الخميس 23 مايو 2024

تعرف على طرق تمويل حركة الشباب الصومالية

تحقيقات29-10-2020 | 10:10

ظهرت حركة الشباب الصومالية كتهديد إقليمي يتلقى تمويلا بملايين الدولارات من أنشطة متعددة, بدءا من الابتزاز وحتى فرض ضرائب على صادرات الفحم.


ولأن المال مهم لحركة الشباب التي تهدف إلى فرض تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية, فقدرتها على تجنيد مقاتلين في الصومال أحد أفقر دول العالم تعتمد كثيرا على قدرتها على دفع أموال لهم. 


وقدر تقرير لمراقبين تابعين للأمم المتحدة في يوليو الماضي أن حركة الشباب جنت أكثر من 25 مليون دولار في العام الحالي من تصدير الفحم بشكل غير قانوني, ومن فرض ضرائب على شاحنات نقل الفحم إلى مدينتي كيسمايو وباراوي الساحليتين في الصومال. ومن مصادر التمويل الأخرى فرض ضرائب بشكل غير رسمي على شركات صغيرة في مناطق تسيطر عليها الحركة, وتبرعات الصوماليين في الخارج, لكن دبلوماسيين يقولون إن هذه التحويلات تتقلص بسبب استياء عام بين الصوماليين الذين يعيشون في الشتات من الحركة التي تلجأ للعنف.


وقال مصدر أمني بالعاصمة مقديشو، إن حركة الشباب خبيرة في الحصول على الأموال من ابتزاز الشركات التجارية الصغيرة وتأسيس شركات تكون واجهة لها تحول دخلها إلى الحركة, وإن تلك الشركات هي مصدر معلومات لها. 


وأضاف المصدر: «إنها المحلات الصغيرة التي تقصدها لتصليح سيارتك أو شحن هاتفك المحمول. إنه عدد ضخم من المحلات الصغيرة التي تساعدهم أيضا في المراقبة». 


وأضاف: «لا حاجة إلى استعمال القوة الباطشة بشكل يومي لأن الجميع يعرف أن عواقب عدم الالتزام وخيمة» مشيراً إلى بتر الأطراف أو الإعدام.

ومن المصادر الإضافية المحتملة للدخل الإسلاميون المتشددون في الخارج, ويقول مراقبون للعقوبات في الأمم المتحدة إن دولة إريتريا المجاورة تمد الحركة بالأموال أيضا. وقال المراقبون إن إريتريا تساهم في زعزعة الاستقرار بالصومال عن طريق دفع أموال لعملاء سياسيين وتمويل أحد قادة الميليشيات الذين تربطهم صلات بحركة الشباب. وتنفي حكومة إريتريا -التي يتهمها منتقدون بالسعي لاستخدام الأراضي الصومالية في تقويض إثيوبيا- التدخل في شؤون الصومال, وتقول إنها لا علاقة لها بقتال الشباب للحكومة الصومالية.


وأطلقت حركة الشباب حملة تمرد عام 2007 وانضمت رسميا إلى تنظيم القاعدة عام 2012. وما زالت هي أقوى جماعة مسلحة غير حكومية في الصومال رغم طرد قوة تابعة للاتحاد الإفريقي لقوات الحركة من العاصمة مقديشو في 2011. والقوة الاقتصادية لحركة الشباب مهمة لعملياتها حتى تستطيع دفع راتب شهري يتراوح في العادة بين 100 و300 دولار لمقاتليها الذين يقدر عددهم بالآلاف. ويقول باحثون إن مسألة الراتب هي من الحوافز الأساسية للانضمام إلى الحركة, وتعتبر أهم من هدف الشباب المعلن, وهو فرض الشريعة الإسلامية. 


ومن المفارقات أن دخل حركة الشباب ربما استفاد من تحسن حالة الاقتصاد الصومالي بعد استعادة النظام جزئيا في مقديشو خلال العامين الماضيين, إلى جانب زيادة الاستثمار وسط آمال بإنهاء أعوام من الحروب.

