المرحوم محمود ياسين فنان غزير الإنتاج. وهو جزء من جيل من الممثلين قدم للفن المصري ما لم يقدمه أى جيل آخر. من أبناء جيله: نور الشريف، ومحمود عبد العزيز، وفاروق الفيشاوي – يرحمهم الله رحمة واسعة – ومعنا الآن من أبناء الجيل: حسين فهمي ، وعزت العلايلى، ونجلاء فتحي – أمد الله في أعمارهم طويلاً - ترك لنا محمود ياسين ٢٠ عملاً مسرحياً، و١٥٠ فيلماً سينمائياً، وعدداً كبيراً من المسلسلات.
هو من أبناء بور سعيد، ولد في٢/ ٦ / ١٩٤١درس القانون وقدم أعمالاً مهمة على خشبة المسرح القومي قبل تخرجه من الجامعة بعام. أى أنه كان يمثل من شدة حبه للتمثيل وهو طالب جامعي . من المسرحيات التي شارك في بطولتها: ليلى والمجنون، المسرحية الشعرية التي كتبها صلاح عبد الصبور، الزير سالم، أهلاً يا بكوات مسرحية لينين الرملي الشهيرة.
له تاريخ طويل من الأعمال الفنية في السينما والمسرح والتليفزيون والإذاعة. ولتميزه بصوت رخيم وأداء مميز في اللغة العربية؛ تولى التعليق والرواية في المناسبات الوطنية والرسمية، كما أدى أدوارًا قوية في المسلسلات الدينية والتاريخية. محمود ياسين متزوج من الفنانة الممثلة المعروفة: شهيرة، وأنجبا الممثل عمرو محمود ياسين، الذي يكتب الآن الدراما التليفزيونية بنجاح. والممثلة رانيا محمود ياسين والتي تزوجت الفنان المصري محمد رياض. كان والد محمود ياسين موظفا في هيئة قناة السويس، وكانوا يعيشون في فيللا ملك لشركة القناة.
شارك في بدايته السينمائية في أفلام كبيرة. أصبحت جزءاً من تراث وتاريخ السينما المصرية. في البدايات الأولى أدواره كانت صغيرة ومحدودة. شارك في فيلم: شيء من الخوف المأخوذ عن رواية ثروت أباظة، القضية ٦٨ التي كتب النص المسرحي لها لطفي الخولى، ونحن لا نزرع الشوك. ثم بعد ذلك حتى وهو نجم كبير قبل دوراً صغيراً في فيلم: الجزيرة. ومثل أمامه الفنان أحمد السقا في بداياته. وكان محمود ياسين في قمة عطائه الفني في دوره الصغير في هذا الفيلم.
كما أنه قام ببطولة أربعة أفلام عن حرب السادس من أكتوبر العظيمة: الوفاء العظيم، أغنية على الممر، بدور، الرصاصة لا تزال في جيبى. وآخر عمل قام به قبل مرضه فى ١٤ أكتوبر الماضى كان سفيراً للنوايا الحسنة لمكافحة الفقر والجوع.
ورغم جديته الشديدة وارتباطه بأدوار كثيرة جادة. إلا أن له بعض الأعمال الكوميدية. مثل: سونيا والمجنون، المأخوذ عن رواية الجريمة والعقاب للروائي الروسي فيدور ديستويفسكى، وفيلم: مرسي فوق مرسي تحت، وفيلم: انتبهوا أيها السادة.
كان من المفروض أن يقوم ببطولة فيلم: الاختيار . حيث وقع اختيار المخرج يوسف شاهين عليه، وعقد جلسات كثيرة مع يوسف شاهين. لكنه كان قد ارتبط من قبل بفيلم: نحن لا نزرع الشوك. فاعتذر محمود ياسين عن الدور. وجاء الفنان عزت العلايلي ليقوم به بدلاً من محمود ياسين.
سافرت معه إلى سيناء. ضمن مهرجان أقامته مؤسسة سفراء الأصالة للتنمية الثقافية والفنون في سنة ٢٠١٤، وهو المهرجان الذي أسسه الدكتور دسوقي سعيد، وكانت معنا الفنانة إلهام شاهين. وخلال أيام المؤتمر ورحلة العودة للقاهرة اكتشفت فيه فناناً حريصاً على ثقافته التي ارتقت بوعيه وإدراكه وفهمه للأمور. وقدرته على القرب من الناس العاديين والإحساس بالألفة بينهم.
وكنت قد رأيته في بداياته الأولى في منزل المرحوم محمود أمين العالم. عندما تولى رئاسة مؤسسة المسرح التي أصبحت هيئة المسرح والموسيقى فيما بعد. وكان محمود ياسين ممثلاً في المسرح القومي الذي ارتبط به وظل مرتبطاً به حتى دهمه المرض اللعين.
يرحم الله محمود ياسين رحمة واسعة. لقد كان فناناً كبيراً موهوباً صاحب صوت عميق يستقر في الوجدان. وصاحب رسالة في كل ما قام به من أعمال فنية.