الأحد 12 مايو 2024

هل تفتح حادثة كنيسة نوتردام ملف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا؟

تحقيقات30-10-2020 | 11:17

تعيش مدينة نيس السياحية الواقعة جنوب غربي فرنسا هذه الأيام تداعيات الصدمة جراء حادثة الطعن التي شهدتها كاتدرائيتها صباح الخميس.

فبعد إعلان حالة التأهب الأمنية القصوى جنوب البلاد، وصل الرئيس الفرنسي إلى المدينة، ليؤكد تضامنه مع أهلها في وجه الاعتداء المروع.

وقال مصدر أمني تونسي ومصدر بالشرطة الفرنسية إن المشتبه به التونسي في هجوم نيس بفرنسا يدعى إبراهيم العويساوي ويبلغ من العمر 21 عاما. وينحدر من قرية سيدي عمر في بوحجلة بالقيروان وكان يقيم مؤخرا في صفاقس مشيرا إلى أن الشرطة زارت أسرته هناك يوم الخميس.

ووصل إلى فرنسا آتياً من لامبيدوسا في إيطاليا حيث كانت السلطات المحلية ألزمته بحجر صحي قبل أن يرغم على مغادرة الأراضي الإيطالية ويفرج عنه، ولم يتقدم بطلب لجوء في فرنسا. ووفقاً لمصدر آخر، فإن المحققين لم يكن بين أيديهم سوى ملف عائد للصليب الأحمر الإيطالي، يشير إلى أن اسمه إبراهيم عويساوي.

من جهتها، أعلنت مصادر تونسية أن منفذ هجوم نيس يدعى إبراهيم بن محمد صالح العيساوي، وهو من مدينة بوحجلة التابعة لمحافظة القيروان وقد خرج من البلاد بطريقة غير شرعية، مما يدعونا إلى الالتفات إلى خطر الهجرة غير الشرعية وكيف تكون إحدى وسائل الجماعات الإرهابية لتجنيد الشباب والزج بهم في عمليات إرهابية خصوصا هؤلاء الشباب الذين ليس لديهم سابقة تشدد في بلادهم.

وحذر فابريسي ليجيري، المدير التنفيذي لوكالة مراقبة الحدود الأوروبية "فرونتكس"، في مارس 2018 من خطورة تدفق المهاجرين غير الشرعيين الذين لا يمكن تتبعهم، لاسيما القادمين من تونس والجزائر إلى أوروبا.

ودعا ليجيري إلى مزيد من التكامل فيما يتعلق بإدارة الحدود الأوروبية، خاصة أن التهديد الإرهابي لا يزال مرتفعا.

وحذرت وكالة الحدود الأوروبية "فرونتكس" من خطورة تدفقات الهجرة غير الشرعية التي لا يمكن تتبعها، وقال فابريسي ليجيري المدير التنفيذي للوكالة إن عمليات الهجرة غير الشرعية التي لا يتم تتبعها، والقادمة من تونس والجزائر، يمكن أن تشكل خطرا على أوروبا.


التهديد بالعمليات الإرهابية لا يزال مرتفعا

وأضاف ليجيري خلال تقديمه تقريرا للبرلمان الأوروبي عن عملية ثيميس التي تديرها إيطاليا على طول ممر وسط أوروبا، أن "التهديد الإرهابي لا يزال مرتفعا، وعلينا أن نتأكد أنه لا توجد عمليات عبور لحدود الاتحاد الأوروبي لا يمكن اعتراضها، لأن هذا يمكن أن يقرر مصير الأمن الأوروبي".

وتابع أنه "يجب أن يكون هناك مزيد من توجهات التكامل فيما يتعلق بإدارة الحدود، خاصة أن طائرات فرونتكس قد تمكنت من تتبع بعض تدفقات الهجرة من الجزائر وتونس لم يتم اعتراضها، وهذا الأمر يزيد من القلق الأمني".

وتقوم فرونتكس بتنفيذ طلعات استطلاعية ليلية لتتبع الممرات الجديدة نحو أوروبا. ووفقا لتقديرات رسمية، فإن تدفقات المهاجرين من ليبيا قد انخفضت بينما ارتفعت تلك القادمة من تونس.

وأشار ليجيري إلى انخفاض عدد الوافدين إلى أوروبا خلال العام 2018، بنسبة 62% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وأوضح أن 71% من المهاجرين قدموا من ليبيا مقارنة بـ 95% في عام 2017، بينما قدم 20% من المهاجرين خلال العام 2018، من تونس.

وأكد أن "هناك زيادة حادة في عدد الوافدين من المغرب والجزائر، والذين تم تسجيلهم في إسبانيا".

