الخميس 28 نوفمبر 2024

فن

الحرملك العثمانلى...ونساء حطمن أسواره

  • 31-10-2020 | 20:58

طباعة

هى الشاعرة والأديبة هى الملكة والحبيبة هى الأم والزوجة هى المحاربة وصاحبة الرأى هى المناضلة والسياسية, هى المرأة..


شهد العالم أثناء تاريخه الممتد, ومنذ بدء الحياة على الأرض, أدوار للمرأة متعددة ومتباينة الأثر سواء على المجتمعات التى تواجدت بها أو على أبواب الأزمنة التى مرت خلالها.


 على مدار تاريخ النضال السياسي لم تتخلى المرأة العربية عن دورها فى مساندة الرجل ومحاولة تحرير وطنها من غزاته, ولعل أبرز غزو احتل الدول العربية كان من خلال الدولة العثمانية الذى امتد لأربعة قرون تنافست فيها مع الاستعمار الإنجليزى على تفتيت العالم العربى ومن يفوز بالسيطرة على خيراته.


لتبقى الحقيقة التاريخية الراسخة أنهم لم يكونوا سوى غزاة ومستعمريين أورثوا الضعف والعزلة والتخلف.


فحجبوا المرأة وعقلها، فالمرأة العربية التى لها فى كل حقبة دور واضح ومؤثر حتى فى فترات ما قبل الإسلام فى شبه الجزيرة العربية على سبيل المثال كانت المرأة تعمل بالتجارة وتطلب الرجل للزواج كما حدث مع السيدة خديجة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم, لنرى انحساراً لدورها التاريخى فى تلك الحقبة المظلمة حتى أنه لا يوجد فى كتب التاريخ ومعظم المراجع والمصادر دور بارز للمرأة فى القدرة على مقاومة الاحتلال العثمانى إلا فيما ندر نماذج قليلة تختبئ بين طيات كتب التاريخ.


فقد هدم العثمانيون المرأة كمكون رئيسي للمجتمع, فيكفى أنهم نقلوا معهم من إسطنبول حال دخولهم مصر "الحرملك" ذلك القسم الخاص بالنساء الذى ممنوع دخول أحد اليه, فمعنى كلمة حرملك يعود أصلها إلى اللغة العربية المشتقة من كلمة حرام فالمرأة بالنسبة لهم تمثل كل ماهو محرم وخاطئ.


لقد كان موجود من قبل قسم خاص فى المنزل المصرى للمرأة وزوجها, لكن مع الغزو العثمانى أصبح سجن للمراة وعقلها ليتعدى الحرملك مجرد مساحة للخصوصية المتاحة فى المنزل, لكنه قيدها بالأغلال والقيود لتصبح مجرد رقم فى عدد "الحريم" اللاتى يمتلكهن الرجل.


الحرملك داخل القصور العثمانية الذى كان يعج بالنساء الجوارى من كل أنحاء العالم، فقد رصد السلاطين العثمانيون مبالغ طائلة لمتعتهم وشهواتهم.. كان يتواجد منه نموذج مصغر داخل كل منزل يستطيع الاقتناء لجسد وعقل المرأة, حتى أنه أخرجها من التاريخ فلا يوجد ذكر يليق بمكانتها فى كتب التاريخ حتى سميت من قبل بعض المؤرخين بـ" الماكثات فى البيت".


ولم يكن لامرأة فى ظل العهد العثمانى رأى أو حق يذكر فى شؤونها حتى الخاصة كالزواج والطلاق والتعليم بل أهدرت كل حقوقها وأحلامها.


فانصب تركيز المرأة فى تلك الفترة الزمنية على بعض المحاولات الأدبية، والكتابة لمن تستطيع مواجهة المجتمع فكانت حالات نادرة جداً حاولن إقامة مجالس وصالونات أدبية ظهرت تلك المحاولات كل عدة سنوات وعلى مراحل متباعدة. 


فأثرالمناخ العام للموقف المتحفظ والمنغلق فى تلك الفترة الزمنية من تحرر المرأة على محاولة مشاركتها في الحياة العامة والسياسية، رغم وجود مجموعة من المناضلات فى العالم العربي كان قدرهن الصمود, واللاتى حاولن الخروج من الشرنقة المقيدن داخلها عنوة، وناضلن كثيرا لإسماع صوت المرأة، ورغم أن نشاطهن الأساسي تركز في الصالونات الأدبية والمجلات النسائية، إلا أن مشاركتهن في الهموم العامة والحياة السياسية تركت بصمة واضحة لا يمكن إنكارها.


فكانت لبيبة هاشم الأديبة والصحفية اللبنانية التى ولدت في بيروت عام 1880

تحمل لواء المبادرة للمرأة العربية حيث غادرت لبنان متوجهة إلى مصر تطالب بإنشاء أول جمعية نسائية تبحث فى حقوق المرأة المهدرة تحت استراتيجية الحكم العثمانى، فأصدرت عام 1906 مجلة ( فتاة الشرق ) فى مصر لتكون صوت المرأة العربية، ومن أهم أعمالها الأدبية :


حسنات الحب، القاهرة 1898

الفوز بعد الموت، القاهرة 1899

جزاء الخيانة (قصص قصيرة) القاهرة 1903

قلب الرجل، القاهرة 1904

شيرين (رواية)

جزاء الإحسان (قصص قصيرة)


وفى سوريا كانت ماري عجمي تلك الأديبة والشاعرة السورية، التي أسست عام 1910 مجلة ( العروس )، وأسست جمعيات نسائية عدة، تواصل بها مسيرة الكفاح والنضال ضد الحكم العثماني، فقد استكملت مسيرتها النضالية بجانب المناضل بترو باولي، لكن الأتراك قبضوا عليه، وأعدم مع مجموعة الشهداء في 6 "أيار" ليصبح ذلك التاريخ هو يوم عيد الشهداء فى سوريا ولبنان تقديرا لما قدموه من تضحيات انتهت بانتهاء حياتهم فى مقاومة الاحتلال العثمانى حيث أصدر بحقهم أحكام الإعدام التي نفذتها السلطات العثمانية بعد اتهامهم بالخيانة والاتصال بجهات أجنبية والعمل على فصل البلاد العربية عن الدولة العثمانية، أصدر جمال باشا السفاح أحكام الإعدام على 11 وطنياً أعدموا في بيروت في عام 1915 ثم نفذت أحكام مماثلة بدفعة أخرى من الوطنيين في 6 "أيار" 1916 حيث أعدم 14 في ساحة البرج في بيروت و 7 في ساحة المرجة في دمشق.


فبقيت مارى وفية له لم تتزوج أبدا، تواصل مقاومتها للاحتلال العثمانى بكل صوره فى وطنها الغالى على قلبها دائماً سوريا.


ليظل عهد الاحتلال العثمانى للمشرق والمغرب والجنوب العربي من أحلك الفترات التى مرت عليه وخاصة المرأة العربية التى تم تهميشها ووضعها داخل إطار محكم الغلق لم تستطع الخروج منه بقوة إلا بعد انتهاء الاحتلال العثمانى فظهرت بقوة حركات تحرير المرأة والدعوة إلى استكمال حقها فى التعليم والخروج إلى جانب الرجل ومشاركته مجالات التعليم والعمل فهى ليست بفعل فاضح يجب إخفائه وطمس هويته وقتل روحه.


    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة