"الهلال اليوم"، تنشر فصلًا من كتاب "الوثائق السرية لحكم الجماعة الفاشية"، للكاتب خالد حنفي، وجاء الفصل بعنوان "ضرب الدولة العميقة"، وجاء فيه:
"الجماعة
استعانت بالطامعين في رضاها لتصفية خصومها وتمكين كوادرها.. جهزت خارطة برموز الدولة فى
الوزارات وتم تصنيفهم وفقاً لإمكانية التعامل معهم".
تدّعى جماعة الإخوان
الفاشية أن غالبية المصريين الذين خرجوا عليها فى 30 يونيو كانوا مدفوعين لذلك..
تدعى أن هناك من قام بتحريكهم والتحريض عليهم.. أقول تدعى لأنها لا تريد أن ترى
الحقيقة الواضحة للجميع وضوح الشمس، وهى أن الغالبية خرجت من تلقاء نفسها وهى ترى
الخطر يداهمها وهى فى بيتها.. خرجت لأنه جرى تكفيرها.. خرجت بعد أن رأوها وهى
تقامر بالوطن وتريد تحويله لملكية خاصة.. خرجت بعد أن رأت مكانة مصر تتأثر.. مصر
-وكما قلت سابقاً- وهى فى أضعف حالاتها قوية جداً.. لا يمكن أن تلغى تأثيرها لا فى
المنطقة ولا فى العالم.. هى عامود الخيمة.. خرجت الغالبية وهى ترى دولاً لا وزن
لها تتحكم فينا.. دولاً تريد أن تفرض كلمتها على مصر، منها مثلاً قطر التى كان
أميرها «والد تميم» يزور مصر بانتظام، وفى كل مرة كانت الجماعة تنتفض لاستقباله
ولا أعظم الملوك، بينما عندما ذهب مرسى إليها تعاملوا معه كأنه مواطن عادى.. قطر
التى أرادوا لها أن تفترش أراضى مصر وتفعل فيها ما تشاء.. خرجت الغالبية وهى ترى
الجماعة تفرض إرادتها وأبناء تنظيمها والخارجين من رحمها على مفاصل الدولة
المصرية..
وصلت الجماعة للحكم وهى لديها خطة كاملة للتمكين.. قبل أن تظهر
ممارساتها أمام الناس جميعاً وفى بداية السنة الكبيسة لحكمهم كنت قد نشرت وثائق
خاصة بهم تكشف ما كانوا يفكرون فى تنفيذه.. وقتها خرجت قيادات الجماعة علينا لتعلن
أنها حتى الآن لم تتمكن.. وقتها حل مهدى عاكف المرشد السابق لجماعة الإخوان
المسلمين ضيفاً على طونى خليفة فى برنامجه «زمن الإخوان».. تحفظ عاكف على اسم
البرنامج وقال «إن زمن الإخوان لم يأتِ بعد.. صحيح أن واحداً من أبناء الجماعة -
كان يقصد محمد مرسى- وصل للرئاسة، لكن هذا لا يعنى أننا فى زمن الإخوان.. الحالة
الوحيدة التى يمكن أن نقول فيها إنه زمن الإخوان عندما نشكل الحكومة كاملة من
رجالنا.. عندما نضع أيدينا على المحافظات وباقى المؤسسات المهمة فى الدولة».. كان
مهدى عاكف صادقاً فيما ذهب إليه.. كان يكشف لنا كيف تفكر هذه الجماعة المنحلة،
وكيف تدير أمورها، وكيف تخطط لخطف مصر من المصريين.. لا أحد يصدق أن الجماعة
المنحلة يمكن لها أن ترضى على أحد لا ينتمى إليها مهما ظهرت عليه علامات الورع
والتقوى.. بل إنها ستزيح من طريقها من تراه عقبة فى مخططها.. ستزيح من كان شاهداً
على تجاوزاتها وتجاوزات أعضائها.. هذه الجماعة المنحلة ماضية فى تنفيذ ما خططت له
من السيطرة على كل مفاصل الحكم فى مصر مهما كان الثمن فادحاً.. وضعت الخطة فى
أوراق ليحفظها الأعضاء ويعملون على تنفيذها.. من بين هذه الأوراق ما يخص كيفية
التعامل مع الدولة العميقة وفيها جاء -تحت عنوان «استراتيجيات التعامل مع الدولة
العميقة»- إنه يجب مواجهة الدولة العميقة بحسم وقوة وضربها فى مفاصلها وذلك من
خلال الإقصاء بالتركيز على النقاط الحرجة والمفاصل وقطع خطوط التواصل.. أيضاً من
خلال المراجعة وإعطاء فرصة للتعايش وهو مسمى بالعدالة الانتقالية.. أيضاً الإحلال
والتجديد والاندماج الكامل للكفاءات الصالحة المخلصة داخل مؤسسات الدولة.. هذه
النقطة ينفذونها بقراءة أوراق من ينتمون إلى المؤسسة التى وضعوا أيديهم عليها
ويبقون على من يقدم لهم كل شىء طواعية وعندما يقدمها طمعاً فى أن يبقى فى مكانه
يتم الإطاحة به فوراً.. تمارس الجماعة المنحلة ذلك حتى لا تطيح بالكفاءات.. تأخذ
من كل شخصية ما تريده ويكشف لها أسرار ما كان يقوم به ثم تتخلص منه، وهو ما تجسد
فى وزارات كثيرة ومؤسسات.. ثم وضعت الجماعة المنحلة استراتيجيات خاصة بكل وحدة،
منها دور مؤسسة الرئاسة ودور الحكومة والمحافظين والجماعة والحزب.. على أن يتطلب
ذلك تكوين فريق عمل مركزى يقوم بإعداد خريطة معلوماتية بالمؤسسات أو الوزارات أو
الهيئات ذات الأولوية وتشكيل فريق عمل لكل مؤسسة أو هيئة أو وزارة، وكل فريق يقوم
بإعداد خطة للتعامل مع الدولة العميقة فى الجهة من حيث تحالفاتها وتشكيلها ومراكز
قوتها وعناصرها وتصنيفهم بين من يجب التخلص منه أو مراجعته.
فيما يخص الرئاسة يجب اتخاذ إجراءات كثيرة منها عمل خريطة
الدولة العميقة داخلياً وخارجياً وإعادة ترتيب هيكلة المؤسسات، موضحاً فيه المهام
والمسئوليات والمتابعة عليها بما يحقق الشفافية، ثم إعادة تحديد مهام الأجهزة
الرقابية والأمنية بشكل دقيق وعلنى ومتناسق بما يمنع وجود أى أجهزة تعمل بدون
تنسيق أو خارج السيطرة، ثم جذب بعض الأفراد منهم داخل منظومة الدولة.. أيضاً اختراق
الدولة العميقة من خلال عيون أمينة لمؤسسة الرئاسة والمواجهة القانونية للفساد وفق
استراتيجيات منها إعادة محاكمة قتلة الثوار والتخلص من رؤوس النظام السابق فى
الوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية وقطاع الأعمال وسرعة إعادة هيكلة وظيفة جهاز
الأمن الوطنى والتخلص من اللواءات ومن على شاكلتهم فى كل مؤسسات الدولة مع عدم
التمديد لهم ويفضل استبدالهم بالأنسب، وأخيراً تشكيل مجلس قومى لمكافحة الفساد.
أما الإجراءات الخاصة بحزب الحرية والعدالة - الذراع السياسية
للجماعة المنحلة - فكانت مهمته عمل خريطة للقوى والرموز السياسية وتصنيفهم على
أساس ارتباطهم بالدولة العميقة وتحديد درجة التعامل معهم «عدم تعامل/تنسيق/تحالف»،
وعمل خريطة لرموز الدولة العميقة بالوزارات وتصنيفهم أيضاً وتحديد درجة التعامل
معهم، والتنسيق مع مؤسسات الجماعة فى إعداد وتأهيل البدائل وتكوين رأى عام للضغط
على الدولة العميقة ودعم متخذ القرار وبناء تحالفات سياسية واسعة على أساس قضايا
محددة هى محل إجماع وطنى مثل إعادة هيكلة وزارة الداخلية وإخراج القيادات العسكرية
كاملة من السياسة وإخضاع المؤسسة العسكرية للسيادة المدنية الديمقراطية وإعادة
النظر فى التشريعات التى تسمح بالفساد والاستثناءات وتسييس الأحكام والقضاء وتفكيك
غابة القوانين واستبدالها بقوانين أكثر وضوحاً وحسماً وشفافية من خلال الجهات
الشرعية.
من إجراءات الحزب إلى إجراءات الحكومة، وعليه يجب كشف وتفكيك
العلاقة بين أجهزة الأمن وبين العصابات والبلطجية وعالم الجريمة من مخدرات وتهريب
وغيرها، حيث من المتوقع أن تكون هذه العلاقة عميقة نظراً لنمط إدارة الفساد الذى
تميزت به سياسات الأمن فى مصر.. أيضاً قطع خطوط الإمداد بين المنظمات والدول
الخارجية والدولة العميقة - إشارة إلى التضامن والتعاون الدولى- ومراجعة
الاستثمارات الخارجية ومراجعة المسئولين عن الاتفاقيات الدولية.
