخر خاصة في الموالد الكبرى واستخدام مكبرات الصوت , وعن نفسي أذهب لإحياء الموالد حبا في آل البيت ورمضان هو موسم وذروة الاهتمام بالإنشاد والمنشدين .