أجمع مصرفيون على
أن حركة الإصلاحات الاقتصادية التي طبقتها مصر انعكست ايجابياً على ارتفاع
الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى نحو 45 مليار دولار، وانخفضت الآن نتيجة أزمة انتشار
فيروس كورونا إلى 39 مليار دولار كما تحسّن عجز الموازنة العامة للدولة، وتم توفير
النقد الأجنبي في البنوك العاملة بالسوق المصرية، الأمر الذي انعكس إيجابياً على ارتفاع الثقة في الاقتصاد المصري ورفع من قدرة
مصر على جذب تدفقات كبيرة للاستثمار الأجنبي، وكذلك قدرة البنوك المصرية على ضخ التمويلات.
برنامج إصلاح اقتصادي
أكد محمد عبد العال، الخبير المصرفي، أن تطبيق برنامج
إصلاح اقتصادي كان ضرورة مهمة وعلامة فارقة في تسلسل تاريخنا الاقتصادي، فلنا أن
نتصوّر إذا لم يكن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ في 2016، وبدأ في تفعيل برامجه
ومحدداته وفقاً لما هو مخطط مع صندوق النقد الدولي ماذا كان حال شكل الاقتصاد
المصري الآن فى ظل جائحة كورونا التى تعتبر أولى الاختبارات الصعبة التى مر بها
العالم ونحن جزء من هذا العالم.
وأضاف أن الجائحة أثرت على القطاعات
الاقتصادية في دول العالم التى انهار اقتصاد أغلبها لولا الإجراءات التى تمت من
خلال البرنامج الاقتصادى والإصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية التى تمت وجعلت
من الاقتصاد المصرى حائط صد قويا أمام تداعيات فيروس كورونا.
وقال الخبير المصرفي إن قرار البدء
فى تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادى مع بدايات 2016 الذى سبق أن تم التمهيد له بدءا من
2014 ببعض الاجراءات المرتبطة بالموازنة ورفع الدعم تدريجيا، لافتا إلى أنه خلال
2016 بدأت مصر ولأول مرة تأخذ قرارا تاريخيا فى تاريخ اقتصادها المعاصر وهو قرار
"تعويم الجنيه".. وقبل هذا القرار كان الاقتصاد المصرى يدار وفقا لردود
الأفعال دون تخطيط.
وعن
قرار التعويم أشار عبد العال إلى أنه اتُخذ لأن سوق النقد كان يدار بنظام السوق
الموازى (السوق السوداء)، ويتحدد سعر العملة وفقا لرغبة مافيا تجار العملة فى مصر
وفى الخارج. هذا الوضع جعلنا نعانى من نقص شديد فى النقد الأجنبى ومصادره، وكان
السعر فى السوق السوداء يعلو السعر الرسمى كثيرا بشكل مبالغ فيه.. وعندما صدر قرار
التعويم حتى الآن تدفقت الأموال بالنقد الأجنبى عبر شرايين الجهاز المصرفى حتى
وصلت حتى الآن 431 مليار دولار.
وأضاف
عبد العال أنه عندما اتخذ القرار واستقر سعر الصرف اعطى فرصة للبنك المركزى أن
يبدأ فى تفعيل سياسته النقدية التقشفية لأن التضخم وصل 33% بعد التعويم وتمت
السيطرة عليه.
وعندما استقر سعر الصرف ووصلت
الفائدة لنسبة كبيرة جذب هذا المزيد من تحويلات المصريين بالخارج والاستثمار
الاجنبى المباشر فى اوراق الدين الحكومية كما ارتفع الاحتياطى النقدى الى 45 مليار
دولار لأول مرة فى تاريخ مصر.
وبدأ البنك المركزى فى سياسته التحفيزية لتخفيض
أسعار الفائدة، مع مواجهتنا لجائحة كورونا، حتى خفض اسعار الفائدة 3% خلال مارس
مرة واحدة مما ترتب عليه تدفق فى ودائع القطاع العائلى والاستثمار الاجنبى المباشر
واصبح اداء الجنيه المصرى تانى افضل اداء فى العالم بعد العملة الروسية.
وأشار إلى أنه لولا مجمل قرارات
الإصلاح الاقتصادى لما تحسنت مؤشرات الموازنة المالية، فكان عجز الموازنة يفوق
10%، وانخفض حاليا بعد اتباع سياسات رفع الدعم، كما تحسن العجز فى ميزان المدفوعات
وانخفضت البطالة. ففيما يخص تقييم المؤسسات المالية العالمية تم تثبيت تقييم
الملاءة الائتمانية لمصر عند B+ مع الحفاظ على نظرة مستقبلية إيجابية
وبالتالى نعتبر من الدول الوحيدة فى العالم التى تم تثبيت تقييم جدارتها
الائتمانية.
قرار تعويم الجنيه
أكد هاني أبوالفتوح الخبير المصرفي، أنه على الرغم من أن قرار
تعويم الجنيه، كان له عديد من التأثيرات السلبية على المواطنين من حيث ارتفاع
الأسعار، إلا أنه حوّل توجهات المستثمرين الأجانب إلى مصر، وأصبحت مركزًا مفضلُا
لهم، وساهم في دفع معدل النمو الى مستويات قياسية، كما أشارت توقعات المؤسسات
الدولية بأن مصر ستكون الأسرع نمواً والوحيدة التي ستحقق معدل نمو موجب في دول
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأضاف أن التعويم هو أسلوب في إدارة
السياسة النقدية ويعني ترك سعر صرف الجنيه المصري يتحدَّد وفقا لقوى وظروف العرض
والطلب في سوق النقد، بحيث لا تتدخل الحكومة أو البنك المركزي في تحديد سعر العملة
بشكل مباشر.
وأوضح "أبو الفتوح " أنه
مع مرور 4 سنوات، على قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر الصرف، وهو ما يعرف
بتعويم الجنيه، وهو إنشاء نظام سعر الصرف المرن. فقد فرض برنامج الإصلاح الاقتصادي
تعويم الجنيه المصري من بين إجراءات صارمة أخرى.
وأشار الى أنه مع تعويم الجنيه
المصري عاد سوق الصرف الأجنبي إلى طبيعته واختفى السوق الموازية للعملات الأجنبية،
وبدأت جهود كبح عجز الموازنة تؤتي ثمارها، ونجحت جهود السياسة النقدية في خفض
التضخم، الذي وصل إلى أكثر من 35٪ في يوليو 2017.