فى إجراءات الحكومة ركزت الجماعة المنحلة على ما تم التجاوز فيه
مثل تخصيص الأراضى وخصخصة المصانع والاستيراد والتصدير وغيرها والتسهيلات البنكية
ومراجعة الموقف القانونى لها وصياغة سياسة جديدة للتوزيع والتخصيص العادل لممتلكات
الدولة.. أيضاً التخلص من رجال أمن الدولة السابقين وإخراجهم من الشرطة وفتح
ملفاتهم القديمة.. وتصميم نموذج يحفظ الإعلام العام من الحياد عن المهنية ومن
الفساد من جهة أخرى، واعتماد قوانين استقلال المؤسسات الدينية التى تجعل الاستقلال
للأزهر المؤسسة لا لشيخ الأزهر، وتعيد تشكيل هيئة كبار العلماء وهيئات علماء
المذاهب وشهادة العالمية على النحو الذى عرفه الأزهر حتى سنة 1856، وكذلك إعادة
النظر فى القوانين والهياكل والآليات الحاكمة لعمل الكنيسة بما يضمن قصر دورها على
التوجيه والإرشاد الروحى مع جعل الأقباط مواطنين يتبعون الدولة لا الكنيسة.
أما دور الجماعة المنحلة فى التعامل مع الدولة العميقة فهو
إعداد خريطة معلوماتية للهياكل الإدارية والجهاز التنفيذى من المحافظة إلى الوحدات
المحلية ومن المديريات إلى الوحدات ثم خريطة معلوماتية أخرى تتضمن حصر وتجهيز
وإعداد البدائل من أهل الكفاءة والصلاح.. ثم حصر وتصنيف رجال الأعمال وأعضاء مجالس
الشعب والشورى والمحليات والتعامل سياسياً ومجتمعياً مع العناصر القابلة للصلاح،
وفضح العناصر التى تصر على الفساد وإقصاؤهم شعبياً، أيضاً زيادة الوعى الشعبى
لمحاصرة الفساد والمفسدين من خلال نشر القيم فى المسارات المختلفة «المسجد،
والمدرسة، والنقابات، والأندية»، وتفعيل الرقابة الشعبية والمجتمعية فى الضغط على
الفاسدين، وأخيراً توفير شبكات بديلة يمكن من خلالها تعويض القصور الذى سيظهر فى
المؤسسات الخدمية مع مقاومتها التغيير.
بالتأكيد تسعى الجماعة المنحلة إلى وضع رجالها على رأس كل
مؤسسات الدولة، ولكن أكثر ما يؤرقها كيفية السيطرة على الأجهزة الأمنية؟!.. فهى
الأجهزة التى كانت تراقبها وترصد أنشطتها وتحركاتها وبينها وبين رجالها ثأر لا بد
من أخذه.. الجماعة المنحلة هى من تحكم الآن.. هى من تشير بفتح الملفات والتفتيش فى
ذمم كل من ترى أنه أوجعها فى يوم من الأيام.. بل إن أوراق الجماعة المنحلة تحمل من
الآن اتهامات خطيرة لرجال الأمن بالإشارة إلى علاقتهم بالعصابات والبلطجية، وقدمت
نموذجاً للعاملين بجهاز الأمن الوطنى بدمياط.. جاء فى النموذج أن عدد العاملين
بالجهاز يبلغ 85 فرداً: 8 ضباط و61 أمين شرطة و14 جندياً وعريفاً ومساعد شرطة سائق
على المعاش يعمل طوارئ ومساعد شرطة موظف شئون إدارية على المعاش ويعمل طوارئ
أيضاً، بإجمالى رواتب تصل إلى 150 ألف جنيه تقريباً، وهناك ميزانية سرية للصرف
منها على المصادر.. ثم جرى كتابة تقرير بأسماء العاملين بجهاز الأمن الوطنى بدمياط
ومعلومات عن كل واحد منهم.. سأشير إليه بالأحرف الأولى، اولهم مدير الفرع «س.م.س»
أما وكيل الفرع فهو «م.ف.ا» مقدم من كفر سليمان وكان مسئول نشاط الإخوان
بالدقهلية.. الرائد «ع.ا.م» مسئول نشاط الأحزاب وهو من بورسعيد ويعمل بدمياط من
قبل الثورة وكان مسئول نشاط الأحزاب قبل الثورة وهو متهم فى قضية حرق المستندات..