الشتات يمول فلول الشباب 


منذ انهيار الدولة الصومالية في 1991 فر أكثر من مليون صومالي إلى كينيا أو عبروا منها إلى أماكن أخرى, وكثير منهم يديرون أعمالا واستثمارات عقارية في تلك الدول. وقال كين منكهاوس, وهو باحث أميركي كبير في شؤون حركة الشباب إن الشركات الصومالية في نيروبي قد تشعر الآن بأنها مضطرة لاتخاذ خطوات من تلقاء نفسها ضد حركة الشباب, خوفا من أن تشن الحكومة الكينية -التي ترغب في إظهار أنها تفعل شيئا- حملة ضد الشركات الصومالية.


 وقال محمد ادن حسن, وهو باحث في كلية جولدسميث في لندن ويدرس الشتات الصومالي إنه يعتقد أن تمويل حركة الشباب القادم من الشتات جف في السنوات الأخيرة, لكن لا تزال توجد جيوب من التعاطفين «هنا وهناك».


ومنذ يومين سلّط معهد متخصص في الشؤون الأمنية المزيد من الضوء على ميزانيات حركة الشباب الإرهابية، وعلى طرق جنيها للأموال.


وأشار تقرير صدر عن معهد "هيرال" إلى أنّ حركة الشباب المتشددة في الصومال، التي تقاتل الحكومة الشرعية منذ أكثر من عقد، تجمع أموالاً تضاهي ما تجنيه السلطات الرسمية، وذلك باستخدام التخويف والعنف، لافتاً إلى أنّ المسلحين يجمعون ما لا يقلّ عن 15 مليون دولار في الشهر، ويأتي أكثر من نصف المبلغ من العاصمة مقديشو، وفق ما أوردت شبكة "بي بي سي".


وحسب التقرير تقوم بعض الشركات بدفع الأموال لكل من حركة الشباب والحكومة المعترف بها دولياً على حدّ سواء؛ وتسيطر الحركة على جزء كبير من جنوب ووسط الصومال وتمكنت من بسط نفوذها ايضاً في مناطق تسيطر عليها الحكومة المتمركزة في مقديشو.


وورد في التقرير أنّ “الخوف والتهديد الحقيقي لحياتهم هو الدافع الوحيد الذي يجعل الناس يدفعون أموال لحركة الشباب” ؛ وفقاً لمعهد هيرال على عكس الحكومة الصومالية فإنّ حركة الشباب “تدر فائضاً مالياً كبيراً” حيث يزداد مقدار الاموال التي تجمعها سنوياً؛ بينما تظل تكاليفها التشغيلية ثابتة إلى حدّ ما؛ ويقول التقرير الذي يستند الى مقابلات مع أعضاء من حركة الشباب الصومالية ورجال اعمال ومسؤولين حكوميين انّ جميع الشركات الكبرى في الصومال تقدم للجهاديين اموالاً سواء على شكل مدفوعات شهرية أو “زكاة” سنوية بنسبة 2.5٪ من الأرباح السنوية.


ويشتكي رجال الأعمال في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة من انّهم ملزمون بدفع أموال لكل من الحركة والحكومة؛ ويشمل ذلك رجال اعمال في مقديشو حيث تتمركز الحكومة وفي مدينتي بوصاصو وجوهر وبدرجة أقل في كل من كيسمايو وبيداوا وجميعها مناطق تقع رسمياً خارج سيطرة حركة الشباب ؛ ويمثل الميناء البحري في مقديشو مصدرا رئيسيا لإيرادات الحكومة الصومالية.


ومع ذلك فإنّ الحركة تفرض ضرائب على الواردات ويحصلون على بيانات سفن الشحن من مسؤولين بالميناء طبقاً للتقرير ؛ ويقول معهد هيرال انّ العديد من موظفي الحكومة يقدمون جزءا من رواتبهم لحركة الشباب على أمل أن يتركهم التنظيم وشأنهم رغم اعتبارهم أهدافاً مشروعة؛ كما يشرح موظفوا الدولة وغيرهم من العاملين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة كيفية اتصال المتمردين بهم عبر الهاتف المحمول للمطالبة بالمال.