وأتي تحذير ليجيري بعد أيام قليلة من الهجوم الذي وقع ضد سوق في مدينة "تريب" جنوب فرنسا، واعتقال شخص مصري في فوجيا للاشتباه في انتمائه إلى تنظيم داعش الإرهابي، وتشديد إجراءات الأمن في روما تحسبا لهجوم إرهابي.


الإنتربول يؤكد وإيطاليا تنفي:


وفي بداية 2018، حذرت الشرطة الدولية "الإنتربول" في تقرير لها، من أن نحو 50 تونسيا من مقاتلي داعش قد نزلوا على السواحل الإيطالية، وتوجهوا بعد ذلك مباشرة إلى دولة أوروبية أخرى.

ونفت حينها وزارة الداخلية وجهاز المخابرات في إيطاليا هذا التقرير، وأكدا أنه لا يوجد دليل يؤيد هذا الزعم، لكنهما أشارا إلى أن مثل هذا الخطر معروف منذ أشهر.

ويعتقد أن المئات من الوافدين الذين لم يتم تتبعهم قد وصلوا إلى سواحل صقلية وسردينيا، معظمهم تونسيون ومن دول جنوب الصحراء، قدموا على متن سفن صيد وقوارب صغيرة ثم هربوا بمساعدة مهربي البشر.

بالأرقام:

بلغ عدد المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء 123920 ألف، حسب أحدث الإحصاءات التي نشرتها المنظمة الدولية للهجرة حول سنة 2019. وتراجعت أعداد الوافدين منذ 2016 بثبات: من أكثر من مليون مهاجر عام 2015 إلى 390456 في 2016 إلى 186788 في 2017 إلى 144282 في عام 2018. والأرقام كلها من بيانات المنظمة التابعة للأمم المتحدة.

غالبية المهاجرين عبر البحر

تفيد المنظمة الدولية للهجرة والوكالة الأوروبية لحماية الحدود (فرونتكس) أن معظم الواصلين جاؤوا أوروبا عبر البحر. فقط خمس الواصلين سلك طريق بري.

ووصل أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط في عام 2019 حوالي 105425 ألف مهاجر.

وقد تضاعف عدد الواصلين من بحر إيجة إلى اليونان، مقارنة بالعام الذي سبقه. هذا فيما انخفضت بشكل كبير أعداد الواصلين من منتصف البحر الأبيض وخاصة ليبيا وتونس ومالطا وإيطاليا، ومن غرب المتوسط وخاصة من المغرب والجزائر وإسبانيا.

وركب 14500 مهاجراً البحر من ليبيا وتونس في 2019، بينما كان الرقم 24815 في 2018. أما الطريق الغربي فكان عدد من سلكوه 24759 في العام الماضي، بينما بلغ الرقم أكثر من الضعف في العام الذي قبله وبواقع 58525.

بالنسبة للطريق الشرقي للمتوسط، وخاصة بين تركيا واليونان وقبرص، سلكه 66166 مهاجراً وهو ضعف الرقم في عام 2018 (33536).


المتوسط.. مقبرة اللاجئين

لا يزال البحر الأبيض المتوسط أخطر طرق الهجرة في العالم. في 2019 أحصت المنظمة الدولية للهجرة 3170 خالة وفاة في كافة أنحاء العالم، أكثر من ثلثها في البحر المتوسط (1246). ولكن الرقم انخفض عن العام الذي قبله، الذي كان بحدود 2299 مهاجر. وكان الرقم 3139 في 2017، و5141 في 2016، و4041 في 2015، و3184 في 2014.

ما يفسر انخفاض الرقم في 2019 هو زيادة من يسلكون الطريق الشرقي القصير نسبياً على طريق الوسط والطريق الغربي للمتوسط.

الوفيات في أوروبا الأعلى منذ 2015:


وقعت 123 حالة وفاة في أوروبا في عام 2019 خلال الرحلة من نقطة دخول الاتحاد الأوروبي إلى أوروبا الغربية، حسب المنظمة الدولية للهجرة. الرقم هو الأعلى منذ موجة اللجوء الكبرى عام 2015. وكانت الأرقام: 116 في 2018، 97 في 2017، 60 في 2016، 135 في 2015. والرقم يتضمن ضحايا "شاحنة الموت" من الفيتنامين في بريطانيا.

من بين أسباب الوفاة كانت الإصابات والإرهاق وانخفاض الحرارة وحوادث طرق والغرق أثناء محاولة عبور القنال الإنجليزي في "بحر المانش".

هذه هي حقيقة الهجرة غير الشرعية والتي تستفيد منها الجماعات الإرهابية بشكل عام إما باستغلال المهاجرين ماديا وجسديا وإما بتجنيدهم لتنفيذ عمليات إرهابية، فهل تستطيع أوروبا غلق حدودها في وجه هذه الأعداد من المهاجرين، وهل تسمح لأردوغان بابتزازها بورقة اللاجئين؟

    Dr.Radwa
    Egypt Air