الرائد «ى.ا.ا» مسئول النشاط العربى والأجنبى ويتابع الأحزاب أيضاً.. الرائد
«ا.ف.ا» رئيس مجموعة النشاط السلفى والطائفى والجماعات كلها ما عدا الإخوان وهو
على حد وصفهم له ضابط نشيط جداً فى أداء عمله ضد التيار الإسلامى.. النقيب «خ.م.ع»
مسئول نشاط الإخوان بدمياط وكان قبلها مسئولاً عن أمن وزارة الداخلية بالدقهلية
وهو على حد وصفهم شخصية سيئة جداً.. والرائد «ع.ا» مسئول مكتب الميناء وهو من
الإسكندرية.. والنقيب «ف.ا» مسئول النشاط الدينى «سلفى، أوقاف» كان يعمل بمكتب
الزرقا وهو على حد وصفهم له شخصية سيئة جداً وسرق التكييف من مكتب الزرقا قبل
مغادرته له قبل الثورة.
لم تفوت الجماعة المنحلة أسماء من كانوا يعملون من قبل فى جهاز
الأمن الوطنى وأعدت ورقة بأسمائهم ربما تمهيداً لمحاسبتهم، أيضاً سأشير للأسماء
بالأحرف الأولى وهى «ع.ا» الذى تولى منصب مدير أمن إحدى المحافظات الجنوبية ووصفته
بأنه معروف بسمعته السيئة جداً.. «ح.ف.ا» وكيل إدارة بإحدى محافظات الوجه البحرى
وكان مسئول نشاط الإخوان بدمياط وما زال على اتصال وثيق بالأمن الوطنى بدمياط لعلمه
بتفاصيل العمل ولاتصاله بالمصادر السرية التى كان يتعامل معها قبل الثورة ووصفته
بأنه شخص شديد السوء.. «م.ج.ع» انتقل للعمل بالقضاء العسكرى وعلى علاقة قوية بـ«ح.
ع» مرتشى وكان يدفع لكى يتم ترقيته.. «و.ع» ضابط اتصال بمديرية الأمن وهو من
المتهمين فى قضية حرق المستندات وعمل جاهداً لكى يعود للعمل بالجهاز مرة أخرى..
«ا.م.ا» يعمل بالميناء السياحى ببورسعيد وكان مسئول مكتب الميناء بدمياط ووكيل
الفرع قبل الثورة.. «ط.ا» يعمل بأمن الموانئ وجرى وصفه بأنه شخص سيئ جداً وقد ترك
الجهاز.
يبدو من هذه الأوراق أن الجماعة المنحلة لن تترك هؤلاء فى
حالهم.. يبدو من وصفها لهم بأنهم أشخاص سيئون وأنهم بيتوا النية لتصفيتهم.. لا
لشىء سوى أنهم كانوا يرصدون أنشطتهم غير القانونية، والآن تبدل الحال وأصبحوا هم
من يراقبون ويرصدون ويتحكمون فى المصائر.
ما جاء فى هذه الوثائق عملت الجماعة على تنفيذه على أرض
الواقع.. تخلصت ممن لا ينتمون إليها، والأمثلة كثيرة، منها التخلص من إبراهيم محلب
رئيس شركة المقاولون العرب والتخلص من صفوت النحاس رئيس جهاز التنظيم والإدارة
والتخلص من محمد التهامى رئيس الرقابة الإدارية، والإطاحة بمراد موافى من جهاز
المخابرات، وقبلهم جميعاً تخلصت من رؤساء تحرير الصحف القومية ووضعت بدلاً منهم من
ينتمون إليها أو يسبّحون بحمدها.. ثم كان الهدف الأسمى التخلص من النائب العام
عبدالمجيد محمود.. ثم تخلصت من رؤساء الأحياء ووضعت رجالها بدلاً منهم، فعلت هذا
لأنها تعرف أن المحليات هى كل شىء.. المحليات هى بوابة الرضا على النظام.. قبل
الإطاحة برؤساء الأحياء كانوا قد أمهلوهم فترة قصيرة جداً كفرصة لحل مشكلات
الجماهير وجرى التنبيه عليهم أنهم إذا ما فشلوا فسوف يتم استبدالهم.. منحوهم هذه
المهلة القصيرة وهم على يقين أنها مهلة لا تكفى لحل مشكلات حى واحد فقط لا غير..
