الخميس 23 مايو 2024

د. سمير شاهين: ٤٠٠ مليون جنيه وفرها «التنسيق الإلكترونى» لأولياء الأمور والجامعات

26-4-2017 | 12:25

حوار: شنودة سعد

 

بجانب عمله الجامعى، ورحلته الطويلة فى هذا المجال، يمتلك د. سمير شاهين.. شخصية مبدعة، وإلمام هائل بكل التطورات التكنولوجية والعملية على مستوى العالم.

“د. شاهين» العميد الأسبق لكلية الهندسة، الذى تحدثت إليه «المصور»، قدم لنا فى الحوار التالى، حديثا شاملا عن الأفكار والمشروعات، التى قدمها لمصر خلال السنوات الماضية، والتى لعبت دورا فى أن تكون التكنولوجيا حاضرة فى غالبية المجالات.

وما بين الحديث عن تجربة التنسيق الإلكترونى، الذى بدأ العمل به إلى جانب النظام الورقى فى العام ٢٠٠٤، ليتم التعامل به بشكل كامل بعدها بثلاث سنوات، ومشروع الشبكة المصرية للعلاج عن بُعد، والسجلات الصحية الإلكترونية، دار الحوار التالى:

لماذا فكرت فى التنسيق الإلكترونى وماذا قدمت من أفكار فى هذه التجربة؟

بدأ العمل بالخدمة الالكترونية إلى جانب النظام الورقى المعتاد عام ٢٠٠٤، ثم تحول التنسيق إلى النظام الإلكترونى فقط فى عام ٢٠٠٧ ليوفر على مئات الآلاف من الطلاب سنويا التزاحم بمكاتب التنسيق ومصاريف الانتقالات وتكاليف المظاريف، ويوفر كذلك على الدولة تشغيل مكاتب التنسيق وتوفير الأوراق ومشاكل المرور المترتبة على توجه الطلاب لجهات مكاتب التنسيق فى فترات محددة وما قد ينتج عنه من مشاكل أمنية متكررة.

ويمكن للطالب الحصول على الخدمة باستخدام رقم سرى يتسلمه مع استمارة النتيجة، يمكنه من الدخول على الموقع واستعراض بياناته الأساسية، ثم استيفاء استمارة التقدم للتنسيق أو مراجعتها وتعديلها أى عدد من المرات خلال المرحلة الخاصة به، ويمكن للطالب الحصول على الخدمة من أى جهاز متصل بالشبكة العالمية، وفى نفس الوقت توفر الدولة الخدمة بالمجان فى معامل الحاسبات المتوفرة بالجامعات والمعاهد المصرية، إلى جانب نوادى التكنولوجيا التابعة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث يتمكن الطالب من استيفاء استمارته أو تعديلها وطباعتها بالمجان، ويتواجد بكل معمل عدد من المتخصصين المدربين على استخدام التطبيق لمساعدة الطلاب أثناء استيفاء استماراتهم

وإضافة لما حققه التنسيق الإلكترونى من توفير فى الوقت وسهولة التعامل وإمكانيات توفير خدمة متميزة بدون جهد الانتقال، وقدم هذا المشروع القومى وفرا فى صور مختلفة للطلاب وأسرهم أكثر من ١٠٠ مليون جنيه كل عام، إضافة لتوفير يصل إلى ٣٠٠ مليون دولار فى كل عام للجامعات عن طريق تقليل أعداد الطلاب بالمدن الجامعية وتوفير فى ملايين نسخ الأوراق التى كان يتم طباعتها ليستخدمها الطالب وأسرته فى التقديم، إضافة لتوفير ملايين الرحلات، التى تنقل الطلاب لمواقع التقدم الورقية وما يترتب علية زحمة الشوارع وسائل المواصلات.

ويتم سنويا تحويل نحو ٧٠ ألف طالب إلى نفس المدينة أو المحافظة التى بها منزل ولى أمره، وذلك بوضع أسس ذكية للتوزيع الجغرافى وفتح الباب لتحويل الطلاب إلى الجامعات القريبة من منزله الكترونيا، وهذا ساهم فى توفير للجامعة بالإضافة إلى توفير فى إنفاق الأسرة المصرية، لذلك العائد الاقتصادى لمشروع التنسيق الإلكترونى يؤثر على طلاب الكليات بمختلف سنواتهم الدراسية.

