الثلاثاء 2 يوليو 2024

انتصار أكتوبر “ والبحث عن أمل!؟!”

فن2-11-2020 | 17:44

 الحديث عنانتصار أكتوبرحديث ذو شجون - رغم مرور كل تلك السنوات الطوال - التي تغيرت فيها أحوال العرب من النقيض إلى النقيض - هذا الحدث الفريدفي تاريخنا المعاصر يبدو لروعته وكأنه قد حدث بالأمس القريب - فماذا قدمت لنا حرب أكتوبر؟!! - وما هي المخاطر المحدقة بالعالم العربي الآن؟!! - وكيف نواجه تلك التحديات التي تفرضها علينا تلك الأوضاع ؟!!. وهل هناك من أمل - بعد كل هذا اليأس ؟

جاءت أحداث السادس من أكتوبر مفاجأة للجميع - الأعداء والأصدقاء على السواء ، جاء هذا اليوم في لحظة تاريخية لم تكن مواتية، فأعاد كتابة التاريخ من جديد. جاء ليفرض إرادة مصرية وعربية قوية ترفض كل ما لاقاه المصريون والعرب من هزائم من قبل، جاء معبرا عن روح البطولة والفداء - دفاعا عن التراب الوطني المقدس، و عن كل القيم النبيلة التي رسخت في وعي أمتنا وضميرها عبر الأجيال والعصور !؟!... لقد اتفق الكبار آنذاكالولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق على فرض الاسترخاء العسكري على الصراع المتأجج في المنطقة، واستمرار حالة اللا سلم واللا حرب - غاضين البصر عن تعنت إسرائيل ورفضها المستمر لمبدأ الانسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها بالقوة في أعقاب كارثة الخامس من يونيو 1967- ورفضها الاعتراف بالقرارات الدولية في هذا الشأن - لاسيما القرار الشهير لمجلس الأمن رقم 242 الذي يطالبها بالانسحاب - فكان انسحابها أحد أهم نتائج هذا اليوم المجيد.

  لقد أثبت المقاتل المصري خلال تجربة حرب أكتوبر - وإلى جواره المقاتل السوري وإخوانه من المقاتلين العرب - شجاعة فائقة بإقدامه وصموده، وأدهش بروحه القتالية العالية كل خبراء  الاستراتيجية في العالم. فكان يوم الملحمةالذي شهد أكبر تمهيد نيراني من الحرب العالمية الثانية وأكبر معارك الدبابات في العصر الحديث، هذا بالإضافة إلى اقتحام أصعب مانع مائي عرفته الحروب  من قبل - بعبورقناة السويسوتحطيم خط بارليف الحصين..!؟!.. وللحقيقة والتاريخ فإن أداء  هذا المقاتل الجسورلم يأت من فراغ - وإنما كانت أمامهقيادة رشيدةتمكنت من التخطيط بإحكام -لتباغت العدو في ظروف لم تكن مواتية له - لم يتمكن من فض مکان و زمان المعركة مثلما كان يفعل في الحروب السابقة.

كانت حرب أكتوبرحرباً عربيةو العالم العربي بكل تیاراته وساهمت المعارك البطولية في سريان روح جديدة تدعو العرب إلى العبور من التخلف والتفرق إلى الحضارة والتوحد - مثلما عبروا منالهزيمة إلى الانتصار”..!؟!... لقد عشنا تجربة حرب أكتوبر النضالية الرائعة - ومازالت أحداث بطولاتها وستظل مثلعلامة مضيئةفي تاريخنا المعاصر - وقد حل الأمل محل اليأس ..!؟..

هذا ما أدت إليه انتصارات أكتوبر من نتائج باهرة رفعت رؤوس العرب - ولكن إلى حين - فسرعان ما دبت الخلافات بينهم من جديد - وكان هذا هو قدرهم الذي صنعوه بإيديهم ليظلوا متفرقين...!؟!..

