الأحد 24 نوفمبر 2024

فن

كُتاب ومثقفون: طه حسين قدّم رؤية شاملة للثقافة والتعليم فى مصر

  • 28-10-2020 | 15:25

طباعة

يعد الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربي، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 28 أكتوبر من عام 1973، تاركًا خلفة إرثًا كبيرًا من الأعمال الأدبية والإسهامات الثقافية والتعليمة التي أثرت في المستوى الثقافي والتعليمي في مصر، خاصة كتابه "مستقبل الثقافة في مصر" الذي طرح فيه أفكارًا وحلولًا ورؤى من شأنها تغيير المجتمع المصري للأفضل.


استطلعت الهلال اليوم آراء عدد من الكُتاب والنُقاد والمثقفين، لمعرفة آرائهم حول هذا الكتاب وما يمثله من قيمة علمية.


ففي البداية قال الدكتور جابر عصفور: "طه حسين لو كان معاصرًا لهذا الزمن ورأى ما آل إليه التعليم كان سيغضب كثيرًا فهو كان دائمًا يقول "التعليم كالماء والهواء" وكان يرى أن التعليم حق لكل مواطن وسعى لتحقيق ذلك، أما الآن فالتعليم رسميًا مجاني أما فعليًا فهو غير ذلك تمامًا، فأصبح هناك الكتب الخاصة والدروس الخصوصية والمبالغ التي تطلبها الكليات الحكومية منها والخاصة، كل ذلك جعل منظومة التعليم الآن غير مجانية.


وأوصى "عصفور" بقراءة كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" والعمل بما فيه، قائلًا: "أتمنى أن يهتم جميع المصريين بإعادة قرائته، خاصة مسؤولي الثقافة والتعليم في مصر حتى طلاب المرحلة الجامعية، حتى نحل مشكلات التعليم بمصر ففي الكتاب حلول تتماشي مع العصر الذي نحياه الآن".


ومن جانبها قالت الكاتبة الروائية والناقدة سلوى بكر: "إن  طه حسين ترك خلفه كتابًا هامًا يجب أن يُنظر فيه الآن وهو كتاب" مستقبل الثقافة في مصر" الذي قدم فيه العديد من الأفكار المهمة حول الثقافة، كما قدّم في عصره أفكار كثيرة تتعلق بالتعليم والثقافة وما زالت صالحة إلى الآن للعمل بِها، كما قدم العديد من الإسهامات في الثقافة، والكثير للتعليم؛ حيث كان شديد الاهتمام بِه، وكان يهتم كثيرًا بأن ينال كل مصري حقه في التعليم.


وأضافت بكر: التعليم في مصر يسير من سيئ إلى أسوأ، ولا بد من الرجوع إلى الأساسيات التي تركها لنا طه حسين.


وبدوره قال الدكتور شوكت المصري أستاذ النقد الأدبي الحديث: "طه حسين له دور كبير في الثقافة المصرية، وتحديدًا في كتاباته الفكرية وخاصة كتاب "مستقبل الثقافة في مصر"، والذي يُعد من وجهة نظري هو الكتاب الأهم حيث يوجد فيه الكثير من الحلول المتعلقة بالثقافة والتعليم المصري التي إن كان قد تم الأخذ بها فيما قبل العولمة، لكان مستقبل الثقافة في مصر قد اختلف.


وأضاف "المصري": "الحلول التي كانت مطروحه في هذا الزمن من الممكن أن تكون بلا جدوى في هذا العصر مع تطور التكنولوجي، ولكن لو كان تم الأخذ بها منذ البداية كان مستقبل الثقافة المصرية اختلف كثيرًا عما هو عليه الآن، فربما قد يكون أكثر تطورًا وانفتاحًا، وأكثر تحديدًا للهوية المصرية.


ومن جانبه أكد الدكتور شريف الجيار أستاذ النقد والأدب المقارن بكلية الآداب جامعة بني سويف أن الدكتور طه حسين هو أحد رواد الفكر التنويري والتقدمي المبكر في الزمن المعاصر، حيث إنه استطاع أن يستوعب ويهضم الثقافتين العربية والغربية بتراثهم، وهو ما ظهر في دراستيه في الماجستير والدكتوراه، هذه الدراسات التي منحته رؤيةً منهجيةً جديدة في التعامل مع النصوص الإبداعية، وأيضًا في رؤيته العلمية المنهجية للحياة، وذلك ما اتضح بشكل جلي في نظرية الشك الذي تأثر بها "بتين" و"ماركليوس".


وأوضح الجيار أن طه حسين لم يقف تنويره عند تعامله الحداثي مع المناهج العلمية النقدية أو حتى النصوص الإبداعية، قائلًا: "نجده أيضًا أفاد من هذا الفكر التنويري التقدمي في تناوله العديد من القضايا المهمة في مجتمعنا المصري مثل موقف المجتمع من المرأة، حرية المرأة، تعليم المرأة، فكرة ذكورة المجتمع، ونرى هذا بوضوح في سيرته الروائية "الأيام"، فضلًا عن رواية "دعاء الكروان"، وغيرهما من الكتابات التي قدمها هذا الرائد الإستثنائي في تاريخ الإبداع المصري والعربي".


وأضاف "الجيار":" انعكس تنوير طه حسين في مشروعه المهم وهو كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" في العقد الثالث من القرن العشرين، ذلك الكتاب الذي وضع مبكرًا رؤية إستراتيجية للتعليم المصري، كما وضع أيضًا رؤية لأهمية المعلم، وكانت مقولته الشهيرة "التعليم كالماء والهواء".


مضيفًا: "طه حسين يُجسّد مرحلة مبكرة للخطاب التنويري المصري الذي استكمله مع مجموعة من التنوريين المصريين ومهدوا بشكل أو بآخر لثورة 1919، كما ساهم في تغيير رؤية المجتمع بشكل عام إلى الصعيد المصري وإلى العادات والتقاليد المصرية التي تواجدت في فترة العشرينات والثلاثينات الذي حددت حرية المرأة.


وقال "الجيار": إن ثقافة طه حسين العربية والغربية خاصة الفرنسية تشاركت مع أفكار آخرى جاءت من الثقافة الألمانية والإنجليزية وكنا نجدها عند العقاد وغيره، كل هذا تضامن أو مهد الأرض لحالة من حالات التغير الفكري داخل المجتمع المصري منذ فترة العشرينات والثلاثينات، وكانت آراء طه حسين الإصلاحية التنويرية تمهيدًا لغيره من الكتاب كتوفيق الحكيم، نجيب محفوظ، إحسان عبدالقدوس، يوسف السباعي ويوسف إدريس، وأيضًا الجيل الثاني لهم وهو الجيل الستيني مثل جمال الغيطاني، يوسف القعيد وغيرهم، كل هذا التسلسل رجع إلى جيل طه حسين الذي أراد أن يطرح رؤى تنويرية تقدمية.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة