اعتقلت الشرطة الفرنسية في باريس، اليوم الثلاثاء، رجلًا مسلحًا بمنجل "ماشيتي"، وسط حالة من الهلع تعيشها فرنسا تحسبًا لأي هجمات إرهابية.
وذكرت مصادر في الشرطة، أن الرجل اعتُقل في فندق واقع في الدائرة 11 بباريس، ووصلت السلطات إلى الفندق بعد أن أخبر ركاب المترو الشرطة أنهم رأوا رجلاً مسلحًا بمنجل في محطة "Père Lachaise".
وما زالت تداعيات جريمة قتل المعلم الفرنسي وما تلاها من إعادة نشر مجلة شارلي إيبدو لبعض الرسوم الكاريكاتورية الساخرة من الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، خاصة عرض تلك الرسوم على واجهات مؤسسات رسمية، تثير ردود فعل واسعة داخل فرنسا وخارجها، خاصة في الدول الإسلامية، ولعل العملية الإرهابية التي عرفتها نيس، توضح حجم الانزلاق الذي تسير فيه الأحداث، والذي حذر منه كثيرون.
جاء هذا التوتر الدامي مسبوقًا بحديث للرئيس الفرنسي عن مشكلة يواجهها الإسلام حول العالم، هذا التزامن، في سياق يعرف الجميع بأنه يتميز بفشل فرنسا في مواجهة جائحة كورونا.
ويكشف أن كثيرًا من السياسيين الفرنسيين وعلى رأسهم ماكرون، أضحى يمثل لهم الإسلام والمسلمون موضوعًا مثاليًا للهروب من مشاكل الواقع الاقتصادي والاجتماعي، وفي الوقت عينه فرصة للاستثمار في لحظة الانتخابات الرئاسية المقبلة في تنافس مقيت حول أصوات اليمين المتطرف الصاعد في فرنسا.
ويمثل مشكلة حقيقية اليوم في فرنسا، ليس فقط التنافس في ضفة اليمين، بل هذه النزعة الشمولية التي تسعى إلى تحويل الإسلام إلى حالة رُهاب جماعية وفق إجماع قسري، برز ذلك بشكل صريح وواضح سنة 2015 عقب الهجوم الإرهابي على مجلة شارلي إبدو، وإن كان كثير من المثقفين خضعوا لتلك الأجواء التي عمت فرنسا، فإن المفكر إيمانويل تود (Emmanuel Todd) مثلا، حالة خاصة لم تكتف بدور الاستثناء، بل إنها ساهمت في تعرية هذا الإجماع الخادع.
ويقول إيمانويل يخطئ المثقف هدفه الأساسي، إذا استكان إلى خطاب العامة، ووافق الجمهور في كل ما يذهب إليه صونا للإجماع الوطني، قال ذلك في لحظة فاصلة من حياة فرنسا عندما تحول الإرهاب في حادثة شارلي، إلى حافز لإجماع وطني قسري مسيج بشمولية قاتلة تناقض المبادئ التي قامت عليها الثورة الفرنسية من حرية التعبير والرأي، فكان إيمانويل بذلك حالة فريدة، غردت خارج السرب وطرحت على فرنسا الشعبية والعالمة أسئلة عميقة.