إن ما
قامت به ثورة 30 يونيو 2013 بزعامة الرئيس عبدالفتاح السيسى من تخطيط استراتيجى لأول
مرة فى مصر للتنمية الشاملة لتحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية والحرية يضعها
أعداؤها فى مصاف الأعمال العدائية ضد مخططهم الكبير فى المنطقة وهو مشروع الشرق الأوسط
الكبير وأداة تنفيذ الحروب من الجيل الرابع التى اعتمدت بشكل أساسى على العمليات
النفسية، والحرب النفسية كعنصرين داعمين وفعاليين لتحقيق أهدافها ففى ثورات الربيع
العربى كان الهدف هو إحداث الفوضى بالمنطقة العربية وتغيير نظم الحكم فيها وتحقيق
انهيار الدولة ونظامها الحاكم، وفى مصر قام مجموعة من الشباب المدرب فى أوروبا وأمريكا
على إسقاط نظام الحكم وبتمويل أجنبى ومدعوما بعناصر أجنبية فقام بالمظاهرات
والاعتصامات بأعداد تفوق قدرة الشرطة على فضها ولدعم هذا العمل المادى قامت
العمليات النفسية بزيادة الحشد والتأييد الشعبى والشباب الطاهر وذلك ببث معلومات
تزيد الكراهية للشرطة والنظام السياسى للدولة وكذا حاكم الدولة ومن محطات فضائية
لها مصداقية سابقة ومجندة ضمن عناصر العمليات النفسية وكذا وسائل الاتصال
المجتمعية الحديثة (الفيس بوك وتويتر...........) مدعمة بفيديوهات تعذيب الشرطة
للمواطنين على المستوى المحلى مثل قصة (خالد سعيد) مع الشرطة المدنية أو على
المستوى الإقليمى أو العالمى مثل حادث بو عزيز بتونس وزيادة التعليقات والحوارات
فى ذلك الاتجاهات ونقل أحداث فتنة من وإلى أماكن الحشد لزيادة الإثارة والثورة
وتحقيق الهدف وهو الفوضى الخلاقة كما أعلن عنها سابقا ومستخدمة أهم وسيلة قديمة
حديثة فى بث الأخبار المغرضة المطلوب نشها وهى الشائعة مع استمرار إعادتها
وتدعيمها.
إن الحرب بالسلاح تستطيع أن تدمر القوات والمعدات،
والحرب الاقتصادية تحرم الخصم من المواد الحيوية، أما "الحرب النفسية"
فهي تستطيع ما هو أخطر وأعمق أثرا، إنها تجرده من أثمن ما لديه وهو "إرادته
القتالية"، فهي تستهدف في المقاتل أو المواطن عقله وتفكيره وقلبه وعواطفه لكي
تحطم روحه المعنوية وتقوده إلى الهزيمة، وهذا ما دعا القائد الألماني روميل إلى
القول بأن «القائد الناجح هو الذي يسيطر عل عقول أعدائه قبل أبدانهم»، ودعا تشرتشل
إلى أن يقول: «كثيرا ما غيرت الحرب النفسية وجه التاريخ!».. وقد بلغ من تأثير
الحرب النفسية أن كثيرا من الأمم - كما يروي التاريخ - استسلمت لأعدائها وانهارت
كدولة قبل أن تطلق جيوشها طلقة واحدة!!
العمليات والحرب النفسية
معناهما ومفهومهما واحد وأداة تنفيذهما واحدة وهى الشائعة،
ولكن يختلفا عن بعضهما فى توقيت التنفيذ فالعمليات النفسية تدار كل الوقت سلما أو
حربا ضد الصديق والمحايد بهدف الاحتفاظ بموقفيهما دون تغيير فى القضية أو المشكلة
بين الدولة والدولة الأخرى المعادية وكذا تدار ضد الدولة العدو بهدف زعزعة
الاستقرار فيها والتأثير على الجبهة الداخلية (الشعب) وقواتها المسلحة أما الحرب
النفسية فتدار وقت الأزمة وتلازمها، وعلى جميع عناصر قوى الدولة أو إحداها.
