الصورة الفوتوغرافية لها سحر خاص، فهي تسجل وتوثق اللحظات المهمة في رحلة الإنسان مع الحياة، ومظاهرها في المجتمعات المختلفة، والأماكن الأثرية والأبنية التاريخية والعتيقة، ومنذ ظهور فن التصوير الضوئي عام ١٨٣٩،         كان عشاق هذا اللون من الفن يهتمون بتوثيق مظاهر الحياة، وتركوا لنا صورًا مدهشة عن شوارع مصر زمان، والمقاهي والأسواق الشعبية، والاحتفالات في مختلف المناسبات، والأحياء والشوارع والميادين، صورًا نادرة وعظيمة، كانت ملهمة لي.

وتقدمت منذ سنوات في بداية عملي بالتليفزيون المصرى بقناة "التنوير" بفكرة برنامج يوثق الصور النادرة التى سجلت الحياة المصرية زمان بتفاصيلها المختلفة، واخترت له عنوان "ألبوم الوطن"، وتقدمت به للشاعر الكبير الأستاذ ماجد يوسف، رئيس قناة "التنوير" في ذلك الوقت، وعرضت الفكرة على لجنة، وتمت الموافقة عليها، وبدأت، من خلال برنامجي، عرض مجموعة كبيرة من الصور تحكي تفاصيل الحارة المصرية وقصة الحِرف والمهن الشعبية، والريف المصري، وغيرها من الموضوعات في عشرات الحلقات لفترة كبيرة.

كانت هذه البداية مع مبادرة "ألبوم الوطن"، ثم توالت بعد ذلك مبادرات أخرى وتم توظيف والاستفادة من صفحات مواقع التواصل في تنفيذها، فبعد عام ٢٠١١ وفي أثناء إحدى زياراتى للأهل في مدينة المنيا، زُرت بيت جدي، ولفت انتباهي سقوط أو هدم بيت قديم كان له طابع معمارى مميز، وكنت دائما أتأمل زخارفه وعناصره وسماته الجمالية المختلفة، فجاءت لي فكرة إنشاء صفحة على فيسبوك أحاول من خلالها توثيق البيوت القديمة في المنيا والقاهرة والمحافظات المختلفة من خلال التصوير الضوئي، وبالفعل أنشأت صفحة أو منصة "ألبوم الوطن"  بمساعدة أخي مصطفى راضي، وتم تصوير الكثير من الأبنية والمنازل العتيقة ذات الطابع المعمارى المميز من أماكن مختلفة، وكان هناك تجاوب وتفاعل إيجابي من المتابعين وعشاق التراث وكنوزنا المعمارية في مدينة المنيا وقنا وأسوان وغرب سهيل والوادى الجديد وواحة سيوة، وخاصة البلدة القديمة، أو قلعة شالي والقاهرة الخديوية والجمالية، والغورية، والخيامية، وشارع المعز والكوربة، وغيرها من الأماكن والأحياء في القاهرة والإسكندرية وأسوان.

وفي الشهور الأخيرة، ومع تداعيات ظهور فيروس كورونا،  قررت أن يكون لصفحة أو منصة "ألبوم الوطن" دورٌ إيجابيٌ في رفع المعنويات وتخفيف الضغط النفسي، ونشر طاقة إيجابية من خلال الإبداع والفنون، وخاصة فن التصوير الضوئي، وأيضا نشر قيم جمالية تسهم في الارتقاء بالذوق العام، ودورٌ في حفظ وتوثيق التراث الإنساني في المجتمعات المختلفة، بعد نجاح مبادرتنا، وأن تكون صفحة نافذة ثقافية وفنية تلقي الضوء علي أعمال المبدعين،  فقررت الإعلان عن مبادرة "ألبوم الوطن للفنون المرئية"، وكانت أولى فعالياتها، تنظيم ملتقى إلكترونى دولي للتصوير الفوتوغرافي، وموضوعه الحِرف والمهن الشعبية؛ واستقبلت أعمالا متميزة من ٥٥ مصورًا ومصورة  من 10 دول، مصر والمغرب والعراق والشارقة وسلطنة عمان وفلسطين والسودان والجزائر وأمريكا وزيمبابوي، وكانت المفاجأة السارة، مشاركة مركز التراث العربي بمعهد الشارقة للتراث بمجموعة رائعة ومتميزة من صور الحرف والمهن الشعبية من أيام الشارقة التراثية، وأشكر المسئولين بالمركز على إثراء ملتقى ألبوم الوطن الدولي الأول وأشكر المسئولين بالمجلة الموقرة والعريقة، مجلة "الهلال" الثقافية على دعمهم للفكرة، والتى كان تجاوب المتابعين وعشاق التصوير الضوئي رائعا وإيجابيا منذ اللحظة الأولى ومع بداية عرض أعمال المشاركين لصور الحرف والمهن الشعبية في المجتمعات والثقافات المختلفة  والذى بدأ في الساعات الأولي من اليوم الأول لشهر يوليو واستمر لمدة ٣٠ يوما علي منصة ألبوم الوطن الإلكترونية، يؤكد أهمية الفنان الضوئي في توثيق تراث وفنون بلاده وتسجيل لحظات مهمة في رحلة سعي وكفاح الإنسان.