السبت 15 يونيو 2024

صور من مكتبة الأوبرا الموسيقية

فن25-10-2020 | 10:49

دعاء كامل

يوجد العديد من المراكز الثقافية تحت مظلة دار الأوپرا، أو كما سميت عند تأسيسها (الهيئة العامة للمركز الثقافي القومي)، والتي تم إنشاؤها بدلاً من دار الأوپرا الخديوية في عهد الخديو إسماعيل واحترقت في ٢٨ أكتوبر ١٩٧١م بعد أن ظلت منارة  ثقافية لأكثر من مائة عام.

وفي هذا المقال سنتحدث عن مكتبة الأوپرا الموسيقية، التي تم افتتاحها مع بداية تدشين دار الأوپرا المصرية في العاشر من أكتوبر عام ١٩٨٨م، كانت النواة لتلك المكتبة الضخمة مهداةً من الدكتور حسين فوزي، وهو علمٌ من أعلام التنوير ورواد النهضة في مصر في القرن العشرين، وكانت له اهتمامات بالموسيقى والأدب والفنون الرفيعة، وله العديد من المقالات والكتب في أدب الرحلات، وساهم في إنشاء البرنامج الثاني (الثقافي حالياً).  وأيضاً ساهم في نشر التذوق الموسيقي، من خلال برنامجه المشهور الأسبوعي، المذاع عبر الإذاعة المصرية.

وتم تزويد المكتبة بعد ذلك من مكتبات بعض المهتمين بجمع كل ما يخص الفنون الرفيعة والتراث الثقافي ومنهم الفنان حسن كامي وأيضاً صالح عبدون أخر مدير لدار الأوپرا المصرية القديمة (الخديوية) والذي نجح  في حفظ بعض المخطوطات الأثرية النادرة مثل كتاب المراسلات، بين الخديو إسماعيل والموسيقار العالمي ڤيردي حول أوپرا عايدة في افتتاح ترعة السويس (هكذا كانت اسم القناة وقتئذ في عام ١٨٦٩م ومن المعروف أن لعدم انتهاء فيردي بعد من تأليفه للأوبرا وأيضا عدم جاهزية الملابس تم التأجيل وعرضت لأول مرة أوبرا عايدة في القاهرة عام ١٨٧١م) ، وأيضا من المقتنيات توجد بالمكتبة نسخة من المدونة الموسيقية لأوپرا عايدة لفيردي ، بجانب العديد من الإهداءات القيمة من العلماء والمفكرين المصرين من مكتباتهم الخاصة لمكتبة دار الأوپرا المصرية.

وتضم مكتبة الأوپرا تراثاً ضخماً من الفنون المختلفة في الأوپرا والباليه والفن التشكيلي والعلوم الموسيقية العالمية والعربية، والمقتنيات الثقافية، والتي تمثل إرثاً فنيا ضخماً، والذي يعبِّر عن عظمة التاريخ والثقافة المصرية.

تنقسم المكتبة الموسيقية  إلى أربعة أقسام وبها قاعات ملحقة على النحو التالي:

 - (قاعة الإطلاع ) وتضم العديد من الكتب العربية والأجنبية بلغات مختلفة في مجالات الفنون الرفيعة كافة، من الأدب والمسرح والشعر والسينما والباليه والفن التشكيلي، بجانب الموسيقى بنوعيها وهذا القسم يخدم ويفيد كل من يريد الإطلاع على كل ما يخص الفنون وهذا القسم متاح  للجمهور والفنيين ومهندسي الديكور والمخرجين العاملين بدار الأوپرا المصرية والذين يريدون الاطلاع على الأعمال والديكورات قبل تنفيذ العروض. وتقدم المكتبة خدماتها للمتخصصين والباحثين في تلك العلوم والفنون.

 - (قاعة الفيديو) و (قاعة الاستماع ) وهما مخصصتان لتوثيق ما يدور على مسارح دار الأوپرا جميعها من عروض فنية. وهذا التوثيق بالصوت والصورة (أوديو وفيديو) أو صوت فقط (أوديو). ويتم الاحتفاظ بهذا التراث طبقا للمعايير الفنية العالمية من فهرسة وتصنيف لحفظ التراث الذي ينتجه هذا الصرح العظيم من فنون راقية.

- (قاعة تحقيق تراث الموسيقى العربية) وهذا القسم يهتم بجمع قوالب الغناء العربي؛ مثل الدور والموشح والطقطوقة والقصيدة والديالوج، وعددها حوالي ٢٥٠٠٠ ، منذ تم التسجيل عام ١٩٠٤م

 كانت التسجيلات في البداية على أسطوانات، ثم حُفظت على شرائط الكاسيت، وبعد ظهور التقنية الرقمية بدأ تحويل بعضها إلى التقنية الرقمية لحفظها.

 ويوجد في هذه القاعة المدونات الموسيقية النادرة الخاصة بفرقة المايسترو عبد الحليم نويرة، بخط يده، والكثير من المدونات الموسيقية لمعظم الأعمال العربية في تراثنا الموسيقي وتقريبا عددهم حوالي ٣٦٠٠٠ نوتة موسيقية، تم تحويلها وحفظها من النسخ الخطية الورقية إلى الديچيتال.

ويوجد قسم خاص بالمدونات الموسيقية العالمية لكبار المؤلفين العالميين من أنحاء العالم ، مثل بيتهوفن وموتسارت وباخ وفيردي وتشايكوفسكي وريمسكي كورساكوف وبيزيه وغيرهم من أعلام الموسيقى العالمية، والعديد من القوالب والأعمال مثل السيمفونيات والمتتاليات والافتتاحيات والقصيد السيمفوني والرقصات والسوناتات.

كذلك هناك مقتنيات أثرية كأجهزة الاستماع وتشغيل الأسطوانات والأشرطة، ومنها أسطوانات الجرامافون الحجرية بسرعتها ٧٨ لفة ، وأسطوانات بسرعتي ( ٣٣ ،٤٥ لفة) وأيضا الشرائط الكاسيت بأنواعها كافة، وأيضا الأسطوانات الرقمية (السي دي). وشرائط الفيديو أيضاً على حسب ظهور تقنيتها فمنها الربع بوصة واليوماتيك وشرائط الفيديو والبيتاكام والديچيتال.

  وتم تحويل جزء صغير من هذا الكم الهائل من التراث إلى النظام الرقمي، والخطة أن يتم تحويل المكتبة بالكامل في المستقبل لمكتبة رقمية عالمية فيحب وضع نظام ضخم وتوفير الإمكانيات وتضافر الجهود للدعم المالي لتحويلها بالكامل لمكتبة رقمية مصرية عالمية مثل مكتبات رقمية عالمية بالعديد من دول العالم ، للحفاظ على هذا التراث القيم من التلف بفعل مرور الزمن.

وكم أتمنى وأنادي بتوحيد جهود كل منابر الثقافة المصرية وجمع شمل كل ما هو بمكتبات دار الأوبرا ومكتبات الهيئة الوطنية للإعلام ومكتبات المعاهد الموسيقية بأكاديمية الفنون وكل جهة لديها جزء من تراثنا الثقافي ، لحفظه وتحويله لتقنيات هذا العصر الرقمي ومن ثم تجديد الوعي الفني الثقافي وإتاحته من خلال موقع خاص بوزارة الثقافة  وليكن تحت مسمى (ذاكرة مصر التراثية).