العمليات النفسية
العمليات النفسية هي الاستعمال
المخطط والمُمنهج للدعاية ومختلف الأساليب النفسية للتأثير على آراء ومشاعر
وسلوكيات الدولة المستهدفة بطريقة تسهل الوصول للأهداف, كما أنها وسيلة مُساعدة
لتحقيق الاستراتيجية القومية للدولة ذاتها. وتُشن في وقت السلم والحرب على السواء،
وتُستخدم فيها كل إمكانيات الدولة، ومقدراتها سياسية، واقتصادية، وعسكرية،
وإعلامية، وغير ذلك من القوى التي تتفاعل مع بعضها البعض لتحدد كيان المجتمع وشكله
ويمكن القول أيضاً إنها متأصلة في جذور التاريخ الإنساني، ولها أمثلة كثيرة لها في
تاريخ الجنس البشري، وتستخدم الشائعات كوسيلة أساسية لتحقيق الهدف منها.
الحرب
النفسية
تعرف بأنّها نوع
من الضغط النفسي الذي يُوجّه للعدو، ويسعى للقضاء على إيمانه بذاته وزعزعة ثقته
بنفسه. وهى لا تسعى إلى الإقناع، وإنما تهدف إلى تحطيم الإرادة وتفعيل الأدوات
الإعلامية المتاحة للتأثير في عقول ومشاعر جماعة محدودة وتغيير الموقف وسلوكيات
الجماعة بما يخدم مصالح الطرف الذي يستخدمها، وتشن الحرب النفسية سواء أثناء
القتال أو نشوء الأزمة وهى يستوجب التأثير في سلوك العدو، حتى لو كان هذا الأمر
على حساب الحقيقة.
وتهدف الحرب
النفسية إلى هزيمة الجبهة المعادية وخلق البلبلة والقلاقل في صفوف الخصم الداخلية
لغرض إحداث ثغرات فيها، وخلخلة نظامه تمهيدا لإسقاطه وغرس بذور التفرقة بين صفوفه
وصفوف حلفائه، وزيادة وتيرة الخلاف بين الحكومة وشعبها، ودعم الحركات السياسية
لزيادة المشاكل المتعلقة بالدولة لغرض زعزعة النظام الداخلي فيها.
ومن أهم الأدوات
العمليات والحرب النفسية الشائعة وأهمها : الكلمة المسموعة والمقروءة - التهديد
بالقوة - الخداع - الإغراء والتضليل.
الشائعة
الشائعة هي خبر أو مجموعة
أخبار زائفة أو مختلقة تنتشر في المجتمع بشكل سريع وتُتداول بين العامة ظناً منهم على صحتها ودائماً ما
تكون هذه الأخبار شيقة ومثيرة لفضول المجتمع والباحثين، وتفتقر هذه الشائعات
عادةً إلى المصدر الموثوق الذي يحمل أدلة على صحة الأخبار. وتمثل هذه الشائعات
جُزءاً كبيراً من المعلومات التي نتعامل معها أو
نعيش أجوائها والخطورة فى ذلك عندما تمس مجالا من مجالات الأمن القومى وخاصة
المجال السياسى الخارجى أو الداخلى والمجال الاقتصادى المتعلق بحياة الأفراد
والمجال العسكرى خاصة إذا كانت هناك خطر حرب قادمة، والآن الخطر الأهم على المجال
الاجتماعى الذى أصبح هو الهدف فى هدم الدولة من الداخل.
المعروف أن إرادة القتال والمقاومة والصمود، والحماسة
والإيجابية في العمل وروح الإبداع والابتكار، وكذا الهزيمة والاستسلام واليأس
والسلبية هي كلها "حالات عقلية" تنشأ في عقل الإنسان تحت ظروف معينة
فتولـد لديه الدوافع النفسية التي تدفعه إلى السلوك الذي يعبر عن تلك الحالات وهذه
الحالة العقلية تنشأ نتيجة الصراع داخل عقل ووجدان الفرد ما بين وعيه وإدراكه
وقناعته بحاله وارتباطه بوطنه ولذا فإن كل جانب فى الصراع يحرص على أن ينشئ في
خصمه "الحالة العقلية" التي تحقق له أهدافه والانتصار عليه بالعمليات والحرب
النفسية وهى أقوى أسلحة الصراع أثرا في تحقيق النصر بسرعة وبأقل الخسائر في
الأرواح والمعدات باستهداف وعى الفرد المعادى وتغييره، وأهم أسلحتها الشائعة وبثها
مع الاستمرار فى بثها فى جميع المجالات الحياتية للدولة الهدف.
