كشف أحمد على عطية الله المؤرخ العسكري، رئيس جمعية "أصدقاء المحارب" في تصريحات خاصة لبوابة "الهلال اليوم" بمناسبة الاحتفال بذكري تحرير سيناء، عن أن لدينا آلاف من قصص الأبطال الذين ضحوا بالروح والدم، وأجزاء كثيرة من أجسادهم من أجل استعادة كل شبر من تراب هذا الوطن دون النظر إلى لونهم أو دينهم.
واستدل المؤرخ العسكري، على أن وحدة الجيش ومن قبله الشعب المصري بأحد المعارك الحربية التي خاضها جنودنا دفاعا عن وطنهم، مشيرا إلى أن موقعة الجزيرة الخضراء هي أحد الدلائل على ذلك، مضيفا أن الجزيرة الخضراء بقعة مصرية تقع وسط خليج السويس بينها وبين الطرف الجنوبي لقناه السويس حوالي 2500، ولذلك تعتبر موقع استراتيجي جدا ليس له مثيل في العالم لأنها تتحكم في مجرى الملاحة للبحر الأحمر كله، وأيضا تتحكم في ملاحة قناة السويس، كما أنه موقع عسكري من الطراز الأول في وسط البحر، ومن ثم كانت نقطة قوية للمدفعية الثقيلة المضادة للطيران، ومن ثم قررت إسرائيل تدميرها واحتلالها وذلك نظرا لأهمية الموقع الجغرافي للجزيرة، كما أنه كان قريب جدا من القوات الإسرائيلية المتمركزة بالساحل الشرقي لخليج السويس، إضافة إلى أنه كان بمثابة وحدة إنذار مبكر لرصد تحركات العدو ضد المواقع المصرية، ومن ثم كان هذا الموقع يشكل لهم إزعاج شديد جدا.
وأوضح رئيس جمعية "أصدقاء المحارب" أن هذه المعركة دارت في فترة حرب الاستنزاف وتحديدا في الـ 19 من يوليو عام 1969، واختار العدو هذا التوقيت تحديدا لمهاجمة الجزيرة لأنه كان يريد إضعاف الروح المعنوية للشعب والجيش المصري خاصة أن بعد ذلك التاريخ بأربعة أيام كان احتفال المصريين بثورة 23 يوليو، ومن ثم قرر العدو احتلال الجزيرة في ذلك اليوم لكي يكون بمثابة ذل لعبد الناصر، وكسرا لأنفه.
وتابع المؤرخ العسكري أنه بعد رصد تحركات طائرات وبعض الإشارات الخاصة بالعدو والتي تم فك شفراتها تأكد قائد الفوج 63 مدفعية "اللواء مجدي بشارة" وكان برتبت نقيب وقتئذ، من هجوم العدو على موقع الجزيرة في ذلك اليوم، ومن ثم أعد العدة وقام بتدعيم القوات الموجودة على الجزيرة ببعض الذخيرة والجنود المدربين على القتال من المناطق المجاورة لها ، وبدأ القتال ليلة الـ19 من يوليو 1969، لكن للأسف نظرا للتفوق العددي والخبرة القتالية للعدو بدأوا يتسللوا لداخل الموقع عبر الضفادع البشرية المغطاة بالقذف الجوي من طائرات العدو، الأمر الذي دفع "بشارة" إلى أن يطلب من قادة الجيش المصري أن يضربوا الموقع بقوة عملا بمبدأ "بيدي لا بيد عمرو" لمنع العدو من احتلال الجزيرة، فرفضوا ولكن مع إصراره قاموا بضرب الموقع، وبعد 7 دقائق من ضرب الجزيرة بسلاح المدفعية المصري انسحبت قوات العدو، وقد فشلت في مهمتها فشلا ذريعا حيث قتل من قتل منهم والباقي كان يحمل أشلاء زملائه.
وقال "عطية الله" من المفارقات العجيبة في هذه المعركة أن أخو اللواء "مجدي بشارة" كان أحد مقاتلي وحدات المدفعية التي هاجمت الجزيرة ، وكذلك من المفارقات العجيبة أيضا أن مع فجر يوم 20 كانت وسائل الإعلام الإسرائيلية تناقلت أنباء عن استيلاء الجيش الإسرائيلي على الجزيرة وقتلوا كل من عليها من الجنود المصريين وحولوهم إلى أشلاء، ونظرا لانقطاع المعلومات الواردة عن حال الجنود المصريين بالجزيرة لم تعلق القيادة المصرية على هذه الأخبار نفيا أو إثباتا، الأمر الذي دفع أسرة اللواء بشارة بإقامة سرادق عزاء له ظنا منهم أنه قد استشهد.
وأردف المؤرخ العسكري، أن من أعجب هذه المفارقات والتي تؤكد أن دماء المسلمين والمسحيين اختلطت بعضها ببعض في الدفاع عن مصر، أنه بعد دحر الهجمة الإسرائيلية على الجزيرة تراجعت قيادة العدو عن فكرة احتلالها، ولكنهم قاموا بحصارها لعدة أيام، ولما كان هناك عدد من شهداء الجيش المصري سقطوا خلال هذه العملية تطلب الأمر تكريمهم ودفنهم، وبما أن أرضية الجزيرة كانت صخرية، وبالتالي يستحيل معها دفن هؤلاء الجنود فيها، لجأ قائد الفوج 63 مدفعية "اللواء مجدي بشارة" إلى التعامل مع هذا الوضع بمبدأ قوانين البحر في دفن الجثث حيث يلقي بالمتوفى في المياه بعد لف الجسد في بعض القماش "بطانية مثلا".
وأكمل: ونظرا لأن الهجمة الإسرائيلية كانت شرسة جدا أدت إلى تحويل بعض جثث الجنود المصريين الذي كان من بينهم أبطال مسيحيين إلى أشلاء ممزقة وأخري مفقودة، فقام بتجميع هذه الأشلاء بوضع رأس الجندي ومعها الأرجل والذراعين وبعض الأحشاء دون معرفة هل هذه الأجزاء لهذا الشهيد أم لا أو معرفة ديانته هل هو مسلم أم مسيحي ومن هنا اختلطت دماء المسحيين بالمسلمين دفاعا عن أرض الوطن.