هل هناك أهداف أخرى لمشروع التنسيق الإلكترونى؟

بالطيع.. توفير كافة الخدمات التعليمية الإلكترونية من خلال الإنترنت اعتمادا على قواعد البيانات المحدثة، أيضا النهوض بالخدمات التعليمية المقدمة للطلاب ورفع كفاءة الإدارة التعليمية من خلال نظام متابعة فعال وشفاف، إضافة إلى تحول الاعتماد على الخدمات من الورقية إلى خدمات إلكترونية يسهل متابعتها وإدارتها، وزيادة ثقة الجماهير فى الخدمات المعلوماتية والعمل على تعلم استخدامها ذاتيًا.

ماذا عن مشروع الشبكة المصرية للعلاج عن بُعد؟

تقديم الخدمات الصحية المتطورة لجميع المواطنين هدف أساسى من أهداف تقديم الخدمات الصحية على مستوى الجمهورية، بغض النظر عن الموقع الجغرافى للمريض والمشكلة الأساسية هى تركز الخبرات الطبية من استشاريين ومتخصصين فى الحالات المرضية الخطيرة أو التى تحتاج لخبرات خاصة فى القاهرة والإسكندرية وعدد محدود من المواقع الجغرافية على مستوى الجمهورية، ويتطلب الأمر فى بعض الحالات سفر المريض إلى أحد هذه المراكز، أو سفر الأخصائى أو الاستشارى إلى مكان المريض، والمشكلة الأخطر أنه فى بعض الحالات لا يتمكن الطبيب المقيم فى المواقع النائية من اكتشاف خطورة الحالة أو التعرف على ضرورة عرضها على أخصائي، لهذا اتجه التفكير إلى استغلال تكنولوجيا الاتصالات والحاسبات وما توفره الآن من إمكانات فى توفير طريقة بسيطة وفعالة ليتمكن المرضى ذوو الحالات الخاصة أو الخطيرة، أو خلال الأزمات والحوادث وفى المناطق النائية، حيث لا تتوفر الخبرة الطبية الكافية من الحصول على أراء استشارية واتخاذ قرارات إما علاجية أو سفر الحالة أو غيرها من القرارات الطبية، التى يمكن أن تنقذ حياة المريض وتوفر له إجراء طبيا سليما.

العلاج أو التطبيب عن بُعد هو ممارسة الرعاية الطبية باستخدام وسائل الاتصال السمعية والبصرية والبيانية، وعلى هذا فإن الهدف الرئيسى للشبكة المصرية العلاج عن بُعد هو المساعدة فى نقل بيانات المريض والدلالات التى تساعد الطبيب فى التشخيص من مكان وجود المريض إلى مكان وجود الخبرة الطبية، إضافة لنقل صورة حية حقيقية للمريض والسماح بتبادل الرأى والمشورة بين الطبيب المباشر لحالة المريض والموجود بجانبه والاستشارى ذو الخبرة الطبية المتخصصة فى مكان بعيد ونقل صور أخرى مثل الأشعات المختلفة (أشعة اكس أو أشعة الرنين المغناطيسى أو الأشعة المقطعية أو الأشعة الموجات فوق الصوتية … الخ)، وذلك لأغراض التشخيص والاستشارة الطبية، وفى هذا الإطار تسعى الشبكة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف المترابطة وهى:

أولا: تحسين ورفع جودة الرعاية الطبية فى مصر من خلال إتاحة الاستشارات الطبية المتخصصة بسهولة سواء بين التخصص الواحد أو بين تخصصات مختلفة.

ثانيا: إدارة أفضل فى تحويلات المرضى والانتقالات والغرض منها تقليل تحويل الحالات التى ليست فى حاجة لتحويلها من الأصل أو فى حالات الاستشارة.

ثالثا: توفير الوقت والجهد والتكلفة فى نقل المرضى إلى المراكز المتخصصة سواء بالقاهرة أو عواصم المحافظات أو إلى خارج مصر وبخاصة عند السفر لمتابعة العلاج.

رابعا: القضاء على عزلة الأطباء فى المناطق النائية وربطهم بالجهات العلمية والمساعدة على نقل الخبرات التشخيصية لهم من خلال متابعتهم للحالات المرضية تحت الفحص.

خامسا: الارتقاء بالمستوى العلمى للأطباء وهيئات التمريض عن التعليم الطبى المستمر، واستغلال الشبكة فى نقل الندوات الطبية والمواد العلمية المتخصصة.

سادسا: تقديم خدمات سريعة للمناطق النائية والمعزولة فى حالات الحوادث والكوارث من خلال استخدام وحدات متحركة (سيارة مجهزة) لنقل مؤتمرات الفيديو.