الوعى والتوعية
مما سبق نجد أن الصراع الحالى هو للاستحواذ أو صنع حالة
عقلية معينة سيكون بين حالة الوعى وحجم التوعية التى عليها الإنسان المستهدف وبين
العمليات والحرب النفسية للتأثير على هذا الإنسان سواء كان فردا أو جماعة سواء كان
مقاتلا أو مدنيا مما يستدعى أن نتعرف على معنى كلمة الوعى /التوعية وكيف يمكن بناء
هذا الوعى وتقويته حتى يمكن الصمود والنصر فى هذه المعركة الحديثة.
معنى كلمة الوعى:
جاء فى قاموس المعجم الوسيط أن كلمة وعى الشىء أى جمعه
وحفظه وفهمه، وكما أن الفرد يقبله فى نفسه وأنه أدرك حقيقته كما تعنى الحفظ
والتقدير والفهم وسلامة الإدراك وأيضا ذكر فى علم النفس أنه قصد بها شعور الكائن
الحى بما فى نفسه وما يحيط به. ويمكن تلخيص ذلك بأن الوعي كلمة تعبر
عن حالة عقلية يكون فيها العقل بحالة إدراك وعلى تواصل مباشر مع محيطه الخارجي عن طريق منافذ الوعي التي
تتمثل عادة بحواس الفرد أو الإنسان.
- من هنا أصبح لزاما لمقاومة العمليات والحرب النفسية وهزيمتها
لابد من زيادة قدرة وصلابة الأفراد المستهدفين والعمل على استقرار الحالة العقلية لهم
لصالح الوطن وذلك بالآتى:
أ- علاج الشائعات
ب- التأكد من المصدر خصوصاً مع الأخبار الحساسة والمهمة.
ﺠ- محاربة الصفحات والمنتديات التي تنشر -( تنسخ وتلصق )-
أخبارا بلا مصادر.
د - الإيمان والثقة في القادة والزعماء والبلاغات
الرسمية وهو أمر جوهري في مقاومة الشائعات.
ﻫ - عرض الحقائق على أوسع مدى.
و- المنطقية في التعامل مع الأخبار.
ز- ضبط النفس ومراجعتها على منهج الآية الكريمة بسم الله
الرحمن الرحيم " وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ
وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)، حيث أن
هناك زمن بين الاستماع والإنصات وهو التدبر والفكر والفهم ثم القرار بالقبول أو
الرفض.
التوعية وزيادة الوعى:
إن الوعى يولد مع بداية إدراك الطفل بما حوله ويزداد
يوما بعد يوم بما يتحصل عليه من تعلم سواء بالبيت أو المدرسة ثم الجامعة ومما يضاف
إليه من ثقافة محيط حياته ومن وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والكتب
وزيارات المتاحف والمشروعات القومية والندوات والدراسات فى مجال عمله ولزيادة وعيه
وقدرته على الاختيار والتقييم يجب التأكيد على الآتى:
1-دراسة التاريخ الإنسانى لبلده شاملة نظم الحكم
والجماعات/ الأحزاب السياسية /العقائدية .
2-التركيز على شرح المشروعات القومية وارتباطها بمستقبل
الفرد وأسرته مع عمل الزيارات المتكررة لمعايشة تطورها (أنفاق قناة السويس
وتفريعتها الجديدة).
3-إن الناس تريد
الحقائق ويجب أن تستغل لقاءات القادة والمسؤلين بالصحافة، والإذاعة والتليفزيون في
تقديم أكثر ما يمكن من الأنباء والتفاصيل مبكرا مع حجب ما يخص الأمن القومى
والإشارة إلى ذلك لكسب ثقة وتصديق الجماهير(كما يفعل الرئيس السيسى).
4-إن الملل والخمول ميدان خصب لخلق الشائعات وترويجها،
فالعقول الفارغة يمكن أن تمتلئ بالأكاذيب، والأيدي المتعطلة تخلق ألسنة لاذعة. لذا
فإن العمل والإنتاج وشغل الناس بما يعود عليهم بالنفع يساعد إلى حد كبير في مقاومة
الشائعات.
5-تدريب المواطنين على كيفية التثبت عند سماع الخبر أو الشائعة
والتفكر فى عواقبها، وأن الناقل للشائعة من الفاسقين.
6-إن الشائعات مصدرها غالباً ما يكون خارج حدود الوطن، وبعضها
من أوكار ضالة ومضلة مثل الكتائب الإلكترونية لجماعة الإخوان الإرهابية أو دول
معادية للنهضة المصرية
فيجب التدبر والفهم عند سماعها أو مشاهدتها فتكتشفها من إعادة القراءة أو المشاهدة
مرة أو مرتين.