فالفساد فى المحليات كان ضارباً فى العمق.. لكنهم يريدون التخلص من رؤساء الأحياء
لوضع رجالهم.. وفعلوها ومكنوا أبناء التنظيم من الكراسى ثم منحوا أبناء الجماعة
والخارجين من رحمها مزايا لا حصر لها، واستغلوا الأحياء عندما خرجت الغالبية من
المصريين عليها.. استغلوا بلطجية منحوهم تراخيص أكشاك فى مهاجمة المتظاهرين العزل،
واستغلوا أوتوبيسات الأحياء فى نقل هؤلاء البلطجية ومعهم أبناء الجماعة.
جرى تمكين أبناء الجماعة والخارجين من
رحمها.. 8 أشخاص فى مؤسسة الرئاسة وما يقرب من 70 شخصاً فى جميع الوزارات ومستشارى
الوزارات و5 محافظين إخوان و5 نواب للمحافظين و13 مستشاراً لهم و12 رئيس حى، حدث
هذا فقط فى أول 7 شهور من عمر الجماعة فى سنة الحكم الكبيسة.. فى هذه الفترة كانت
تخرج علينا قيادات الجماعة لتقول إنها لم تتمكن من الحكم فى ظل الدولة العميقة..
تقول ذلك حتى لا يحاسبها أحد.. حتى تتهرب من مطالب الجماهير ومن وعودهم بنهضة
كبيرة تحمل الخير لمصر.. كل ما وعدوا به المصريين لم يتم تنفيذه، والسبب كما
يقولون «الدولة العميقة» من ناحية ومن ناحية أخرى أن هناك دولاً عربية تضخ أموالها
حتى لا تستقر البلاد.. وضعت الجماعة رجالها فى كل مؤسسات الدولة الحيوية وفرضت
رجالها على كل الصحف والمجلات وحتى ماسبيرو والقنوات الخاصة وأسست إعلامها الخاص
من جرائد وقناة وغيرها ثم تبكى على عدم قدرتها على إنجاز ما وعدت به.. كانت تريد
اختطاف الأزهر والكنيسة.. وثائقها كاشفة لها «اعتماد قوانين استقلال المؤسسات
الدينية التى تجعل الاستقلال للأزهر المؤسسة لا لشيخ الأزهر، وتعيد تشكيل هيئة
كبار العلماء وهيئات علماء المذاهب وشهادة العالمية على النحو الذى عرفه الأزهر
حتى سنة 1856، وكذلك إعادة النظر فى القوانين والهياكل والآليات الحاكمة لعمل
الكنيسة بما يضمن قصر دورها على التوجيه والإرشاد الروحى مع جعل الأقباط مواطنين
يتبعون الدولة لا الكنيسة».. وفشلت الجماعة فى اختطاف الأزهر وترهيب الكنيسة..
أرادت فرض سيطرتها على الشباب من خلال النقابات والأندية والمسجد والمدرسة والأهم
مراكز الشباب، فقد فتحت العضويات أمام أبناء الجماعة والخارجين من رحمها بعد أن
كان الأمر محظوراً.. طوروا مراكز الشباب وتأجير الملاعب بأسعار رمزية بهدف تجنيدهم
وبطرق غير مباشرة بزعم «زيادة الوعى الشعبى لمحاربة الفساد والمفسدين».. حتى رجال
الأعمال لم يسلموا من الجماعة ولا من ألاعيبها «حصر وتصنيف رجال أعمال وأعضاء
مجلسى الشعب والشورى والمحليات».. لم يسلموا وجرى ابتزاز عدد كبير منهم.. عدد منهم
رضخ والآخر لم يرفع الراية بل وأغلق مصانعه قبل أن يغلقوها، وخرجوا يستثمرون فى
دول عربية فى مقدمتها الإمارات.. فعلوا ذلك لأن الجماعة كانت تريد أموالهم خدمة
للتنظيم، لكنهم يبتزونهم بزعم أنهم استولوا على خيرات هذا البلد ونهبوا أراضيه..
وضعوا كل رجال الأعمال فى سلة واحدة.. لا فرق بين من نهب ومن كوّن ثروته بطرق
قانونية.. لا فرق بين من سرق ومن لم يسرق.. لقد أرادت الجماعة أن تضرب ما سمّته
«الدولة العميقة»، فإذا بها تطلق على نفسها النار.. لأنها كانت فى حقيقة الأمر
تريد اختطاف الدولة لصالحها!