على مدى السنوات - التي تقترب من نصف قرن - منذ انتصار أكتوبر جرت مياه كثيرة فينهر العلاقات العربية، لكنها للأسف الشديد كانتمياهاً ملوثةأدت إلى ما نراه الآن مندمار وهوان ، فكما تصيب المياه المليئة بالميكروبات الإنسان بأخطر الأمراض - تم تسميم أجواء العلاقات العربية بآفات التنازع والتشرذم، وانعدام القدرة على الحوار الجاد لوأد الخلافات - ووقفت المنظمة العربية عاجزة عن لم شمل هؤلاء الفرقاء. وهناك من يرجع الأمر إلىمؤامرات الأعداءالتي تمثل خطرا محدقا بطبيعة الحال - إنما الأخطر هو تآمر العرب على أنفسهم - عن دراية أو جهل  - أليست هذه كارثة تدفع الشعوب العربية ثمنها وقد أحاطت دوائر الخطر بهم من كل اتجاه - إن  محاولات الغربالأورو-أمريكيفي التآمر على المنطقة العربية لفرض التبعية والهيمنة على مقدراتها لا تنتهي - ويكفي أن نعلم أن هناك شبه اتفاق بين القوى الكبرى على إفشال أي تحرك عربي باتجاه النهضة أو الوحدة في مواجهة النفوذ الأجنبي - طالما أن العرب فاقدي الإرادة والاعتبار...!؟!...

لماذا يتجاهل العرب أسباب فشلهم - وتكرارهم للأخطاء التي يدفعون ثمنها الآن..؟!؟ - إذا نظرنا على سبيل المثال - إلى الجامعة العربيةكمنظمة إقليمية - نجدها قد منيت بالفشل الذريع - في تحقيق أي من المهام التي أنشئت من أجلها . !؟!.. وعجزها عن الحفاظ على الأمن العربي على الصعيدين القومي والإقليمي - وصولا إلى التدهور المستمر في العلاقات بين أعضائها - جراء حالة التنازع والانقسام التي باتت من سماتها.. !؟! فلم تتمكن تلك الجامعة - وعلى مدى 75 عاما  من إيجاد الحلول للمشكلات التي واجهتها منذ قيامها في عام 1945 - وكأنما أراد المؤسسون لهذا التنظيم الذي أصابه  التكلسأن يراوح مكانه بلا إرادة ودون قدرة على الإنجاز. !؟! لأن إرادتها باتت رهنا لإرادة أعضائها عبر اتخاذ القرارات بالإجماع - بديلا عن نظام التصويت بالأغلبية التي تعرفه المنظمات الدولية - فلم تعرف الجامعة ذلك الإجماع في غير القضايا الهامشية التي لا معنى لهاأما المشكلات المصيرية الكبرى - فلم تتمكن من اتخاذ قرار واحد له صفة الإلزام بشأنها ..!؟!.. ولا يوجد علاج لهذا الداء المزمنداء التفرقإلا باتخاذ خطوات حاسمة نحو إقامة تنظيم عربي فعال - يكون محوره  مصروتتعدد أطرافة شرقا و غربا من الخليج إلى المحيط على أن تتحدد مهامه في إطار منظومة سياسية واقتصادية عصرية - ليمتلك حرية الحركة والكفاءة العالية - مثل غيره من التنظيمات..!؟!..

ان المتأمل للواقع العربي الراهن لا يمكنه إغفال ما تتعرض له المنطقة العربية من مخاطر ودمار في العديد من البلدان - هذا الواقع المرير - الذي أوجده العرب بتخاذلهم وانعدام بصيرتهم، وسوء تقديرهم لعواقب الأمور !؟! فها هي رياح الاحتلال التي هبت عليهم من بداية القرن التاسع عشر - تعود إليهم من جديد سعيا إلى تفتيت ما تم تقسيمه من قبل؟!! - فلا يلومون غير أنفسهم، وقد أضاعوا مقدرات بلادهم بأيديهم وأيدي أعدائهم ... إنما يظل الأمل منقدا على الدوام - إذا ما تم إعادة النظر إلى ما جرى في حرب أكتوبر ... والاعتبار بدروس الانتصار ... هذا هو الأمل البعيد - في عالم عربي جديد!!!.