السبت 1 يونيو 2024

إلي منير فخري عبد النور.. فرض رسوم حماية على حديد التسليح لمصلحة من؟

فن2-11-2020 | 19:59

حالة من الجدل والارتباك انتابت السوق المصري بعد قرار منير فخري عبد النور وزير الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بفرض إجراءات حماية على صناعة حديد التسليح فى مصر من الزيادة المفاجئة فى الواردات من دول العالم، وفرض رسوم حماية مؤقتة بنسبة قدرها 8% من قيمة (التكاليف والتأمين وأجور الشحن) للطن، وبما لا يقل عن 290 جنيها مصريا عن كل طن من واردات حديد التسليح لمدة لا تتجاوز 200 يوم، وذلك نتيجة لتلقى جهاز مكافحة الدعم والإغراق والوقاية شكوى مؤيدة مستنديا من غرفة الصناعات المعدنية، باتحاد الصناعات المصرية؛ نيابة عن منتجين محليين يمثل إجمالي إنتاجهم نحو 68% من إجمالي الصناعة المحلية لصنف حديد التسليح بتضررهم من حدوث زيادات مفاجئة وغير مبررة فى واردات مصر من صنف حديد التسليح، وهو الأمر الذي يؤثر سلبا على الصناعة المحلية.

ودرست لجنة استشارية، تضم فى عضويتها ممثلين عن الاتحاد العام للغرف التجارية، واتحاد الصناعات المصرية، وجهاز حماية المستهلك، ومصلحة الجمارك المصرية، والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات والتمثيل التجاري، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وممثلين عن وزارات المالية والزراعة والإنتاج الحربى، النتائج التي توصل إليها الجهاز ودراسة الآثار الاقتصادية المترتبة على هذه النتائج، وموافقتها بأغلبية الآراء على التقرير والتوصية باتخاذ إجراءات بدء التحقيق وفرض رسوم وقاية مؤقتة.

هذا القرار كان سببا في حالة من الجدل والاختلاف انتابت السوق المصرية ما بين مؤيد ومعارض لهذا القرار.

قال رئيس اتحاد الصناعات المهندس محمد السويدي، إن قرار وزير الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، منير فخرى عبد النور، بشأن فرض رسوم حماية مؤقتة على واردات حديد التسليح، قرار مدروس عمليًا، ويعتبر نوعًا من العدالة ويحقق مصلحة الصناع والمستهلك.

وأوضح السويدي أن حماية الصناعة المصرية ستنعكس على حماية المستهلك من التعرض للمخاطر، والحكومة تنظر للحماية المستديمة للصناعة وليس الحماية لفترة مؤقتة.

وأشار إلى أن مصر تتعرض للهجوم على الصناعة من دول صديقة وغير صديقة، والتى تحسن أداؤها الاقتصادي على حساب الاقتصاد الوطني، وأنه لا يوجد أي دولة تستورد منها مصر تعرضت للظروف الاقتصادية التي مرت بها طوال العام الماضي.

وبين أن القرار به صياغة متوازنة لمصلحة الطرفين ونظرة مستقبلية، منوهًا عن أن اللجنة التي اتخذته، لجنة محايدة لم يتدخل أي طرف فى أداء عملها، وأن فترة الـ 200 يوم تعتبر مدة عادلة للطرفين.

  من جانبه، أكد جمال الجارحى، رئيس غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، أن قرار فرض رسوم حماية على الحديد بواقع 7.3% على الطن بما لا يقل عن 290 جنيها، الذى صدر شهر أكتوبر عام 2014 لم يؤثر سلبا على واردات الحديد للسوق المصرية، لافتا إلى أنه في الوقت الذى تم فرض رسوم حماية على الواردات، دخل السوق المحلية حديد مستورد بلغ نحو 450 ألف طن بقيمة 220 مليون دولار.

وأضاف الجارحي، أن ما يتردد حول زيادة أسعار الحديد بسبب رسوم الوارد، التى فُرضت بواقع 8% خلال شهر أبريل الجاري لن يؤثر على حجم الواردات من الحديد، موضحا أن توافر الطاقة للمصانع سيساعدها على توفير احتياجات السوق المحلية والتصدير.