وقد أتاح التقدم السريع فى مجال الاتصالات والحاسبات ونظم نقل الإشارات والبيانات وتكنولوجيا الوسائل السمعية والمرئية الفرصة لدول العالم لمواكبة أحدث الابتكارات والاطلاع على كل ما هو جديد فى مجال تكنولوجيا المعلومات، كما ساعد تقدم وتوافر التقنيات الحديثة فى هذه المجالات على إمكانية تصميم وتنفيذ مشروع متكامل لتقديم خدمات التشخيص والعلاج عن بعد، ونظرا لما تتمتع به جمهورية مصر العربة من بنية تحتية قوية (Infrastructure) فى مجال الاتصالات تتمثل في، وجود شبكة رقمية تحتية تصل جميع مناطق الجمهورية ببعضها البعض، ووجود خطوط اتصال رقمية بأكثر من ٩٠٪ من سنترالات الجمهورية وخلال الفترة القليلة القادمة تغطى ١٠٠٪ من جمهورية مصر العربية، وتوفر خطوط نقل البيانات من خلال شبكة النقل اللاتزامنى ATM وخطوط الربط باستخدام Frame Relay، وتوفر خطوط الشبكة الرقمية المتكاملة الخدمات ISDN بمعظم سنترالات الجمهورية.

فى نفس الوقت هناك مشروع قومى لزيادة الشبكة الرئيسية (Backbone Network) ومضاعفة قدرتها على نقل البيانات والمعلومات عدة مرات خلال الفترة القصيرة المقبلة ( ٦-١٢ شهرا).

لكل ما سبق كان التفكير فى استخدام نظم مؤتمرات الفيديو عن بعد (Tele-Video-Conference) والإمكانات الموجودة الآن لتوصيل الأجهزة والمعدات الطبية على هذه النظم فى عمل نظم للعلاج والتطبيب عن بعد ويهدف المشروع إلى تقديم المشورة الطبية للحالات المطلوب فيها رأى استشارى لا يوجد محليا فى المستشفى أو المركز الطبى النائى فى إحدى محافظات الجمهورية عن طريق استخدام نظام التطبيب من بعد (Tele-Medicine) وبهذا يمكن تخطى عاملى الزمن والمكان لتقديم خدمة طبية متطورة فى أى مكان بالجمهورية.

قدمت مشروع السجلات الصحية وطب الأسرة.. ما الفائدة المرجوة من هذا المشروع؟

الملف الصحى عبارة عن تسجيل كامل للتاريخ الصحى للفرد، مشتملا على الأمراض التى تعرض لها وأسلوب العلاج وأسماء الأدوية مع التركيز على الظواهر الطبية المؤثرة على مستقبل الفرد، ويتم تسجيل هذه البيانات بواسطة الأخصائيين ومقدمى الخدمة الطبية.

والملف الصحى الإلكترونى عبارة عن السجل الصحى للفرد مسجلا على الحاسب من خلال نظام معلومات، وذلك لتحقيق سرعة الوصول إلى جميع البيانات والإشارات الصحية والاستشارات والآراء الطبية الخاصة بالمواطن، وبذلك يكون الغرض الرئيسى منه خدمة الفرد على وجه التحديد.

ويمكن تقسيم الملف إلى قسمين: القسم الأول يحتوى على بيانات الفرد الصحية إضافة إلى بيانات البيئة المحيطة وهى تقريبا بيانات ثابتة أو بيانات معدل التغيير فيها بطيء نســبيا، والقسم الثانى ويحتوى على بيانات الخدمة الطبية المقدمة للفرد، وخصوصا الخدمة الطبية الدورية. وفى هذا الإطار يأتى مشروع «السجلات الصحية الإلكترونية» معتمدا على الخبرة المكتسبة فى المشروعات السابقة بهدف بناء الوسائل وتوفير الأدوات اللازمة لإنشاء سجل صحى إلكترونى لكل مواطن، وكذلك بعض البيانات عن البيئة المحيطة على أن يتم حفظ السجلات فى شبكة القومية للمعلومات الصحية، والغرض من الملف الصحى المتابعة الكاملة لكل الأعراض المرضية خلال التاريخ الصحى للفرد مشتملا على الأمراض التى تعرض لها وأسلوب العلاج وأسماء الأدوية مع التركيز على الظواهر الطبية المؤثرة فى المستقبل الصحى الفرد، وعلى أن يتم توصيف هذه البيانات بواسطة الأخصائيين أو مقدمى الخدمة الطبية أنفسهم

