بعدما فشلت تركيا فى الانضمام للاتحاد الأوروبي بدأت تحول انتباهها وطموحاتها فى محيط الشرق الأوسط محاوِلة إعادة الغزو العثمانى للدول العربية التى استعمرتها لعدة قرون وسيطرت عليها وعلى ثرواتها، فادركت تركيا أن النفوذ يتحقق من خلال القوة الاقتصادية والقوة العسكرية وعقد الاتفاقات مع الدول، لذلك فقد وجدت نفسها مطالبة بتحقيق مجموعة أهداف داخلية وخارجية؛ أما الأهداف الداخلية فتتمثل فى خلق الاستقرار السياسي الاجتماعى وتحقيق تقدم اقتصادى والسيطرة التامة على الأكراد ومنعهم من تحقيق سعيهم للحكم الذاتى، إضافة إلى استمرار حزب العدالة والتنمية فى حكم البلاد وتحييد العسكر والحد من سلطتهم؛ أما الأهداف الخارجية فتتمثل فى منع الأكراد، فى كل من سوريا والعراق، من إقامة دولة كردية والتواجد فى الخليج العربي فى مواجهة السعودية والإمارات والتواجد فى أفريقيا فى مواجهة مصر.
من أجل تحقيق هذه الأهداف مجتمعة، فقد أنشأت تركيا قواعد عسكرية فى كل من سوريا والعراق وقطر والصومال، وكانت تسعى لإقامة قاعدة عسكرية فى السودان، وأقامت قاعدة عسكرية فى ليبيا فى مواجهة مصر.
أصبحت تركيا بأطماعها التوسعية التى لا تختلف عن أطماعها القديمة أطماع الدولة العثمانية التى استعمرت الوطن العربي، تتواجد فى المشرق العربي ولها مناطق نفوذ فى سوريا والعراق لمنع الأكراد من قيام أى كيان مستقل أو منفصل لهم، وتواجدت بقاعدة عسكرية ضخمة فى قطر وتنشئ فيها قاعدة ثانية لتكون قريبة من السعودية والإمارات، هذه القواعد تحتوى على معدات عتاد عسكري وتسليح حديث، وأصبحت تشكل خطرًا على كل من السعودية والإمارات والخليج العربي بصفة عامة.
أما القاعدة العسكرية فى الصومال فهى تمكنها من التواجد فى القرن الأفريقي وبالقرب من باب المندب ومضيق هرمز الممر الملاحى للنفط العربي، والقاعدة التركية فى ليبيا تجعلها تهدد الأمن القومى المصرى، مما يجعل مصر مطالبة بالتحرك للجم تركيا والحد من طموحاتها خاصة وأنها جلبت إلى ليبيا مرتزقة داعشيين من سوريا، مما يزيد من خطورة الموقف، إضافة إلى التنقيب عن الغاز والنفط فى شرق المتوسط تحت غطاء ليبي من السراج وحكومته.
لعل الدول العربية أدركت خطورة ما يجرى على الساحة العربية مما يجعلها تجتهد لحل قضاياها ومشاكلها وتوحيد الصف العربي فى مواجهة الأطماع الأجنبية، في مقدمتها تركيا.