وأشار رئيس غرفة الصناعات المعدنية، إلى قيام مصانع الحديد بتقديم العديد من الشكاوى المؤيدة مستنديًا بانخفاض سعر الحديد الوارد لمصر عن أسعار بيعه بالبلاد المنتجة له لجهاز مكافحة الدعم والإغراق، الذى بدوره يجرى تحقيقًا فى الشكوى.

وأوضح أن مصانع الحديد منذ صدور القرار، وحتى الآن لم ترفع أسعار الحديد، قائلاً: "إن هذه الاتهامات لا تمت للحقيقة بصلة، خاصة في ظل وجود نحو 26 مصنعا يعمل فى صناعة الحديد بحجم إنتاج يبلغ 10.5 مليون طن سنوياً وحجم استثمارات يتجاوز الـ 150 مليار جنيه".

ولفت، الجارحي إلى معاناة مصانع الحديد من الخسائر طوال السنوات الأربع الماضية بسبب فوضى الاستيراد وعدم قدرة المصانع على المنافسة، مؤكدًا أنه سيتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد كل من يشهِّر بصناعة الحديد.

وقال: إن صناعة الحديد من الصناعات الاستراتيجية التى يجب على الحكومة والدولة مساندتها وحمايتها من فوضى الاستيراد العشوائى حتى لا تنهار، خاصة أنها توفر على الدولة مئات الملايين من العملة الصعبة.

وأفاد الجارحى، أن دول العالم المتقدمة والنامية تفرض رسوم حماية على واردات الحديد بنسب تتراوح من 15% لـ 18%، هذا بجانب قيام أمريكا بفرض 100 دولار على طن الحديد الصينى.



وحذر التجار من ارتفاع أسعار الحديد بالسوق المحلية، مؤكدين أنه لا يوجد تأثير من القرار على الواردات، وسجلت 450 ألف طن خلال الـ6 أشهر الماضية. 

وعلى العكس يرى محمود عسقلاني رئيس جمعية مواطنين ضد الغلاء أن هذا القرار هو فقط لصالح أحمد عز ومجموعة من رجال الأعمال؛ لأن ذلك سيسبب تحقيق مكاسب كبيرة لهم؛ لأنهم بالفعل قاموا بارتفاع سعر الحديد المحلي بعد فرض الرسوم، حيث إن السعر العالمي للحديد ٣٥٠٠ جنيه للطن، ولكن السعر المحلي وصل الآن الي ٥٥٠٠ جنيه لطن الحديد، وهذا المكسب كله لصالح أحمد عز،

وقال: إن ارتفاع أسعار الحديد سيسبب ارتباكا فى سوق مواد البناء، خاصة بعد قيام التجار بوقف البيع بعد ارتفاع الأسعار، متوقعا تراجع الطلب على مواد، مشيرًا إلى أن هذا سيخلق أزمات بين المصانع والتجار وشركات المقاولات، الأمر الذى سيؤدى إلى إصابة السوق بحالة ركود، على خلفية رفض الجهات المتعاقدة تعديل العقود بالأسعار الجديدة.

 

أضاف عسقلاني: كيف بعد قيام ثورتين يتم فرض رسم حماية على الحديد، حتي يستفيد منه المنتجون المصريون، فهذا القرار جعل صناعة الحديد صناعة انتهازية وليس صناعة محلية.

ما يحدث الآن لصالح أحمد عز وليس أبو هشيمة، كما يقول البعض حتى يبعد الاتهام عن عز، فأسطورة عز لن يتم تبديلها بأي رجل أعمال آخر بدليل سيطرته على سوق الحديد، حتى بعد دخوله السجن.

وأكد عسقلاني أن رجال الأعمال لن يخسروا خلال الأربع سنوات الماضية كما يدعون، بل على العكس، فأصحاب المصانع حققوا مكاسب كبيرة، لذلك لم أجد مبررا وطنيا لهذا القرار، بالإضافة إلى أننا كنا نستورد من قبل الثورة ٣ ملايين طن حديد، والآن نستورد ٧٠٠ ألف طن فقط، وهذا يعني أن النسبة تتضاءل بشكل لم يسبب أي خطر على الصناعة المحلية. 

