لأن الشباب المصري هو سلاح المستقبل الذي يراهن
الوطن عليه، فإن قوى الشر تستهدف هذا الشباب بشدة وذلك بإعادة تشكيل عقله لطرد كل
القيم والمبادئ النبيلة التي يتسم بها المصريون منذ قديم الأزل، وإحلال مفاهيم تصب
في نهاية الأمر في مخطط تدمير الوطن.. وقد رفع الاحتلال البريطاني في بدايات القرن
الماضي شعار، فرق تسد، كوسيلة مؤكدة لتفتيت وحدة المصريين وذلك تحت ستار الدين الإسلامي
فكانت الفكرة الشيطانية بإنشاء تنظيم الإخوان الإرهابي، وكأن مصر وهي بلد الأزهر
الشريف منذ أكثر من ألف عام، كانت تنتظر هذه الجماعة العميلة للدخول في الإسلام.. وكان
من أوائل خطوات المؤامرة، تقسيم المواطنين إلى مسلمين ومسيحيين، غير أن وحدة
الجينات المصرية أصابت بريطانيا بالسعار الحاد، لدى اكتشافها استحالة التفرقة بين
المصريين وفرزهم بالتالي وفقا لعقيدتهم الدينية، بأن اعترف قادتها أن الانتماء
الديني لا يظهر لدى المصريين إلا عندما يدخل هذا المسجد ليصلي ويتوجه، آخر إلى
الكنيسة لأداء شعائره الدينية.. وهنا استقر العدو البريطاني على استغلال جماعة الإخوان
كأدوات لبث الفرقة، ليس بين المسلمين والمسيحيين فحسب، بل وحتى بين أبناء الدين الإسلامي
أنفسهم، فكان الخطاب المدمر لهذه الجماعة، بأن الإسلام قاصر على جماعتهم فقط ومن
هم خارجها، ينقصهم دخول الإسلام.. ومن معالم الخطة الإخوانية ليس تفتيت الشعب
فحسب، بل تدمير الدولة المصرية بتخريب مؤسساتها والتخلص من كل مقومات قوتها وعزتها
وفي المقدمة منها الجيش والشرطة، وقد انكشف المخطط الإخواني الوضيع إبان سيطرة الإخوان
على الشارع المصري خلال ثورة يناير، ثم تبلور المخطط بأجلى صوره في الحرب الضروس
التي شنتها جماعة الإخوان وكل التنظيمات الخارجة من رحمها.. ضد الدولة ككيان حام لأبنائه
وبالتأكيد كانت سنة حكم الإخوان كاشفة لمدى زيفهم وجرائمهم الواضحة ضد الجيش، كما
تيقن المصريون من متاجرتهم بالقضية الفلسطينية، حيث لم يكتف الرئيس الإخواني
الراحل محمد مرسي بعدم اتخاذ أية خطوة ضد ممارسات إسرائيل العدوانية، بل وكما كتبت
في مقال آنذاك، وصف شيمون بيريز الرئيس الإسرائيلي بالصديق العظيم، متمنيا لبلاده -أي لإسرائيل- الرغد!!.. وهو أول مسؤول في تاريخ الصراع الإسرائيلي
العربي، يتمنى لإسرائيل الرغد... إن تجربة حكم الإخوان كانت شديدة المرارة، كما
كانت كاشفة لمتاجرتهم بالدين للوصول إلى السلطة والسيطرة على مقدرات الشعب الذي
انخدع فيهم.. وفي ظني إن ما يحتاج إليه شبابنا الآن هو تفنيد خطاب الإخوان المخادع
وإعادة قيمة مفهوم الوطن، بعد أن نشر التنظيم الإرهابي، عبارات خيانية، مثل: ما
الوطن إلا حفنة من التراب العفن، وطظ في مصر واللي في مصر، أنا ما يهمنيش واحد
ماليزي يحكمني مادام مسلم... شبابنا أو على الأقل الجزء الذي تأثر بالخطاب الإخواني،
في حاجة، إلى تكريس الانتماء الوطني وكشف خطورة وخديعة شعار الأمة الإسلامية، حيث
الوطن والقومية شيء والعقيدة الدينية شيء آخر، وأمامنا مثال واضح على الهدف الخبيث
من نشر فكر الخلافة، حيث انحاز الإخوان إلى الرئيس التركي أردوغان، الذي يتصرف
تجاه الأقطار العربية وكأنه الخليفة العثماني، فيما يناصب مصر ورئيسها عداء شرسا
بعد فشل أتباعه في استمرار خداعهم للمصريين.. نحتاج إلى إعادة تنقية المناهج
الدراسية من السموم الإخوانية وإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية، فالعدو في حروبه
علينا لم يفرق أثناء ضربنا، بأن فرق بين مصري وآخر على ضوء انتمائه الديني.. نحتاج
إلى تسليط الضوء علي مخططات الأعداء والتي جسدها بصورة شديدة كلام وزير الخارجية الأمريكي
الأسبق هنري كيسنجر، الذي قال: إن أكبر ضمان لبقاء إسرائيل في المنطقة العربية، هو تفتيت المنطقة إلى دويلات عرقية وطائفيه!!