وهذا الاستثمار، الذى تقوم به الدولة يهدف أساسا إلى خدمة صحية أفضل للمواطن ثم توفير أسلوب إدارة أفضل للموارد البشرية والمادية بوزارة الصحة، عن طريق حفظ البيانات الصحية للفرد والبيئة المحيطة إلكترونيا، ويساعد فى معرفة الحالة العامة للمواطنين وتحسين الخدمة الطبية المقدمة باستخدام تلك المعلومات، إضافة إلى حفظ بيانات تطعيمات الأسرة يسـاعد على الوقاية من انتشـار الأمراض، وسرعة الوصول للمعلومات عند متابعة الحالة الصحية للفرد ومنع تكرار الاختبارات والتحاليل والأشعة إلا عند الحاجة فقط، كما أنه يعمل على إحداث ترصد سريع لأى حالات وبائية وإعلام المركز الرئيسى بها فى الحال لاتخاذ اللازم، وفى حالة ظهور عدد من الحالات فى منطقة معينة يتم التعميم بظهور وباء ورفع حالة الاستعداد لمنع انتشاره والقضاء عليه بأقصى سرعة.

ومن المؤكد أن هذه المعلومات سوف تساعد فى رسم السياسة الدوائية للوزارة سواء فى تشجيع إنتاج أصناف معينة من الدواء أو عند التوزيع على مستشفيات وزارة الصحة.

ويأتى هذا المشروع فى إطار إستراتيجية وزارة الصحة نحو إدخال عناصر التقنية العالية (أجهزة حديثة، حاسبات، نظم معلومات) فى جميع أوجه تقديم الخدمة الطبية أو فى إدارة الخدمة الطبية نفسها، مع زيادة كفاءة استخدام الموارد الحالية منها، وذلك بهدف تحسين الحالة الصحية للمواطنين ولتحسين البيئة المحيطة ما أمكن.

ويهدف مشروع نظام معلومات السجلات الصحية إلى تطوير نظام معلومات وقاعدة بيانات السجلات الصحية للمواطنين مع ربط جميع الوحدات الصحية والحضرية من خلال شبكة حاسبات خاصة تخيلية “Virtual Private Network”، حيث تنتشر هذه الوحدات فى الريف والحضر بإجمالى يقترب من ٤ آلاف وحدة تغطى حوالى ٥٠٪ من تعداد المواطنين، وتحتوى السجلات الصحية على أهم البيانات الصحية للمواطن، وتمثل دليلا كاملا من المعلومات الموثقة عن بيانات الفرد والأسرة الصحية يمكن تداوله والاطلاع علية من قبل المواطن أو الطبيب المختص وكذا يمكن استخدامه من قبل الإدارة العليا فى إصدار الإحصاءات المطلوبة. وبهذا يكون الغرض الرئيسى من ميكنة السجل الصحى للمواطن وربطه بالرقم القومى هو حفظ المعلومات وسهولة تداولها عند الحاجة، وسهولة توظيفها فى الحصول على رعاية طبية وعلاجية أفضل، ولخدمة أغراض الوزارة المختلفة.

وبشكل عام تحقق عملية بناء السجلات الصحية للمواطنين عدة أهداف، أبرزها، معرفة الحالة العامة للمنتفع واستخدام هذه المعلومات فى متابعته صحيا، وإجراء مسح صحى لجميع أفراد المجتمع ليتسنى تقييم المجتمع من حيث نسبة انتشار الأمراض والوفيات والعوامل المسببة لكل منها، والعمل على الحد من انتشـار الأمراض عن طريق تسـجيل التطعيمات للأطفال والكبار، وكذا التشخيص المبكر للأمراض ومحاولة الحد من المضاعفات وبالتالى تقليل نسبة الوفيات، إلى جانب وضع خطط صحية « وقائية « على أسس سليمة يتم من خلالها ترشيد الدواء وترشيد الخدمات الصحية نظرا لارتفاع تكلفة العلاج، وعمل دراسات لتحديد تأثير البيئة المحلية والمواقع الجغرافية فى السجلات الصحية وتأثير البيئة على الأمراض المتوطنة مثل البلهارسيا والفشل الكلوي.

كما يهدف الفحص الطبى الشامل للفرد المقيم فى زمام مركز طب الأسرة إلى اكتشاف أى إعاقات أو أمراض سواء خلقية أو وراثية أو مكتسبة، وتوفير قواعد بيانات صحية متكاملة مجمعة لخدمة أغراض وزارة الصحة والباحثين، استخدام البيانات العلمية فى تخطيط بناء مستشفيات أو وحدات صحية وتحديد أسلوب العلاج والوقاية.