وأتساءل: لماذا لم تقف الدولة في وجه هؤلاء المنتجين، وتفرض عليهم عدم ارتفاع الأسعار المحلية بعد فرض الرسوم على الصناعة المستوردة، كي نحمي الصناعة المحلية؟

 

من جانبه اعترض أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين على القرار واعتبره مخالفا للقانون وكافة الأعراف والاتفاقات الدولية، مؤكدا أن القانون ينص على أنه إذا قامت شركة بإغراق لصنف معين بالأسواق، يتم فرض رسوم حماية 200 يوم على الشركة، لكن القرار الحالى ينص على ثلاث سنوات، وهى فترة طويلة، كما أنها مطبقة على الحديد القادم من جميع دول العالم باختلاف أسعاره, فما يحدث حاليا تدمير للتجارة لصالح دعم عدد محدود من المحتكرين.

أكد شيحة أن مستوردى الحديد، والذين لا يتجاوز عددهم عن 50 مستوردا، لكونها صناعة متخصصة لن يتضرروا من القرار؛ لأنهم سيحملون الزيادة الجديدة على المستهلك، وبالتالى الخاسر الوحيد هو المواطن.

كما توقع تحركا فى أسعار الحديد المحلى خلال الفترة القادمة فى ظل عدم المنافسة الخارجية، وتحكم الشركات المصرية، والتى لاتلتزم بحركة الأسعار العالمية، فبالرغم من انخفاض أسعار البلت من 800 دولار إلى 400 دولار لم تنخفض أسعار الحديد المصرى, كما أرجع سبب الفارق الكبير فى أسعار الحديد المحلى والمستورد، والذى يصل إلى 500 جنيه للطن إلى المغالاة فى هامش الربح للمصنعين المصريين.

أبدى أحمد الزينى رئيس الشعبة العامة لمواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية اعتراضه الشديد على القرار، مؤكدا أن ممثل الاتحاد العام للغرف التجارية تقدم باعتراض رسمى لوزير الصناعة والتجارة الخارجية، كذلك وافقنا الرأى رئيس جهاز حماية المستهلك، فالقرار كارثى وفى منتهى الخطورة فى الوقت الحالى, فنحن فى طريقنا لإنشاء مشروعات عملاقة تم الإعلان عنها فى المؤتمر الاقتصادى على رأسها العاصمة الجديدة ومشروع المليون وحدة سكنية, بخلاف تطوير محور قناة السويس، وبالتالى فخلال السنوات العشر القادمة سيزيد استهلاكنا من الحديد بمعدل الضعف.

إنتاج مصر من الحديد يقدر بنحو سبعة ملايين طن، يضاف إليهم مليون طن مستورد، فالإنتاج المحلى لا يغطى كافة احتياجاتنا، لذا نضطر للاستيراد، وهناك بعض المصنعين يلجأون لاستيراد الحديد لتغطية طلباتهم.

ناشد الزينى الحكومة بتشكيل لجنة محايدة لدراسة متطلبات السوق المصرى من الحديد فى المرحلة القادمة وتأثير القرار على أسعار العقارات.

قرار وزير الصناعة لايهدف إلى حماية الصناعة المحلية، كما يدعى، بل حماية الحيتان الخمسة الكبار محتكرى سوق الحديد فى مصر، وعلى رأسهم مجموعة أحمد عز، والتى تسيطر على 50 بالمائة من السوق، يليه كل من أبوهشيمة والجارحى وبشاى والضو فيحتلون نسبة 40 بالمائه, أما باقى النسبة وهى الفتات فتمثلها بعض المصانع الصغيرة, وللقضاء على تلك الاحتكارات يجب على الجيش إقامة مصنع للحديد، مثلما حدث مع الأسمنت، خاصة أن احتياجاته لتلك السلعة فى تزايد، ويمكنه محاربة المحتكرين.

توقع الزينى تأخر تأثير القرار على أسعار الحديد بعد عيد الفطر، فالشهر القادم خاص بالحصاد، ويليه رمضان، فيقل الاستهلاك فيهما، لكن الخطورة إذا تزامن ذلك مع ارتفاع الأسعار العالمية للحديد، وبالتالى فسعر الطن سيرتفع بما لا يقل عن 600 جنيه.

 نقلا عن مجلة المصور